أصعب بيت شعر للمتنبي

أصعب بيت شعر للمتنبي يأتي من صور الغرابة في الشعر العربي، أي الإتيان بغريب التركيبات والألفاظ فتظهر الأبيات وكأنها مُبهمة أو بها شيء من اللبس.. فيُستعصى فهمه إلا بالعودة إلى المعنى اللغوي، وفي هذا نُقدم قبس من أبيات المُتبني من خلال موقع زيادة.

أصعب بيت شعر للمتنبي

إن شككوا في فصاحة اللغة العربية الجليلة أخبرهم بأشعار المُتنبي.. فهو صاحب الأبيات الشعرية المعنية بتغيير شكل الكلمات ومعناها، والتلاعب باللفظ بما ينم عن بلاغة وبيان.

أحيانًا ما نمر في قراءة بعض الأبيات الشعرية بمجموعة من الألفاظ غير مفهومة المعنى.. ومن المحتمل أن تكون قد كُتبت وهي خالية المعنى، أي أنها أُضيفت للنظم فقط.

ذُكر أن أبلغ ما جاء في الشعر العربي هو أصعب بيت شعر للمتنبي.. ويُقال قياسًا إلى تلك الصعوبة أنهُما مقطعين من قصائد مختلفة، أولها هو ما ذُكر في ديوانه الشعري، والآخر يُنسب إليه.

مع العلم أن المتنبي استخدم فلسفته الخاصة لطريقة الحياة الأصوب التي يُمكن أن تجعل المرء يعيش بكرامة وعِزة، وكانت في أبياتُه أحجية عند مُردديها، كما أنها أتت مُستعصية على ذي اللغة البسيطة فهمها.

أولًا: خطاب المُتنبي لعضد الدولة

هو أصعب بيت شعر للمتنبي ذكره متحديًا الشعراء في مجلس الحاكم.. لإثبات جدارته وفصاحته اللغوية، فهو من استطاع استخدام كلمات مستعصية قلّما يفهمها أحد.

عِشِ اِبقَ اِسمُ سُد قُد جُد مُرِ اِنهَ رِفِ اِسرِ نَل

غِظِ اِرمِ صِبِ اِحمِ اِغزُ اِسبِ رُع زَع دِلِ اِثنِ نُل

وَهَذا دُعاءٌ لَو سَكَتُّ كُفِيتَهُ

لِأَنّي سَأَلتُ اللَهَ فيكَ وَقَد فَعَل

استخدم المتنبي كما هو واضح في الأبيات أفعال الأمر.. توجيهًا كلامه للحاكم لا بمعنى الأمر إنما الحث على التحلي بالمكارم، فكل المعاني التي أراد إيصالها سبق وأفرد العرب فيها كثيرًا من معاني الفروسية وتغنّى بها الشعراء.

  • عِش: فعل أمر من العيش.
  • ابقَ: فعل أمر من البقاء.
  • اسمُ: العلوّ.
  • سُد: كن سيدًا.
  • قُد: فعل أمر وهو قائد الخيل.
  • مُر: تأتي من الأمر أي أعطِ الأوامر.
  • انْهَ: فعل أمر والمقصود به النهي.
  • رِ: من الورى، أي أصب رئات أعدائك بالآلام.
  • فِ: فعل أمر مشتق من الوفاء.
  • اسْرِ: بمعنى سِر إلى أعدائك بجيوشك.
  • نَلْ: أي لك أن تنال ما تريد من أعدائك.
  • غِظْ: فعل أمر مشتق من الغيظ والمقصود إغاظة الحساد.
  • ارمِ: من الرماية معناها ارمِ بسهمك مَن يبغضك.
  • صِب: من الإصابة، ومعناه اجعل سهمك يصيب الهدف.
  • احمِ: فعل أمر من الحماية.
  • اغزُ: أي يُمكنك غزو أعدائك.
  • اسبِ: من السباية.. أي خذ نسائهم سبايا.
  • رُع: من الروع أي أخف أعدائك وسبِّب لهم الفزع.
  • زَع: من وزعه بمعنى كف أعدائك.
  • دِ: تأتي من الدية بمعنى احمل الدية عمن تجب عليه.
  • لِّ: من الولاية فولِّي من تريد على البلدان.
  • اثنِ: رد الأعداء عن مطامعهم.
  • نِل: من النوال أي أعطِ مثل السحاب من فضلك وكرمك.

