وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا سبب نزول الآية
وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا سبب النزول نقدمه لكم اليوم عبر موقعنا زيادة حيث إن الحمد لله العلي العليم، المتفرد بملكه وعظمته، والصلاة والسلام على نبيه الصادق الأمين –صلى الله عليه وسلم- المبعوث رحمة للعالمين، بآيات الله عز وجل المملوءة بالحكم والعظات والتأملات.
ومن تلك الآيات، ما ذكره الله جل وعلا الآية التاسعة من سورة الحجرات: “وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل، وأقسطوا، إن الله يحب المقسطين”، وهي الآية التي ستكون موضع حديثتنا اليوم في هذه السطور، حيث سنعرف قصة نزول هذه الآية، وما الذي قاله علماء الشريعة عنها.
أولًا: “وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ، فأصلحوا بينهما”
- بعدما نوهت الآية السادسة من نفس السورة إلى أثر الانصياع إلى الأخبار التي يروجها الفاسقون، في قول الله عز وجل: “يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين”، قامت بذكر الحلول التي يمكنها حل هذه المسألة إذا ما حدثت، فذكر في الآية التاسعة: “وإن طائفتان”.
- والطائفة الواحدة يكون مجموعها ناقص عن مجموعة الفرقة الواحدة، أما “إن” فدلالة على عدم جواز أن يقاتل المسلمون بعضهم بعضًا، فلو حدث ذلك فهو أمر استثنائي لا يحدث كثيرًا، فإن هنا تفيد الشك وعدم التأكد من وقوع هذا القتال، ثم ذكر “اقتتلوا” أي تنازعوا وتحاربوا، وهي جمع، رغم أن المتوقع أن تأتي على الاثنين، نظرًا لكون الطائفة تفيد الإفراد لفظًا، بينما تفيد الجمع مضمونًا، وقد أخذ كل من اللفظ والمضمون بعين الاعتبار.
- عندما ألحقت بالأمر “فأصلحوا بينهما”، والمقصود بهذا الأمر، تقديم النصيحة والتوجيه ومحو اللبس الموجود لدى طائفة واحدة منهما، أو لدى الطائفتين، ونصحهما بالرجوع إلى توجيهات الخالق عز وجل في هذه المسألة.
- ثم إذا لم يخفق الإصلاح، و “بغت إحداهما”، أو لم تنصاع للنصح واعتدت على الأخرى بإفراط، فماذا يكون العمل؟ “فقاتلوا التي تبغي” أي داموا على مصارعتها حتى تنصاع لأمر الله تعالى في تحريم العدوان والقتال بين المسلمين.
- حتى “فإن فاءت، فأصلحوا بينهما بالعدل”، أي اعملوا على فض النزاع الناشب بينهما وتجفيف منابعه، ولا تقتصروا على توقيف القتال، خوفًا من أن تكون إحدى الطائفتين قد توقفت عنه مجبرة حتى تحين فرصة أنسب، واحرصوا على تحري الإنصاف في الإصلاح، وفيه مراعاة بليغة وفهم عميق للنفس البشرية.
- فبعد القتال قد تكون النفوس مشحونة بما جرى قبله من تعنت وعدوان فتميل إلى هضم حق الطائفة المعتدية، أو تميل لهضم حق الطائفة غير القوية، ولذلك حث الله عز وجل على تحري الإنصاف، وهذه الدعوة وجدت في أكثر من موضع، كقوله تعالى: ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا”.
ويمكن التعرف على المزيد من التفاصيل عن تفسير الآيات من خلال: تفسير آية ” فانكحوا ما طاب لكم ” والمناسبة التي نزلت فيها
ثانيًا: ما هو سبب نزول “وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا”؟
- ذكر الإمام أحمد والإمام مسلم والإمام البخاري والإمام ابن جرير –عليهم رضوان الله- في معرض حديثهم عن قصة نزول تلك الآية الكريمة، جاءه أحدهم وطلب منه الذهاب إلى عبد الله ابن أبي.
- فامتطى النبي –صلى الله عليه وسلم- حمارًا وذهب إليه ومن خلفه جمع من رفاقه سيرًا على أقدامهم، حتى إذا وصلوا إلى ابن أبي سمعوه يقول للنبي –صلى الله عليه وسلم- أن يبتعد عنه فقد تضرر من ريح دابته، فرد عليه واحدًا من الأنصار أن ريح الدابة التي يمتطيها النبي –صلى الله عليه وسلم- أحسن من ريحه.
- فثارت ثائرة نفر من قوم ابن أبي، كما ثارت ثائرة نفر من قوم الأنصاري، واشتبكوا سويًا بأيديهم وأحذيتهم ونحو ذلك، فأوحى الله عز وجل إلى رسوله الكريم –صلى الله عليه وسلم- هذه الآية.
