هل الجن العاشق يفرق بين الحبيبين
هل الجن العاشق يفرق بين الحبيبين؟ وما حكم زواج من به مس؟ يشيع بين الناس الشكوى بأن الجن يطاردهم في منامهم ويتربص بهم ليلًا فيستيقظون وآثاره على أجسادهم، مما يصيب الممسوس بالإحباط والخوف والقلق من مستقبله وحياته في الزواج، وعبر موقع زيادة نطلعكم على أهم ما ورد بهذا الصدد.
هل الجن العاشق يفرق بين الحبيبين
كثيرًا ما نسمع أن الطلاق قد وقع بين طرفين بسبب نزاعات ظهرت في حياتهم بدون أي مقدمات، ويرى البعض أن هذا بسبب المس والحسد والسحر المدبر لإفساد حياة الزوجين من الحساد والكارهين.
إلا أننا نسمع أيضًا عن أن الجن العاشق تلبس أحد الطرفين فأفسد الزواج وأفسد ما كان من علاقة بين المرأة ورجلها، وبذلك يلتمس الطرف الخوف والقلق في النوم بجانب زوجه ولا يأنس منه رشدًا ليلًا أو نهارًا.
لذا نقول نعم، الجن العاشق يفرق بين الحبيبين، ولكنها نعم مشروط، فالجن العاشق عندما يتطور مسّه إلى الأذى على شاكلة الجنون والاضطراب الحاد الذي يصعب معه التكيف والعيش مع هذا الشخص فإنه يؤدي إلى الطلاق البين.
أما إذا كان الجن العاشق يؤثر على الزواج من حيث العلاقة الحميمة فيمنع الرجل عن المرأة أو يمنع المرأة عن الرجل، كأن يجد الزوج نفسه منهكًا جسديًا طوال اليوم، أو تنقطع الرغبة عن الزوجة، فكلها من العوامل التي يمكنها أن تؤثر على سير العلاقة ولكنها لا تحكم عليها بالفشل.
يمكن أن تكون الإجابة على سؤال هل الجن العاشق يفرق بين الحبيبين؟ هي النفي، وهذا لأن كثيرين ممن مروا بمس من الجن العاشق تعافوا ولم يحتاجوا إلى أكثر من الرقية الشرعية المعروفة والمتفق على صحيحها في كل المصادر الإسلامية.
لذلك تكمن الإجابة في حالة الزوجين وطبيعة شخصياتهم، وبالطبع مرحلة المس ودرجته وإلى أي مدى يؤثر على العلاقة نفسيًا وسلوكيًا وجسديًا.
اقرأ أيضًا: علاج الجن العاشق
علامات الجن العاشق
يجب في معرض الحديث عن الجن العاشق ومسه أن نجيب عن هل الجن العاشق يفرق بين الحبيبين من حيث مخاطر الجن العاشق على نفس الممسوس، ولذلك يجب أن نتناول ذكر الجن العاشق وأثره بشيء من الاستفاضة.
من علامات الجن العاشق أن المرء يلتمس القبح في زوجته ولا يرى منها إلا السوء، وإذا نظر بوجهها لم يرى غير محيا القبح، وقد يمتد مس الجن إلى الأثر المادي الواضح مثل أن يعيش الإنسان في إنهاك وتعب ويظل ممنوعًا من متاع الدنيا.
هل الجن العاشق يؤذي الحبيب
يخشى بعض المصابين بالمس المقبلين على الزوج أن يتطور هذا الحال حين الزواج فيصل به الأمر إلى إيذاء زوجته ليلًا بغير الوعي أو الإدراك، والحق أن على المسلم حسن الظن بالله والتوكل عليه والشروع في أمر الزواج طالما لم يتبين أن حالته تميل إلى السوء يومًا بعد الآخر.
إن المسلم قوي بدينه، وإذا لم نستطيع أن ننكر المس الشيطاني فإننا نستطيع الحد من التهويل والترهيب من كل مس ضئيل أو هاجس لا أصل له، ونحن نرى أن كثيرًا ممن قال إن مسًا أصابهم لم يعانوا إلا من الهلاوس والهواجس.
بذلك لا يبقى لنا إلا الإشارة إلى الدواء المتعارف عليه لكل من عاش مع المس وعانى من شرور الشيطان، وهو قراءة سورة البقرة، وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: “إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ“.
