سر سورة يس

سر سورة يس وفضل قراءتها وفضل الدعاء بعدها من أكثر المواضيع التي تحدث عنها الفقهاء القدماء واحتجوا إلى أقوال علماء الحديث، لما قيل في فضائل السور والعبادات من أحاديث موضوعة عديدة.
في هذا الموضوع بإذن الله تعالى سنحاول البحث عن الفضائل الصحية لسورة يس بالأسانيد الصحيحة.

سر سورة يس

هناك أحاديث كثيرة في شأن سورة يس والدعاء بعدها  لكن أغلب هذه الأحاديث فيها مقال، وبعضها قال عنه المحققون إنها موضوعة وهناك بعض الأحاديث الصحيحة.
الأصل في كل العبادات أنها موقوفة أي التي أمرنا بها الله في كتابه أو على لسان نبيه الذي قال عنه: ” وما ينطِقُ عَنِ الهَوَى * إنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوحَى” (النجم 3،4).

إقرأ أيضًا: سورة يستجاب بها الدعاء وفضلها بالأدلة الشرعية

الأحاديث الصحيحة التي وردت في فضل سورة يس

مما ورد في فضل هذه السورة الكريمة:

  • عن أبو هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ قرأَ يَس في ليلةٍ أصبحَ مَغْفُورًا لهُ ، مَنْ قرأَ حم التي يُذْكَرُ فيها الدُّخَانُ أصبحَ مَغْفُورًا لهُ” (أخرجه الترمذي 2889) وقال عنه علماء الحديث أن إسناده جيد
    هذا الحديث الشريف يبين فضل تلاوة سورة يس وسورة الدخان وأنها سبب من أسباب المغفرة.
  • عن جندب بن عبد الله عن النبي – صلى الله عليه وسلم –أنه قال: ” مَن قرَأ يس في ليلةٍ ابتغاءَ وجهِ اللهِ غُفِر له” (صحيح ابن حبان 2574) و رواه أخرون لكن ضعفه الإمام الألباني في كتابه (سلسلة الضعاف 6623) عن كلٍ من ( أبو هريرة وعبد الله بن مسعود و جندب بن عبد الله ومعقل بن سار المازني).
  •  عن معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” اقرَؤوا على موتاكم يس” ( أخرجه ابن حبان في صحيحه 3002)
    في هذا الحديث يرشدنا الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى قراءة سورة يسين على الموتى من المسلمين وهذا من فضائل السورة الكريمة.
  • قال ابن كثير في تفسيره عن هذه السورة: ” ولهذا قال بعض العلماء: من خصائص هذه السورة أنها لا تقرأ عند أمر عسير إلا يسره الله تعالى، وكأن قراءتها عند الميت لتنزل الرحمة وليسهل عليه خروج الروح”
  • سورة يس مثلها غيرها من سور القرآن لمن قرأها له بكل حرف حسنة والحسنة بعشرة أمثالها عما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” مَن قَرأ حَرفًا مِن كِتابِ اللهِ فله حَسَنةٌ، والحَسَنةُ بعَشَرةِ أمثالِها، لا أقولُ {الم} حَرفٌ، ألِفٌ حَرفٌ، ولامٌ حَرفٌ، وميمٌ حَرفٌ” (رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأخرجه الترمذي 2910)

هذا ما وصلنا من أحاديث صحيحة السند عن النبي – صلى الله عليه وسلم في فضل تلك السورة وما تمتاز به عن سور القرآن الكريم العظيمة كلها.

إقرأ أيضًا: فضل سورة يس المغامسي وحقائق مختلفة حول سورة يس

بعض الأحاديث الموضوعة عن فضل سورة يس

هناك الكثير من الأحاديث الموضوعة في باب فضائل السور وبالأخص سورة يس والمعوذات  من الأحاديث الموضوعة والضعيفة التي وردت في فضل سورة يس:

