وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا متى تقال

وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا متى تقال؟ وما حكم الدعاء بالأدعية المقتبسة من القرآن الكريم سنجيبكم عن هذه الأسئلة عبر موقع زيادة حسب ما أورده أهل تفسير العلم والمفسرين في شرح هذه الآية الكريمة كما سنعرض عليكم حكم الدعاء بالآية الكريمة، علاوةً على ذكر توقيت وسبب نزولها.

وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا متى تقال؟

وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا متى تقال

القرآن الكريم كلام الله الذي يعجز البشر بأن يأتوا بآية من مثله، جعل الله -عز وجل- لنا فيه التشريعات الخاصة بالدين الإسلامي والفرائض، كما ذكر الله -سبحانه وتعالى- لنا في آيات هذا الكتاب المبارك من الأدعية التي يدعو بها المسلم لغرض طلب الحفظ أو الرزق أو العتق من النار.

مثل الآية التاسعة من سورة يس “وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أيديهم سدًا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سدًا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ“، والآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الهجرة إلى المدينة حينما تربص له المشركين خارج بيته ليقتلوه فأمسك حفة من التراب وألقاها وهو يقرأ هذه الآية الكريمة.

من هذا الموقف أخذ المفسرون من الأوقات التي يستحب أن يذكر فيها المسلم هذه الآية فيها هي وقت الخوف أو وقت الفزع الشديد، أو عند شعوره بوجود عدو يلاحقه لكن مع اليقين الصادق بأن الله سبحانه وتعالى سينجيه من هذه المحنة.

كما أن هذه الآية تُقرأ بغرض تهدئة النفس وطمأنتها من الأهوال التي تشعر بها، فكما قال الله عز وجل في الآية الثامنة والعشرين من سورة الرعد “أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ“، والقرآن الكريم من خير الأذكار، تتمثل الأوقات المستحبة لقراءة هذه الآية هي:

  • الخوف الشديد من مكروه.
  • حالات الحروب.
  • الدعاء بغرض دفع الأذى.
  • بغرض الاطمئنان.

اقرأ أيضًا: خواص سورة يس واستخداماتها

سبب نزول الآية الكريمة

لكل آية من آيات القرآن الكريم سبب لنزولها، إما أن يكون هذا السبب سببًا ابتدائيًا كما هو الحال في معظم آيات القرآن أو يكون سبب النزول كان لواقعة حدثت أو سؤال سُئل لرسول الله.

فتأتي الآية إجابةً لهذا السؤال أو دفعًا لشبهة من الشبهات (كما عرفه جلال الدين السيوطي).

فسبب نزول الآية الكريمة كما أوضحه القرطبي في تفسيره للقرآن أن الآية نزلت في أبي جهل وصاحبيه من بني مخزوم قبل القصة المعروفة عند بيت رسول الله يوم الهجرة، فأقسموا على تحطيم رأس رسول الله فعادوا وأيديهم مغلولة إلى أعناقهم “إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ” (سورة يس الآية 8).

ثم عادوا مجددًا في القصة المعروفة عند بيت رسول الله يوم الهجرة عازمين على قتله، وأغشي عليهم بعد تلاوة المصطفى قوله تعالى “وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أيديهم سدًا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سدًا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ” (سورة يس الآية 9).

فما كان في الآية إلا دفاعًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من رب العزة من المحاولات المكررة من رؤوس الكفر في قريش والعزم على قتله، من أجل القضاء على الدين الجديد الذي أتى بما لا تهوى به أنفس المشركين.

تفسير الأئمة للآية التاسعة من سورة يس

قام عددًا من كبار العلماء مثل الإمام الحافظ ابن كثير، ومحمد بن جرير الطبري، البغوي، والقرطبي، بتقديم التفسيرات في تلك الآية، وسنعرض لكم في تلك الفقرة تفسير وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا متى تقال.

تفسير الحافظ ابن كثير القرشي

جاء في تفسيره عن قتادة في معنى الآية أن السد الذي جعله الله -عز وجل- بين كفار قريش السد والحجاب عن الحق فهم في الضلال يهيمون، كما ذكر أن ابن عباس كان يقرأ أغشيناهم بالعين والغشَاء هو داء يصيب العين، وقال رسول الله هذه الآية مع فواتح سورة يس حتى أغشى الله على الكفار وخرج الرسول للهجرة.

تفسير الطبري للآية الكريمة

ذكر الطبري في تفسيره لهذه الآية أن السد الذي جعله الله عز وجل حول الكفار لهو سدٌ عن الحق، مانع بينهم وبين الحق فلا يستطيعون أن يحيدوا عن الضلال، وذكر أغشيناهم تقرأ بالغين ومعناها عدم الرؤيا من الغشاوة فأغشى الله المصطفى عن أعينهم.