- وذكر كذلك أنه لما كان الرسول –صلى الله عليه وسلم- قاصدًا سعد بن عبادة –رضي الله عنه- في وعكة صحية ألمت به، وصادف في طريقه ابن أبي، وكان ما قاله وما أجابه به عبد الله بن رواحة، وثارت ثائرة الجمعين واشتبكوا، وهبط الآية على الرسول –صلى الله عليه وسلم- وتلاها، فتصالحوا، وقد كان عبد الله ابن أبي من الأوس، بينما كان عبد الله بن رواحة من الخزرج.
- وذكر كذلك أنها قيلت في أنصاري اسمه عمران وزوجته أم زيد، ورغبت أم الزيد في الذهاب إلى بيت أبيها فلم يقبل عمران، وأقفل عليها في غرفة علوية لا يلج إليها نفر من أهلها، فأرسلت إليهم أم زيد، وحضر أهلها .
- وأخرجوها من محبسها ليأخذوها معهم، فأرسل عمران إلى جماعته الذين ضروا لكي يمنعوا قوم أم زيد من أخذها، فاشتبك الجمعين، فأنزل الله عز وجل فيهم قوله، وأرسل إليهم النبي –صلى الله عليه وسلم- ففض نزاعهم وامتثلوا إلى حكم الله تعالى.
- والأمر بالإصلاح في هذه الآية موجه إلى أولي الأمر، وهو أمر نافذ، فيتعين توجيه النصيحة، فإذا لم تستجب أي منهما للنصح واستمرت في عدوانها فيتعين التصدي لها طالما استمرت في بغيها، فإن راجعت أمرها وأنابت إلى أمر الله فيتعين قبول تراجعها.
- كما أن هناك نفر يصرون على رأيهم في علة نزول الآية، حيث يرون أن قتال الطائفة المعتدية يكون بلا عتاد وهو أمر لا يجوز الإصرار عليه، نظرًا لقول الله عز وجل في كتابه الكريم: “فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله”، وهو توجيه صريح بقتال المعتدون حتى إرجاعهم عن عدوانهم.
- فإن كان هذا الرجوع لا يتحقق إلا بالسلاح فيتعين حمله في مواجهتهم، نظرًا لأن الهدف من قتالهم هو إرجاعهم عن عدوانهم، وقد ورد عن أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنهم حملوا السلاح في مواجهة المعتدين وهو أجدر الناس بالسير على نهجهم، وأمر الله عز وجل في أمر خاص لا يفيد عمومه بالضرورة، غير أن الاقتتال قد فرض عند العدوان في سبيل درء الفتنة بين أبناء الإسلام.
- ومن الواضح أن النصح وحده لم يجد نفعًا، وفي هذا الأمر يتعين إيجاد مخرج فعال، فيؤول الأمر هنا إلى القادرون على حسم المسألة، فلو كان تقديره للأمر أنه قد يحل بدون قتال فيكون مفرطًا لو استخدمه، ولو كان تقديره للأمر أنه لا يحل بدون قتال، فعليه القتال لحين تحقق العدول عن البغي.
كما نرشح لك المزيد أيضًا من التفاصيل: والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس تفسير الآية من سورة آل عمران
ثالثًا: ما هو تفسير آية “وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهم”؟
قال علماء التفسير في حديثهم عن تلك الآية، أنه في حال كانت هناك بدايات لوقوع حرب بين جماعتين من المسلمين، فيتعين السعي للصلح بينهم من خلال النصيحة والتوجيه، فإن استجابا للنصح كان خيرًا للمسلمين.
وإن استجابت طائفة وأصرت أخرى على القتال فيتعين مدافعة المعتدية حتى تعدل عن موقفها وتذعن لحكم الله عز وجل، فإن عدلت وأذعنت فيتعين حل الخلافات بينهما وتحري القسط والإنصاف، فلا يقتل مصاب، ولا يؤسر رجل، وقد وضح الله عز وجل أن تسوية النزاعات يتعين أن تكون بين الأشخاص وبين الفرق، حتى لا يعتقد أي فرد خطأ أن خلاف الأفراد لا يؤذي الأمم كالجماعات.
ويمكن التعرف على المزيد من التفاصيل عن تفسير الآيات من خلال: تفسير الآية ” اليوم اتممت لكم دينكم ” ومناسبة نزولها ورد فعل المسلمين واليهود عليها
وبهذا نكون قد وفرنا لكم وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا سبب النزول وللتعرف على المزيد من المعلومات يمكنكم ترك تعليق أسفل المقال وسوف نقوم بالإجابة عليكم في الحال.