هل الصحابة كلهم عدول ثقات
هل الصحابة كلهم عدول ثقات من الأسئلة التي قد ترد في بال أي مهتم بدراسة علم الحديث، أو حتى من يستمع إلى الحديث فقط في خطبة الجمعة لكن قد سمع الكثير من الروافض والشيعة يطعنون في هذا الباب آملين أن يهدموا أحد ثوابت الأمة الإسلامية بهدم السنة الشريفة.
كما أن العلماء القدماء قد تناولوا هذا الباب منذ القدم بالبحث والتفصيل بالأدلة الشرعية من القرآن الكريم ومن السنة النبوية وبالأدلة العقلية أيضًا، في هذا الموضوع على موقع زيادة سنتناول أقوال الفقهاء وعلماء الحديث والعقيدة في سؤال هل الصحابة كلهم عدول ثقات.
هل الصحابة كلهم عدول ثقات
أجمع أئمة الأمة الإسلامية في القديم والحديث على تعديل الصحابة وتنزيههم بصورة كاملة عن الكذب على رسول الله عليه وسلم ووضع الأحاديث.
قال بهذا علماء الفقه وعلماء الحديث، ولم يخرج عن رأي الجماعة إلا قلة من الفرق التي أجمعت الأمة بضلالتها وانحرافهم عن الصواب ولا يؤخذ بأقوالهم، لذلك قد صنف العلماء الكتب في إثبات عدالة صحابة الرسول رضوان الله عليهم، ولضيق المقال سنورد بعض الأدلة على ذلك في ما يلي:
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: أسئلة دينية ومعلومات مفيدة
أدلة عدالة الصحابة من القرآن الكريم
أدلة عدالة الصحابة رضوان الله عليهم في القرآن الكريم لا تتمثل في آيات معينة بل جل الكتاب الكريم دليل على ذلك، فهم الرجال الذين نزل فيهم وهم من حملوه لنا وهم وسيلة حفظه التي اختصهم الله بذلك، فقال الله تعالى:
“إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” (الحجر 9).
كما أنا كل الآيات التي ورد فيها ثناء على خصال المؤمنين وأو جهادهم ، وإبراز صفات المتقين والمجاهدين والشهداء جاءت في الصحابة رضوان الله عليهم.
رغم كل ذلك هناك الكثير من الآيات التي جاءت بتصريح لا يقبل التأويل بعدالة الصحابة، وحتى إذا قال قائل أن الآيات جاءت في الثناء على صفاتهم، فرد علماء الحديث أن التعديل في علم الجرح والتعديل يكون بثناء أثنين من البشر؛ فكيف لا يكون عدًا من أثنى عليه رب العزة من فوق سبع سموات في قرآن يٌتلى إلى يوم يرث الله الأرض ومن عليها !؟ كما قال ابن النجار في كتابه (شرح الكوكب المنير 2/475).
الآيات التي تثبت عدالة الصحابة
من هذه الآيات على سبيل التمثيل لا على الحصر:
قال الله تعالى في سورة البقرة: “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (218)”.
وردت هذه الآية الكريمة في الثناء على الصحابة الأولين الذين هاجروا مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
- قال الله تعالى في سورة آل عمران:
“الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ” (172-174).
جاءت هذه الآية الكريمة في وصف أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وقوة صبرهم وقوة إيمانهم بالله
- قال الله تعالى في سورة الأنفال:
“وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” (62-63).
تذخر هذه الآية بالثناء على الصحابة وتكيتهم إلا أن قد يلفت الانتباه فيها أن الله تعالى هو من ألف بين قلوبهم.
- قال الله تعالى في سورة التوبة:
“السَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رضي الله عنهم وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” (100).
قد وعدهم الله تعالى بالجنة فكيف لا يكونون عدول.
ردًا على من قال أن حرف (من) جاء للتبعيض وأن هذا الثناء لا يكون إلا للسابقين الأولين للمؤمنين؛ أن الوصف يشمل كل الصحابة لأن الصحابة كلهم هم سابقون بالنسبة للأمة، فحرف (من) جاء للتبين.
- قد وصف الله تعالى الصحابة بكل الصفات التي تثبت عدالته فهم الجيل المثالي السامي في الأخلاق والمثل، فقال في سورة الفتح:
“مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)”.
هذا بجانب العديد من الآيات الأخرى التي يصعب حصرها، وقد حاول “محمد محمود لطيف” القيام بذلك في كتابه (عدالة الصحابة رضي الله عنهم عند المسلمين).
