صفات عنترة بن شداد

صفات عنترة بن شداد قد تبدو مألوفة للبعض، وذلك بسبب ذكره المستمر حتى يومنا هذا، فقد ذاع صيت عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قراد العبسي من القرن السادس الميلادي حتى القرن الواحد والعشرين، جاعلًا من نفسه أشهر فرسان العرب وشعرائها، وقصة حبه مع ابنة عمه عبلة التي خُلَّدَت بالتاريخ، ومعاركه وانتصاراته التي مازالت تقشعر لها الأبدان عند سماعها، ويسمح المستمعون لخيالهم بالسباحة في تصورات لما كانت عليه تلك الفترة، وتخيلات للمعارك التي خاضعها عنترة وأوقع فيها جبالًا من المحاربين والفرسان، لذا.. دعونا نتعرف بشكل أكبر عن عنترة بن شداد، وسرد بعض المعلومات المثيرة عنه.

صفات عنترة بن شداد

كان عنترة بن شداد أسود اللون، عبوس الوجه، اتصف بشعره الأجعد وضخامة حجمه، وصلابة عظامه وقوته وشجاعته التي ليس لها مثيل، فلقبه العرب بأبي الفوارس وكذلك أبي مغلس وعنترة الفلحاء، كما كان للشق بشفته السفلية تواجدًا مميزًا على وجهه حيث جعله يظهر بمظهر الفارس الصلب والمغوار.

إقرأ أيضًا: شعر عنترة بن شداد ونشأته وأسرته وقصة حبه مع عبلة

من هو عنترة بن شداد؟

يعد عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قراد العبسي أحد أكثر الشخصيات شهرة واحترامًا في العالم العربي، وكان يُعتبر حرفيًا أحد الشعراء أصحاب المعلقات السبعة في عصر الجاهلية وما قبل الإسلام، وقد ولد عنترة في عام 525 ميلاديًا في منطقة نجد (المتواجدة بالمملكة العربية السعودية الآن) لأبوين هما شداد العبسي وزبيبة، كان والده شداد العبسي محاربًا عظيمًا من قبيلة بني عبس، وكانت والدته زبيبة أمة حبشيه قد سباها والده شداد العبسي، حيث أنه قيل أن زبيبة كانت أميرة تم أسرها عندما داهم شداد وقبيلته إحدى المناطق الحبشية، ورفض شداد بن عمرو الاعتراف بعنترة في البداية لأن والدته كانت أمة، فترعرع عنترة نتيجة لذلك بدور العبد، وبسبب بشرته الداكنة كان يعتبر بمثابة الغراب الأسود لقبيلة عبس.

عنتر بن شداد في شبابه

شرع عنترة في البداية في تحسين سمعته من خلال إظهار مهاراته الممتازة كشاعر ومحارب، كما كان عنترة في حالة حب مع امرأة تدعى عبلة وهي ابنة عمه، ولكن كانت مشكلته الوحيدة التي تفرق بينه وبينها هو أنه عبد، حيث أن العبد لم يكن ليستطيع الزواج خاصة من كبار القوم.

نتيجة لمهاراته التي لا مثيل لها في أرض المعارك، عرض عليه والده شداد بن عمرو منصبًا ضمن فئة المحاربين في عبس، رد عنترة على والده قائلاً: “العبد لا يعرف كيف يغزو أو يدافع، ولكنه جيد فقط لحلب الماعز ولخدمة أسياده”. فأجابه والده: “دافع عن قبيلتك يا عنتر وأنت حر”.

وبوعد الحرية الذي وهبه أباه له، انضم عنترة إلى المحاربين وقادهم إلى المعارك ضد الغزاة، حصل بالفعل على حريته، ومن ثم سعى لجعل عبلة زوجة له، ولكن قبل أن يتمكن من جعلها عروسًا له، كان عليه أن يواجه عددًا من التحديات والمعارك الكبيرة التي كانت تواجه قبيلته قبيلة بنو عبس، والتي واجهها بكل شجاعة وفروسية، كما اشتهر عنترة بالمشاركة في المعارك الكبيرة بين قبيلتي عبس وذبيان والتي سميت حرب داحس والغبراء والتي يشاع أنه مات في أحد معاركها بعمر التسعين على يد قبيلة بني نبهان.

وفاة عنترة بن شداد

هنالك العديد من الروايات عن مقتل عنترة بن شداد، ولكن الاعتقاد الأكبر أنه قد مات على يد قبيلة طيء لبني نبهان، حيث أنه عندما كان يحارب في إحدى معارك قبيلته مع قبيلة طيء وقع من على حصانه، ولم يستطع الصعود عليه مرة أخرى نظرًا لكبر سنه، فكان قد تجاوز التسعين بذلك الوقت، ولما رآه الأسد الرهيص أحد فرسان طيء، توجه إليه وقتله.

