حديث نبوي شريف عن الوطن
حديث نبوي شريف عن الوطن هو ما يحتاج إليه أبناء الأمة الإسلامية في هذه الأوقات العصيبة التي تعصف بالبلاد الإسلامية، إضافة إلى المحاولات الخفية الدؤوبة لطمس الهوية الإسلامية والوطنية، مما اتبع هذا حالة نفور من الوطن من قِبل بعض الشباب، إلا أن هذا السلوك ليس سلوك المسلم السوي، لذا سنقوم اليوم من خلال موقع زيادة بتقديم حديث نبوي شريف عن الوطن لتناول معنى الوطن والانتماء له من وجهة نظر إسلامية.
حديث نبوي شريف عن الوطن
الوطن كالأم، فبدونه يضيع المرء كطفل ضاع من أمه، فالإنسان مرتبط بوطنه، فذكرياته وأفراحه وأحزانه وأحبائه كلهم مرتبطين بمفهوم الوطن، الأمر الذي يوضح لنا أن الوطن أكثر من مجرد قطعة من الأرض، بل هو حياة وذكريات وهوية.
أحب الرسل والأنبياء أوطانهم على الرغم من أي مساوئ كان تحف هذه الأوقات التي عاشوها، فالنبي إبراهيم عندما يأس من غيمان قومه خرج من بلده ولم يدعوا على قومه قط، ولم يخرج منها على عجالة بالتحجج بأن أهلها ضالين أو إنها بلده فاسقة، كذلك فعل نوح ويونس أيضًا -عليهما السلام- مرورًا بخاتم النبيين.
تأذى محمد (ص) من قومه وأهله أشد الأذى، وتضرر المسلمين جميعًا من الأمر، إلا أنه عندما حان وقت الهجرة كان الفراق عصيبًا، فقال رسول الله (ص) في ذلك: “ما أطيبَكِ من بلَدٍ وأحبَّكِ إلَيَّ ، ولولا أنَّ قومِي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيرَكِ” صحيح الجامع.
هذا حديث نبوي شريف عن الوطن يوضح مدى ارتباط وحب الرسول لوطنه، الأمر الذي يشير إلى أن خروج النبي من مكة كان تضحية في سبيل طاعة الله ونشر الدعوة الإسلامية.
ليس هذا فقط بل كان العذاب هو الوصف النبوي للبعد عن الوطن، فقد قال محمد (ص) في ذلك: “السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذابِ، يَمْنَعُ أحَدَكُمْ نَوْمَهُ وطَعامَهُ وشَرابَهُ، فإذا قَضَى أحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ، فَلْيُعَجِّلْ إلى أهْلِهِ” صحيح البخاري، أي أن المرء يحرم من النوم الهادئ، وراحة البال، بل لا يستمتع بطعامه وشرابه إن كان بعيدًا عن وطنه.
لذا أوصى الرسول أن ما إن تنتهي حاجاتك في البلاد الغريبة على المرء أن يعجل بالعودة إلى أهله، ووطنه، ذلك أن النفس لا تطيب إلا في مخدعها الأساسي (الوطن).
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: صحة حديث الجنة تحت أقدام الأمهات
الخروج من الوطن مضطرًا
أحيانًا قد يحدث ويكون الوطن بؤرة فساد، ومن ثم تكون الأولوية هنا للخروج منه وليس التمسك به، حيث قال الله -تعالى-: “إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا” سورة النساء الآية 97.
في هذه الآية اختار الناس التمسك بالوطن على ما فيه من فساد، ففسدوا بدورهم، كالثمار الفاسدة تفسد المريضة منها السليم، لذا إن كان هذا هو حال الوطن واستطعت أن تخرج منه، فتكون هذه تضحية في سبيل الاعتصام بحبل الله وأوامره حتى لا تفسد نفس المؤمن وتألف المعاصي.