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: كم عدد الصحابة
أدلة عدالة الصحابة من السنة النبوية
تذخر السنة النبوية بالعديد من الأدلة على عدالة الصحابة رضوان الله عليهم، كما أنه يمكننا أن نقول مثلما قلنا عن الدليل من القرآن على عدالتهم؛ ذلك لأن الصحابة هم ن نقلوا إلينا هذه الأحاديث وتحملوا عظم أمر نقلها بدقة.
كما أن الأحاديث في فضل الصحابة على لونين:
- ما اشتملت على فضل الصحابة أجمعين في العموم.
- ما خص بها الرسول صلى الله عليه وسلم صحابي بعينه بالفضل.
بذلك كلاهما تثبت عدالة الصحابة وصدقهم في نقل الأحاديث.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته
الأحاديث التي تثبت عدالة الصحابة
لإجابة سؤال هل الصحابة كلهم عدول ثقات من الأحاديث التي تدل على فضل الصحابة أجمعين وعدلهم نجد:
- بين الرسول صلى الله عليه وسم أن خير القرون هو القرن الذي عاش فيه والصحابة رضوان الله عليهم يعشون فيه، بل عدد صفات أصحابه الحميدة ، وذلك في الحديث الذي رواه عمران بن الحصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ – قالَ عِمْرانُ: لا أدْرِي: ذَكَرَ ثِنْتَيْنِ أوْ ثَلاثًا بَعْدَ قَرْنِهِ – ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ، يَنْذِرُونَ ولا يَفُونَ، ويَخُونُونَ ولا يُؤْتَمَنُونَ، ويَشْهَدُونَ ولا يُسْتَشْهَدُونَ، ويَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ” (صحيح البخاري 6695).
- نهانا الرسول صلى الله عليهم سلم عن الخوض في الصحابة وسبهم وقد أكد إننا مهما عملنا من خيرات لن نصل أبدًا لما منولتهم، وذلك دليل واضح على عدالة الصحابة لا يقبل التأويل، جاء ذلك في الحديث الذي رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“لا تَسُبُّوا أصْحابِي، لا تَسُبُّوا أصْحابِي، فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ لو أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما أدْرَكَ مُدَّ أحَدِهِمْ، ولا نَصِيفَهُ” (صحيح مسلم 2540).
- قد شبه الرسول صلى الله عليهم وسلم أصحابه بأنهم النجوم التي تهدي الناء إلى طريق الرشد بشرع الله تعالى وسنة نبيه وهذا دليل واضح على عدالتهم وصدقهم ووجوب الأخذ عنهم، جاء ذلك في حديث طويل رواه أبو موسى الأشعري ورد في صحيح مسلم برقم 2531 تقتطف منه قول النبي
“… النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ ما تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي ما يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتي ما يُوعَدُونَ”.
- في خطبة الوداع أمر الرسول أصحابه نقل قوله وأن يشهد الحاضر الغائب، وذلك دليل على عدالتهم، كما جاء في الحديث الخاص بخطبة الوداع الذي رواه سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وورد في صحيح البخاري برقم 105.
هذا بجانب عدد كبير من الأحاديث لا يمكن جمعها كلها لضيق المقال، لكن يمكن لمن يرد الاستزادة من المعرفة التوجه إلى مصادرنا في أمهات الكتب في الأسفل.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: من هم بني أمية والصحابة الأمويين ؟
الدليل العقلي على عدالة الصحابة
لا يختلف مسلمان على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أتى إلى البشرية أجمعين بالهدى ودين الحق ومكارم الأخلاق، وأنه هو خاتم الأنبياء، نشهد جميعًا أنه أدى الأمانة وبلغ الرسالة على أكمل وجه، لذلك من تمام الرسالة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أصحابه كافة الشريعة الإسلامية وأخلاقها وهذا يجعلهم عدول ثقات.
قد قال الله تعالى ذلك في كتابه الكريم بأن جعل الرسول هو المعلم الأول لأصحابه فقال في سورة البقرة:
“رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)”.
المصادر
قد اعتمدنا في نقل قول الفقهاء والمحدثين على سؤال هل الصحابة كلهم عدول ثقات على عدة مصادر أهمها:
- القرآن الكريم.
- الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
- أصحاب رسول الله في القرآن.
- شرح أصول اعتقاد أهل السنة.
- شرح النووي على صحيح مسلم.
- إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول.
- قواعد الحديث.
- تيسير مصطلح الحديث.