شعر عنترة بن شداد

بعد وفاة عنترة تم تنسيق شعره وأصبح معروفًا كواحد من أعظم الشعراء العرب، فأدرجت إحدى قصائده ضمن المعلقات، والمعلقات هي مجموعة من سبع قصائد واسعة تعتبر أفضل شعر قد كتب قط في العصر الجاهلي، واسم المعلقات يعني “القصائد المعلقة” لأن القصائد علقت حرفياً على أو بداخل الكعبة الشريفة.

اشتهر عنترة في شعره بمدى تفصيله في وصفه للأحداث داخل قصائده، كما أصبحت قصة عنترة وعبلة قصة شعرية ملحمية قيل أن الأصمعي قد كتبها، وقد ترجمت هذه القصيدة العربية على يد الرسام الفرنسي إتيان داين وتبعتها نسخ أخرى مترجمة، وقد ألهمت القصة الغرب والمسلمين في العديد من القصص والحكايات، فظل العالم من حينها يجثوا بركبتيه لما قدمه عنترة بن شداد من قصة عبد وفارس نبيل وعاشق ولهان.

إقرأ أيضًا: بحث عن عنترة بن شداد ومعلومات عنه ومن هو ؟

من قصائد عنترة بن شداد

حاولنا أن نجمع لكم بعض من الأبيات المقتطفة من بعض قصائد عنترة بن شداد، وبالرغم من صعوبة اختيار بعضهم وترك الآخر، إلا أننا تمكنا من تحديد بعض الأبيات التي رأيناها هي الأنسب للذكر، وفي الأسطر القادمة سنعرضها عليكم:

من قصيدة سلا القلب عما كان يهوى

سَلا القَلبُ عَمّا كانَ يَهوى وَيَطلُبُ                  وَأَصبَحَ لا يَشكو وَلا يَتَعَتَّبُ

صَحا بَعدَ سُكرٍ وَاِنتَخى بَعدَ ذِلَّةٍ                     وَقَلبُ الَّذي يَهوى العُلا يَتَقَلَّبُ

إِلى كَم أُداري مَن تُريدُ مَذَلَّتي                       وَأَبذُلُ جُهدي في رِضاها وَتَغضَبُ

عُبَيلَةُ أَيّامُ الجَمالِ قَليلَةٌ                              لَها دَولَةٌ مَعلَومَةٌ ثُمَّ تَذهَبُ

فَلا تَحسَبي أَنّي عَلى البُعدِ نادِمٌ                     وَلا القَلبُ في نارِ الغَرامِ مُعَذَّبُ

وَقَد قُلتُ إِنّي قَد سَلَوتُ عَنِ الهَوى                 وَمَن كانَ مِثلي لا يَقولُ وَيَكذِبُ

من قصيدة حكم سيوفك في رقاب العذل

وتعد تلك القصيدة من أجمل القصائد لعنترة بن شداد وقال فيها:

حَكِّم سُيوفَكَ في رِقابِ العُذَّلِ                    وَإِذا نَزَلتَ بِدارِ ذُلٍّ فَاِرحَلِ

وَإِذا بُليتَ بِظالِمٍ كُن ظالِم                       وَإِذا لَقيتَ ذَوي الجَهالَةِ فَاِجهَلي

وَإِذا الجَبانُ نَهاكَ يَومَ كَريهَةٍ                   خَوفاً عَلَيكَ مِنَ اِزدِحامِ الجَحفَلِ

فَاِعصِ مَقالَتَهُ وَلا تَحفِل بِه                     وَاِقدِم إِذا حَقَّ اللِقا في الأَوَّلِ

وَاِختَر لِنَفسِكَ مَنزِلاً تَعلو بِهِ                   أَو مُت كَريماً تَحتَ ظُلِّ القَسطَلِ

فَالمَوتُ لا يُنجيكَ مِن آفاتِهِ                    حِصنٌ وَلَو شَيَّدتَهُ بِالجَندَلِ

مَوتُ الفَتى في عِزَّةٍ خَيرٌ لَهُ                  مِن أَن يَبيتَ أَسيرَ طَرفٍ أَكحَلِ

إِن كُنتَ في عَدَدِ العَبيدِ فَهِمَّتي                 فَوقَ الثُرَيّا وَالسِماكِ الأَعزَلِ