تفسير الحافظ الحسين البَغَوْي

جاءت تفسير الآية الكريمة في تفسر البغوي للقرآن الكريم لمعنى العمى أو عدم الرؤية كما ذكر معنى أغشاهم في تفسيره، كما أضاف البغوي أيضًا أن الغشاوة كانت مادية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومعنوية عن الهدى فخلق الله بين الحق وبينهم حاجزًا.

تفسير شمس الدين القرطبي

جاء في تفسير القرطبي للقرآن الكريم أن لفظة أغشيناهم جاءت بالعين فأعشيناهم، فالأعشى هو من لا يرى في الليل، وهو من حفظ الله لرسوله فقد تربصوا به ليلاً لقتله، وذكر أن السد الذي أمامهم هو الدنيا ولهوها، والسد الذي خلفهم هو الآخرة عاقبتهم.

اقرأ أيضًا: فضل سورة يس لقضاء الحاجة

تفسير مشايخ العصر الحديث للآية التاسعة من سورة يس

بعدما عرضنا لكم في السطور السابقة تفسير العلماء الأقدمين، ففي سطور هذه الفقرة سنعرض عليكم إجابة سؤال وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا متى تقال؟ من تفسير الشيخ الجليل متولي الشعراوي، والشيخ الجليل صالح ابن عثيمين -رحمهما الله-، والشيخ مصطفى العدوي -حفظه الله-.

تفسير الشيخ محمد متولي الشعراوي

فسر الشيخ الشعراوي هذه الآية الكريمة أن السدين الموجودين أمامهم سدين ماديين خارجين عن تكوين الإنسان، وأنهما سدين عن الحق لحاجات في أنفسهم منها كفرهم وشركهم بالله وعدم تذكرهم الآخرة وعذابها، وإذا أرادوا الخروج من كفرهم لم يستطيعوا لما في أنفسهم من ضلال.

لكن الشيخ لم يذكر هنا توقيت قول الآية الكريمة فالقرآن يقرأ في أي وقت وفي كل مكان، ومن أسباب عدم ذكر الوقت أن تفسير الشيخ لم يذكر فيه أسباب النزول.

تفسير الشيخ محمد بن صالح آل عثيمين

جاء التفسير في معنى أغشيناهم أنها من الغشاوة بمعنى فقد البصر، والسد المذكور هو من باب تشبيه الله عز وجل ما في قرارة أنفسهم من كفر كأنه سد أمامهم ومن خلفهم، كما ذكر الشيخ الفوائد من الآية الكريمة وعددها كالآتي:

  • إذا أراد الله -عز وجل- حجب الإيمان عن امرئ جعله كالمغلولة يديه إلى عنقه، وكأنه مكره على ذلك.
  • حجب الهدى والبصر عمن حاد عن الهدى.
  • تحذير الإنسان أن يصبح مثل هذا الصنف من الناس والدعاء بالآية لهذا الغرض من الأوقات والأسباب المستحب قراءة الآية من أجلها.

تفسير الشيخ مصطفى العدوي

جاء تفسير الشيخ للسدين أنهما حاجزين بين قلوبهم عن الإيمان، وأغشيناهم أوضح معناها بالعمى، أنهم يعمون عن الهدى وعن رسول الله أثناء خروجه للهجرة، كما أوضح الشيخ أن من أوقات قراءة الآية شكر الله على نعمة الهدى للإيمان.

حكم الدعاء بآية من آيات القرآن

بعدما عرضنا عليكم في السطور السابقة وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا متى تقال والأغراض التي تقال فيها، سنعرض عليكم في تلك السطور الحكم الشرعي لاستخدام آيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة بغرض الدعاء.

الدعاء من العبادات التي جعلها الله للمسلمين ولا حرج في أن يدعو المسلم بأدعية أخذ صيغها من آيات القرآن الكريم أو من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أن الدعاء بهذه الأدعية من الأمور المستحبة لكن بغرض التقرب إلى الله، أو الدعاء بما أجازه الله عز وجل لنا وإما فلا.

كما جاء في كتابي زاد المعاد لابن قيم الجوزية، وكتاب سير ابن هشام، والقرطبي في تفسيره لقوله تعالى “وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أيديهم سدًا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سدًا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ“، أن رسول الله دعا بالآية الكريمة للحفظ من الأعداء، وهذا السبب ما لجأ إليه بعض السلف الصالح في قراءتهم للآية الكريمة.

اقرأ أيضًا: اسرار سورة يس الحقيقية

بذلك نكون قد عرضنا لكم في موضوعنا إجابة سؤال وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا متى تقال من خلال تفسير كبار علماء الدين الإسلامي القدماء والمحدثين والمعاصرين، ونرجو أن تكون سطور الموضوع نافعة لكم.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.