كذلك روى النعمان بن بشير عن الرسول: “إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، أَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَلَا يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ“.
لذلك فأحرص على الرقية وداوم عليها وبإذن الله يزول المس، ولكن لا تتهاون في كشف ما بك من علّة لزوجك وأن تتوكل على الله في إكمال السنن التي أمر بها.
اقرأ أيضًا: هل سورة البقرة تحرق الجن العاشق
حكم إيذاء الغير بمس من الجن العاشق
يرد على المسامع أن أحد الزوجين قد تعرض لزوجه بالإيذاء وهو تحت مس الجن العاشق، وهو ما ينفر بعض ممن يلتمسون في أنفسهم مسًا من الزواج، ولكن الرد على ذلك هو أن المسلم ساعة النوم يرفع عنه القلم فهو غير مميز يسقط عنه التكليف.
يحاسب المسلم ساعة التمييز وحين الإدراك والشعور، وإذا تعرض لغيره بالأذى فإنه يُرفع عنه التكليف طالما لم يشعر ولم يتذكر، وكذلك الحال إذا تعرض لزوجه بأذى؛ طالما لم يتزوج وهو يعلم أن به هذه العلة.
التفريق بين المرء وزوجه، أو نفور المرء وعزوفه عن الزواج، كلها من آثار الجن العاشق الذي يريد أن يستخلص الإنسي لنفسه ويمنعه عن بناء العلاقات والعيش السليم.
اقرأ أيضًا: الرقية الشرعية لاخراج الجن العاشق
حكم الزواج لمن به مس من الجن
استكمالًا للإجابة على تساؤل هل الجن العاشق يفرق بين الحبيبين؟ يجب على المسلم الذي يواجه مثل هذه العائق أن يبين للطرف الآخر مدى تأثير هذا عليه، سواء كان بأن يُرجع ما به من خطب إلى معاناته مع جن عاشق يفسد عليه متع الزواج أو يحول بينه وبين كمالها، أو أن يُرجع ذلك إلى أثر عضوي أو نفسي.
بجميع الأحوال يجب فسخ النكاح إذا لم يأنس الطرف الآخر لهذا الحال؛ وذلك إذا لم يطلع الطرف الآخر على ذلك ولم يرتضي به زوجًا بعدها، وهذا من الحقوق التي أوجبها الإسلام للمرأة التي تتزوج دون درايتها بهذا العيب.
يقول ابن القيم بهذا الصدد ما يجيب عن هل الجن العاشق يفرق بين الحبيبين: “والصحيح أن النكاح يفسخ بجميع العيوب كسائر العقود لأن الأصل السلامة…. والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من المودة والرحمة فإنه يوجب الخيار“.
أما إذا وصل الأمر بالمصاب حد الجنون وامتنع عن التمييز في أصغر الأمور، وعجز عن تدبير أبسطها، فهذه أيضًا من المجيزات التي تتيح للمتزوجة فسخ عقد قرانها، ويقول ابن القيم أيضًا: “ وقال الشافعي ومالك يفسخ بالجنون والبرص والجذام والقرن والجب والعنة خاصة“.
أما إذا كان المسلم يعلم أنه مصاب بأثر أو مس ضعيف من الجن العاشق، بحيث لا يفسد عليه ذلك زواجه فإن عليه التقدم للزواج وألا يزهد فيه، ولكن عليه أولًا أن يعمد لعلاج نفسه والبحث عن شفاءِ لعلته.
أما إذا رأى المسلم أن في تركه الزواج فضلًا لمنع ما يمر به من أذى على غيره فإنه يؤجر على ذلك ولا يأثم بترك الزواج؛ وهذا قياسًا على من ترك الزواج لعلة به لا تؤثر على استمتاعه فإنه لا يأثم أيضًا.
قال ابن قدامة في المغني: “واختلف أصحابنا في وجوبه (النكاح) فالمشهور في المذهب أنه ليس بواجب إلا أن يخاف أحد على نفسه الوقوع في محظور بتركه فيلزمه إعفاف نفسه وهذا قول عامة الفقهاء“.
لا شك أن المس الشيطاني وارد أثره في الكتاب والسنة، وأن السحر والحسد من الأمور التي يجدر بالمسلم الحذر منها، ولذلك عليه بالرقية الشرعية.