  • ” مَن دخلَ المقابرَ فقرأَ سورةَ ( يس ) خفَّفَ عنهُم يومَئذٍ ، وكان لهُ بِعَددِ مَن فيها حَسناتٌ”
    أورده الألباني في (سلسلة الضعاف 1246) منسوب إلى أنس ابن مالك – رضي الله عنه – وقال عنه علماء الحديث إنه موضوع.
  • “إنَّ لكلِّ شَيءٍ قلبًا ، وقلبُ القرآنِ ( يس ) ، ومَن قرأَ ( يس ) ؛ كَتبَ اللهُ لهُ بِقراءتِها قِراءةَ القُرآنِ عشرَ مرَّاتٍ دونَ يس”.
    أورده الألباني في (ضعيف الترغيب 885) منسوب إلى أنس ابن مالك – رضي الله عنه – وقال عنه علماء الحديث إنه موضوع.
  • ” سورةُ ياسين تُدْعى في التَّوراةِ المُعِمَّةُ. قيل: يا رسولَ اللهِ، وما المُعِمَّةُ؟ قال: تَعُمُّ صاحبَها بخَيرَيِ الدُّنيا والآخِرةِ، وتُكابِدُ عنه بَلْوى الدُّنيا، وتَدفَعُ عنه أَهاويلَ الآخِرةِ، وتُدْعى القاضيةَ الدَّافعةَ؛ تَدفَعُ عن صاحبِها كلَّ سوءٍ، وتَقضي له كلَّ حاجةٍ. ومَن قَرأَها عَدَلَتْ له عِشرين حَجَّةً، ومَن سمِعَها عَدَلَتْ له ألْفَ دينارٍ في سبيلِ اللهِ، ومَن كَتَبَها وشرِبَها أَدخَلَتْ جَوفَه ألْفَ نورٍ، وألْفَ يَقينٍ، وألْفَ بَرَكةٍ، وألْفَ رحمةٍ، ونَزَعَتْ منه كلَّ غِلٍّ وداءٍ”
    أورده الخطيب البغدادي في( تاريخ بغداد) وابن الجوزي في (موضوعات ابن الجوزي) وهو منسوب إلى أنس ابن مالك – رضي الله عنه – وقال عنه علماء الحديث إنه موضوع لا أصل له ومنكر.
  • ” لقرآن أفضل من كل شيء دون الله، وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلْقه، فمن وقَّرَ القرآن، فقد وقَّرَ الله، ومن لم يوقِّر القرآن لم يوقِّر الله، وحُرمة القرآن عند الله كحرمة الوالد على ولده، القرآن شافع مشفَّع، وماحِل مصدَّق، فمن شَفَع له القرآن شفِّع، ومن مَحَل به القرآن صُدِّق، ومَن جعله أمامه، قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه، ساقه إلى النار، وحمَلةُ القرآن هم المحفوفون برحمة الله، الملبسون نور الله، المعلِّمون كلام الله, مَن والاهم، فقد والى الله، ومن عاداهم، فقد عادى الله، يقول الله: يا حملَةَ كتاب الله، استجيبوا لله بتوقير كتابه يزدكم حبًّا، ويحببكم إلى خلقه، يدفع عن مستمع القرآن سوء الدنيا، ويدفع عن تالي القرآن بلوى الآخرة، ولمستمع آية من كتاب الله خير له من صبير ذهبًا، ولتالي آية من كتاب الله خير له مما تحت أديم السماء، وإن في القرآن لسورة تُدعى العظيمة عند الله، يدعى صاحبها الشريف عند الله، يشفع صاحبها يوم القيامة في أكثر من ربيعة ومُضر، وهي سورة يس”
    هذا القول وجدته منتشر على المواقع الإلكترونية وبعد البحث لم أجد له أي أصل في كتب الحديث ألا في تفسير القرطبي وقال عنه إنه ضعيف وأن ابن عدي ذكره في (الضعفاء) مختصر من رواية ربيع بن بدر.
    وهذا القول لا يصح حديث من الأصل ولذلك لا يتم لأخذ به بالطبع.

قراءة سورة يس بعدد محدد

بعض الناس يقولون في فضل قراءة سورة يس بعدد معين فيما يسمى (العدية / عدية يس)  أو قراءتها سبعة مرات، أو عند الوصول لبعض الآيات تدعو بأدعية محددة … لجلب الرزق أو الخير وما شابه، وهذا ما لم نجد له أي أصل في السنة الشريفة.
والأصل أن المسلم إذا أراد شيء فإنه يدعوا الله دون وسيط فهو من قال عن نفسه في محكم التنزيل: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” (البقرة 186).
الثابت في العبادات هو التوقيف فلا نعبد الله تعالى إلا بما أنزله في كتابه أو على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام.

إقرأ أيضًا: فوائد قراءة سورة يس ٧مرات

فضل قراءة القرآن

عن أبي موسى الأشعري أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ: كالأُتْرُجَّةِ طَعْمُها طَيِّبٌ، ورِيحُها طَيِّبٌ، والذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ: كالتَّمْرَةِ طَعْمُها طَيِّبٌ ولا رِيحَ لَها، ومَثَلُ الفاجِرِ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَمَثَلِ الرَّيْحانَةِ رِيحُها طَيِّبٌ، وطَعْمُها مُرٌّ، ومَثَلُ الفاجِرِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ طَعْمُها مُرٌّ، ولا رِيحَ لَها” (صحيح البخاري  5020)
في هذا الحديث الشريف يمثل لنا الرسول – صلى الله عليه وسلم – حال المسلمين مع الأمة و يقسمهم إلى أربعة أصناف:

  • مسلم يقرأ القرآن: فهو مثل فاكهة الأُتْرُجَّةِ (نوع من الحمضيات) رائحتها جميلة وطعمها جميل أي أن المسلم الذي يقرأ القرآن طيب من الظاهر ومن الباطن.
  • مسلم لا يقرأ القرآن: فهو مثل التمر طعمها جميل لكن دون رائحة، أي أن المسلم الذي لا يقرأ القرآن طيب من الباطن لكن لا طيب له من الخارج.
  • منافق يقرأ القرآن: فهو مثل نبات الريحان رائحتها جميلة لكن طعمه كريه، هكذا هو المنافق الذي يتلو القرآن باطنه كريه وغير طيب ولكن ظاهره الحسن.
  • منافق لا يقرأ القرآن: فهو مثل نبات الحَنْظَلَ ( نبات من العائلة القرعية ينموا في الصحراء يشبه البطيخة الصغيرة و طعمه مر جدًا ولا يؤكل) فهو دون رائحة وطعمه مر، كذلك المنافق الذي لا يقرأ القرآن كريه من الداخل ولا يميزه شيء من الظاهر.
    وهذا الحديث يوضح فيه النبي – صلى الله عليه وسلم فضيلة حامل القرآن عن دونه من المسلمين.

هكذا نكون قد تناولنا سر سورة يس وما لها من فضل مما قاله علماء الفقه ونقله لنا علماء الحديث، نفعنا الله بما علمنا وجعلكم وإيانا من أهل القرآن وخاصته.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.