هذه ليست دعوة إلى ترك الوطن ما إن لوحظ به فساد، فأي بلد بها نسبة من الفساد، ومساوئ فهذا ديدن الأمور وهذا ليس المنوط بالحديث هنا، بل القصد إنه حينما يكون الفساد والطغيان هو المتفشي، فيكون الغالب على البلدة هو الفساد، حينها تكون الأولوية للنجاة بالنفس من البلدة الظالم أهلها.
أحيانًا أخرى يضطر المرء للخروج من بلده لطلب الرزق وهذا مشروع، لكن مع ذلك سيظل الحنين إلى الوطن أمر يؤرق المهاجر من وطنه، ونذكر في ذلك حديث نبوي شريف عن الوطن:
- “اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنا المَدِينَةَ كَحُبِّنا مَكَّةَ، أوْ أشَدَّ وصَحِّحْها وبارِكْ لنا في صاعِها ومُدِّها، وانْقُلْ حُمَّاها فاجْعَلْها بالجُحْفَةِ” صحيح البخاري، هذا الحديث دليل أن النبي لم ينسى موطنه قط، وإنما ظل يذكره ويشتاق إليه على الرغم مما لاقاه فيه من أذى منذ بدأت الدعوة جهرًا.
إذا كان على الشخص ترك وطنه والاستقرار في آخر فعليه أن يظل يذكر وطنه بالخير اقتضاءً بحديث سيدنا محمد (ص): “اللَّهمَّ بارِكْ لنا في ثمرِنا وبارِكْ لنا في مدينتِنا وبارِكْ لنا في صاعِنا ومُدِّنا اللَّهمَّ إنَّ إبراهيمَ عبدُك وخليلُك ونبيُّك وإنِّي عبدُك ونبيُّك وإنَّه دعاك لمكَّةَ وأنا أدعوك للمدينةِ بمثلِ ما دعا به لمكَّةَ ومِثْلِه معه” صحيح ابن حبان.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حديث من صام رمضان والصيغ المختلفة له وتفسير كل متن
الرسول (ص) وحب مكة المكرمة
نذكر حديث نبوي شريف عن الوطن، وهو الحديث الذي جاء في الوقت الذي أذن الله للنبي فيه بالهجرة من مكة إلى المدينة:
- “لَقَلَّ يَوْمٌ كانَ يَأْتي علَى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إلَّا يَأْتي فيه بَيْتَ أبِي بَكْرٍ أحَدَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، فَلَمَّا أُذِنَ له في الخُرُوجِ إلى المَدِينَةِ، لَمْ يَرُعْنَا إلَّا وقدْ أتَانَا ظُهْرًا” بداية الحديث أن النبي لم يكن معتاد على زيارة صاحبة في هذا الوقت، وحينما اقر الله بالهجرة أتي ليقص الأمر على أبي بكر ويصحبه معه.
- “فَخُبِّرَ به أبو بَكْرٍ، فَقالَ: ما جَاءَنَا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذِه السَّاعَةِ إلَّا لأمْرٍ حَدَثَ، فَلَمَّا دَخَلَ عليه قالَ لأبِي بَكْرٍ: أخْرِجْ مَن عِنْدَكَ، قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّما هُما ابْنَتَايَ -يَعْنِي عَائِشَةَ وأَسْمَاءَ-“ هنا الرسول أراد الانفراد بصاحبه لمشاورة امر الهجرة، فطمأنه أبو بكر إنه لا يوجد أحد إلا بناته.
- “قالَ: أشَعَرْتَ أنَّه قدْ أُذِنَ لي في الخُرُوجِ؟ قالَ: الصُّحْبَةَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الصُّحْبَةَ، قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ عِندِي نَاقَتَيْنِ أعْدَدْتُهُما لِلْخُرُوجِ، فَخُذْ إحْدَاهُمَا، قالَ: قدْ أخَذْتُهَا بالثَّمَنِ” هنا تم الاتفاق سويًا على الخروج معًا للمدينة وترك الوطن جانبًا حتى يأذن الله بالعودة.
