هجر الزوجة في بيت أهلها
هجر الزوجة في بيت أهلها من الأمور غير المحمودة، كونها تعبر عن مصير غير معروف، فهي لا تعرف إذا ما كانت ستعود إلى بيتها في يوم من الأيام، أم أنها ستظل معلقة لفترة طويلة، وحتمًا سينتهي بها المطاف في تلك الحالة إلى الطلاق.
لذا ومن خلال موقع زيادة دعونا نتناول موضوع هجر الزوجة مع إقامتها مع أهلها من كافة الزوايا.
هجر الزوجة في بيت أهلها
شرع الله للرجل أن يختار السيدة التي يود أن يكمل حياته معها، والتي يألفها ويرى فيها مسكنًا ووطنًا، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم:
“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” سورة الروم الآية رقم 21.
فالله أكرم المرأة وأعزها وجعل لها الكثير من الحقوق، كما ألزمها بالكثير من الواجبات التي عليها أن تؤديها نحو زوجها، حتى يكتمل الهدف من الزواج، وهو إنجاب ذرية صالحة تفيد المجتمع وتخدم الأمة الإسلامية.
كما شرع الله الطلاق إذا كان هو الحل إثر استحالة عيش الزوجين سويًا لأسباب تستدعي ذلك، حيث قال في كتابه الكريم:
“الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” سورة البقرة الآية رقم 229.
ففي الدين الإسلامي إما زواج أو طلاق، أما الانفصال دون التطليق أو الهجر، فهو ليس من الأمور الشرعية على الإطلاق، حيث شرع الله الهجر في حالة واحدة وهي تأديب الزوجة، وذلك بعد أن يكون قد وعظها بالحسنى ولم تستجب، على ألا يمتد الهجر لفترة طويلة تتسبب في جفاء كلا الزوجين.
لذلك فإن حكم الدين في هجر الزوجة في بيت أهلها متوقف على رغبتها، وسنقوم بشرح الأمر عن كثب من خلال ما يلي.
اقرأ أيضًا: حكم رفض الزوجة الرجوع لبيت زوجها
هجر الزوجة في بيت أهلها بأمر الزوج
كما ذكرنا مسبقًا فإن للرجل أن يهجر زوجته إذا أساءت إليه أو تطاولت عليه بالألفاظ السيئة، ولكن بعد أن يكون قد قام بالوعظ بالأسلوب الحسن مرارًا وتكرارًا، على أن يكون هجرها في بيتها، وألا تطول تلك المدة، حتى لا تعود على الحياة الزوجية بالأثر السيء، فقد قال الله -عز وجل- في محكم التنزيل:
“وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا” سورة النساء الآية رقم 34.
على ذلك فإن الهجر أمر مباح إذا تزامن مع شروطه السابق ذكرها، أما إذا قام الزوج بإخراج زوجته إلى بيت أهلها رغبة في تأديبها فإنه يأثم لذلك لقول الله عز وجل:
“لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا” سورة الطلاق الآية رقم 1.
فعليه أن يراجع نفسه ويقطع تلك الفترة ويذهب إلى زوجته ويتفقا إما على الرجوع إلى منزلهما وحل مشكلاتهما على ألا يتكرر هجر الزوجة في بيت أهلها، أو الطلاق بالحسنى، امتثالًا لقول الله -عز وجل- كما رأينا في السابق.
هجر الزوجة في بيت أبيها برغبتها
في بداية الأمر مهما بلغت المشكلة بين المرأة وزوجها فلا يجوز لها أن تخرج من البيت دون إذنه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“حَقُّ الزوجِ على المرأةِ أن لا تَهْجُرَ فراشَه، وأن تَبَرَّ قَسَمَه، وأن تُطِيعَ أمرَه، وأن لا تَخْرُجَ إلا بإذنِه، وأن لا تُدْخِلَ إليه مَن يَكْرَهُ” (صحيح) رواه تميم الداري.
من خلال ما سبق فإن المرأة تكون آثمة لسببين، أولهما ترك منزل الزوجية دون إذن الزوج، وثانيهما الهجر في بيت أهلها عمدًا، وفي تلك الحالة عليها العودة إلى الله بالتوبة والاستغفار، وأن تقوم بالحل الجذري في مشكلتها.