أَو أَنكَرَت فُرسانُ عَبسٍ نِسبَتي                فَسِنانُ رُمحي وَالحُسامُ يُقِرُّ لي

من قصيدة رمت الفؤاد مليحة عذراء

رَمَتِ الفُؤَادَ مَليحَةٌ عَذراءُ                             بِسِهامِ لَحظٍ ما لَهُنَّ دَواءُ

مَرَّت أَوانَ العيدِ بَينَ نَواهِدٍ                            مِثلِ الشُموسِ لِحاظُهُنَّ ظُباءُ

فَاِغتالَني سَقَمي الَّذي في باطِني                       أَخفَيتُهُ فَأَذاعَهُ الإِخفاءُ

خَطَرَت فَقُلتُ قَضيبُ بانٍ حَرَّكَت                     أَعطافَهُ بَعدَ الجَنوبِ صَباءُ

وَرَنَت فَقُلتُ غَزالَةٌ مَذعورَةٌ                          قَد راعَها وَسطَ الفَلاةِ بَلاءُ

وَبَدَت فَقُلتُ البَدرُ لَيلَةَ تِمِّهِ                           قَد قَلَّدَتهُ نُجومَها الجَوزاءُ

بَسَمَت فَلاحَ ضِياءُ لُؤلُؤِ ثَغرِه                       فيهِ لِداءِ العاشِقينَ شِفاءُ

سَجَدَت تُعَظِّمُ رَبَّها فَتَمايَلَت                         لِجَلالِها أَربابُنا العُظَماءُ

يا عَبلَ مِثلُ هَواكِ أَو أَضعافُهُ                      عِندي إِذا وَقَعَ الإِياسُ رَجاءُ

إِن كانَ يُسعِدُني الزَمانُ فَإِنَّني                      في هِمَّتي بِصُروفِهِ إِزراءُ

إقرأ أيضًا: شعر عربي فصيح وانواع الشعر العربي وشعر فصيح عن الشوق

من قصيدة سأضمر وجدي في فؤادي وأكتم

سَأُضمِرُ وَجدي في فُؤادي وَأَكتُمُ                وَأَسهَرُ لَيلي وَالعَواذِلُ نُوَّمُ

وَأَطمَعُ مِن دَهري بِما لا أَنالُهُ                   وَأَلزَمُ مِنهُ ذُلَّ مَن لَيسَ يَرحُمُ

وَأَرجو التَداني مِنكِ يا اِبنَةَ مالِكٍ                وَدونَ التَداني نارُ حَربٍ تَضَرَّمُ

فَمُنّي بِطَيفٍ مِن خَيالِكِ وَاِسأَلي                 إِذا عادَ عَنّي كَيفَ باتَ المُتَيَّمُ

وَلا تَجزَعي إِن لَجَّ قَومُكِ في دَمي              فَما لِيَ بَعدَ الهَجرِ لَحمٌ وَلا دَمُ

أَلَم تَسمَعي نَوحَ الحَمائِمِ في الدُجى              فَمِن بَعضِ أَشجاني وَنَوحي تَعَلَّموا

وَلَم يَبقَ لي يا عَبلَ شَخصٌ مُعَرَّفٌ             سِوى كَبِدٍ حَرّى تَذوبُ فَأَسقَمُ

وَتِلكَ عِظامٌ بالِياتٌ وَأَضلُعٌ                     عَلى جِلدِها جَيشُ الصُدودِ مُخَيِّمُ

وَإِن عُشتُ مِن بَعدِ الفُراقِ فَما أَن               كَما أَدَّعي أَنّي بِعَبلَةَ مُغرَمُ

وَإِن نامَ جَفني كانَ نَومي عُلالَةً                أَقولُ لَعَلَّ الطَيفَ يَأتي يُسَلِّمُ

أَحِنُّ إِلى تِلكَ المَنازِلِ كُلَّم                       غَدا طائِرٌ في أَيكَةٍ يَتَرَنَّمُ

بَكَيتُ مِنَ البَينِ المُشِتِّ وَإِنَّني                   صَبورٌ عَلى طَعنِ القَنا لَو عَلِمتُم

في الناهية.. وبعد أن نكون قد استعرضنا لكم صفات عنترة بن شداد وقصة حياته، وبعد أن نكون قد استعرضنا بعض من مقتطفات قصائد عنترة بن شداد، نتمنى أن نكون قد ساعدناكم في التعرف بشكل أكبر على أحد أفضل شعراء العرب في العصر الجاهلي، وأن نكون قد أثرينا معلوماتكم حوله ولو بقدر بسيط.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.