هنا يوضح الحديث أن الرسول قد زار أبو بكر في وقت لم يعتاد زيارته فيه، فأوقع هذا في نفس أبي بكر الفزع، وعلم أن الرسول ما آتي إلا في أمر جلل، لذا يوضح الأمر وقع هذا الخبر على نفس محمد (ص) على الرغم من أنه كان يدرك أن هذا آتي لا محالة، مما يوضح حبه لوطنه، وإثاره الخير للدعوة وللمسلمين على رغباته، والله أعلم.
يعطينا الرسول هنا مثال في حب الوطن والارتباط به، لهذا ينبغي ألا يحقر المرء أبدًا من شان وطنه، فما قال الرسول الحمد لله الذي أخرجني من هنا فقد كانت هذه البلدة كذا وكذا، أو كان أهلها كذا وكذا، بل أحبها وأعتز بها رغم كل شيء.
الصحابة والاغتراب عن الوطن
لم يكن الرسول فقط من أحن لوطنه، بل كان الوطن عزيزًا على الجميع، فعلى الرغم من أن حب الوطن غريزة، إلا أن العرب بشكل خاص ارتبطوا كثيرًا بأراضيهم وأوطانهم، فكان خروج المسلمين من أوطانهم لنصرة الإسلام هي اختبار من الله -عز وجل- لإيمانهم.
لذا ندرك أن التحقير من شان الأوطان ليس من ديدن الأنبياء ولا عباد الله الصالحين، فوجب على كل امرئ أن يعتز بوطنه، ويسعى من خلال المساهمة الفعالة والإيجابية إلى الرفع من شأن موطنه، فإن عجز عن ذلك وكان هذه البلدة فاسدة عن بكرة أبيها، حينها يرحل دون ذم أو تحقير ويدعو الله لوطنه بالهداية.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: صحة حديث إذا بلغت الناس بشهر رمضان حرمت عليك النار
واجب المسلم تجاه موطنه
الفرد هو أصغر بناء في المجتمع، وفرد مع فرد مع مجموعة نصنع معًا المجتمع، ولكل منا دور تجاه الآخرين، ومن ثم تجاه المجتمع، وهذا باختلاف الأديان، فالوطن حقًا للجميع، يجب على الجميع أن يتكاتف لحمايته مما يلم به، لذا نوضح أهم مهام المرء تجاه وطنه، وذلك في الآتي:
- حماية الوطن، أي الدفاع عنه، وهذا لا يتضمن فقط الدفاع عنه بالسلاح من الأعداء، بل حمايته بالعلم والثقافة والمعرفة.
- المشاركة المجتمعية في الأعمال التي تعود بالفائدة على الجميع.
- تأدية العمل على أكمل وجه.
- غرس قيمة الوطن في نفوس الأبناء، فغدًا سيكونون هم المدافعين عنه.
- مساعدة الغير كلما أمكن.
- أن يكون الفرد ذاته صورة حسنة لوطنه أمام الآخرين.
- الإحسان للضعيف.
- محاولة رفض الظلم كلما أمكن سواء بالقول أو الفعل.
- حماية المنشآت العامة.
- عدم التهرب من الضرائب، فهي تعود بالفائدة على الآخرين في صورة مرافق وخدمات يتم تقديمها للمجتمع، ومن ثم فهي تعود غليك ولكن بهيئة أخرى.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: أجمل أحاديث قدسية عن الرزق مكتوبة
قدمنا لكم حديث نبوي شريف عن الوطن، ذلك للتأكيد على حب الوطن وتوضيح وجهة النظر الإسلامية فيما يتعلق بالأوطان، فقد أحب الأنبياء والأولياء الصالحين أوطانهم، حيث كان الوطن وسيكون دومًا جزء من هوية الإنسان.
شكرا على الحديث