فإما أن تصطلح مع زوجها وتعود إلى بيتها ولا تكرر فعلتها، وإما أن يتم التفريق بينهما بإحسان كما نص شرع الله عز وجل، كما أهل الزوجة من شأنهم أن يعملوا على تأنيب الزوجة على ما فعلت، حتى تعود إلى رشدها.
اقرأ أيضًا: هل هجر الزوجة يعتبر طلاق
حقوق الزوج في الإسلام
بعد أن تعرفنا على حكم الدين في هجر الزوجة في بيت أهلها، دعونا نتعرف على حقوق الزوج على زوجته، حتى يضمنا العيش الرغد في ظل الالتزام بالشرائع الإسلامية، والتي تتمثل فيما يلي:
طاعة الزوجة
على أن تكون تلك الطاعة في حدود الله، أما إذا طلب الرجل من زوجته ما يخالف شرع الله، فحينها لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
تتمثل طاعة الزوجة لزوجها بأن تلبي رغبته الجنسية إذا دعاها إلى الفراش، وأن ترافقه في السفر، وأن تحسن معاشرته وتستأذنه في الخروج وصوم السنن وأن تمتثل لأوامره في شتى الأمور الحياتية.
حفظ الزوجة له في الغياب
من أهم حقوق الرجل على زوجته أن تحفظه في فترة غيابه ولا تخون الثقة التي منحها إياها، ويتشكل حفظ الزوجة فيما يلي:
- حفظ النفس، بأن تتقي الله وتحفظ فرجها وتغض بصرها، وألا تدخل في بيته من يكرهه ولا يرغب في حضوره.
- حفظ المال، بأن تحفظ الزوجة أمواله، فلا تنفقها فيما ليس مفيدًا، ولا تعطي إلى أهلها منه إلا بإذنه، فإن أذن لها فهي غير آثمة.
خدمة الزوج
على الزوجة الصالحة أن تقوم بخدمة زوجها ورعايته من حيث المأكل والملبس، وأن تقوم بالأعمال المنزلية، والتي تجعل من بيتها نظيفًا، يستحق أن يطلق عليه بيت مسلم، فهو يخرج إلى رزقه ويكد ويتعب من أجل أن يعود إلى البيت المرتب الجميل، والذي تنيره امرأة مسلمة صالحة.
التزين للزوج
أبسط حقوق الزوج أن يجد من المرأة ما يسره، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“خيرُ فائدةٍ استفادَها المسلمُ بعد الإسلامِ، امرأةٌ تسرُّه إذا نظر إليها، وتطيعُه إذا أمرها، وتحفظُه في مالِه ونفسِها إذا غاب” (صحيح) رواه يحيى بن جعدة.
اقرأ أيضًا: حكم هجر الزوج لزوجته في الفراش
حقوق الزوجة في الإسلام
بعد أن تناولنا كافة حقوق الزوج على زوجته، وبعد أن عرفنا ما حكم الدين في هجر الزوجة في بيت ذويها، علينا أن نعرف أن الدين قد وضع للزوجة عدة حقوق، والتي تتمثل فيما يلي:
إنفاق الزوج على زوجته
ميز الله الرجل بالقوامة على المرأة، وهي تحمل مسئولياتها المالية من طعام وشراب ومسكن وملبس، فهي زوجته التي تعطي له كافة الحقوق، فقد قال الله تعالى: “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ” سورة النساء الآية رقم 34.
فلا يجب على الزوج أن يخل بهذا الحق، لما قد يترتب عليه من عواقب وخيمة، قد تؤدي إلى هدم البيت.
حسن معاشرة الزوج
من أهم الحقوق للمرأة أن تكون معاشرتها بالحسنى، ويتم ذلك من خلال ما يلي:
- عدم ضرب الزوجة أو التطاول اللفظي عليها.
- غض الرجل بصره ومراعاته لها ولمشاعرها.
- عدم التذمر منها إذا احتاجت إلى النقاش معه في بعض الأمور.
إذا اتبعنا منهاج ديننا القويم، فإننا حتمًا لن نصل إلى المشكلات الزوجية المتفاقمة، والتي قد تؤدي إلى هجر الزوجة في بيت أهلها وما يتبعه من أفعال تهدم البيت المسلم.