اقرأ أيضًا: ألم ألم ألم ألم بدائه شعر لأبو الطيب المتنبي

ثانيًا: بيت شعري يُنسب للمتنبي

نعلمُ أن المتنبي من أبلغ شعراء العرب، ومن أبياته ما ذُكر منها أعظم الأبيات العربية على الإطلاق، فهو ذو موهبة فريدة.. لذا يُنسب إليه تلك الأبيات الشعرية على الرغم من عدم وجودها في ديوانه.

أَلَمٌ أَلَمَّ أَلَمْ أُلِمَّ بِدَائِهِ

إِنْ آنَ آنٌ آنَ آنُ أَوَانِهِ

من أكثر الأبيات شيوعًا وقيل إنه من أبلغ ما قال المُتنبي، وقيل كذلك إنه من أصعب أبيات الشعر على مر التاريخ، رغم أن البعض شكك في انتسابُه إليه.. أمّا عن تفسيره:

  • الشطر الأول: (أي وجع شملني لم أعلم ما مرضه أو ما هو).
  • الشطر الثاني: يُفسر أنه (إن توجّع صاحب الألم فهذا يعني أنه قد حان وقت شفائُه).

يُقال إن المتنبي قصد تلك الكلمات تعبيرًا عن مدى إحاطة الألم التي لم يسبق له أن أحسّ بها سلفًا، أمّا عن الإعراب فيأتي في الشطرين على النحو التالي:

  • أَلَمٌ: مبتدأ مرفوع بالضمة.
  • أَلَمَّ: فعل ماضٍ مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر تقديرُه هو، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ.
  • أَلَمْ: الهمزة للاستفهام، ولم أداة نفي وجزم لا محل لها من الإعراب.
  • أُلِمَّ: فعل مضارع مجزوم بالسكون، والفاعل ضمير مستتر.
  • بِدَائِهِ: الباء: حرف جر مبني لا محل له من الإعراب، داء: اسم مجرور بالكسرة وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.
  • إن: أداة شرط ليس لها محلٌ من الإعراب.
  • أنَّ: فعل ماضٍ مبني على الفتح.
  • آنٌّ: فاعل مرفوع بالضمة.
  • آنَ: فعل ماضٍ مبنيّ على الفتح.
  • آنُ: فاعل مرفوع بالضمة.
  • أوانِهِ: مضاف إليه مجرور بالكسرة، والهاء ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.

اقرأ أيضًا: اجمل ابيات المتنبي

أبلغ أبيات شعر المتنبي

فضلًا كان شعر المتنبي صورة صادقة لعصرِه بحق، وكان يُدرج فيه مذاهبه وآرائِه، وتجلى في كثير من أبياتِه الفلسفة والنضج ورجاحة العقل، والكثير من الاضطراب أحيان أخرى.

لكن لا شك أن أصعب بيت شعر للمتنبي ينم عن تجليّ القوة في معانيه المستوحاة من خياله الجامح.. كذلك تلك الأبيات بليغة المعنى كانت الأكثر شيوعًا، جاءت من قصيدة “أرق على أرق” في ديوانه الشعريّ.

أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُ

وَجَوىً يَزيدُ وَعَبرَةٌ تَتَرَقرَقُ

جُهدُ الصَبابَةِ أَن تَكونَ كَما أَرى

عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ يَخفِقُ

ما لاحَ بَرقٌ أَو تَرَنَّمَ طائِرٌ

إِلّا اِنثَنَيتُ وَلي فُؤادٌ شَيِّقُ

جَرَّبتُ مِن نارِ الهَوى ما تَنطَفي

نارُ الغَضى وَتَكِلُّ عَمّا تُحرِقُ

وَعَذَلتُ أَهلَ العِشقِ حَتّى ذُقتُهُ

فَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ

وَعَذَرتُهُم وَعَرَفتُ ذَنبِيَ أَنَّني

عَيَّرتُهُم فَلَقيتُ فيهِ ما لَقوا

أَبَني أَبينا نَحنُ أَهلُ مَنازِلٍ

أَبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنعَقُ

نَبكي عَلى الدُنيا وَما مِن مَعشَرٍ

جَمَعَتهُمُ الدُنيا فَلَم يَتَفَرَّقوا

خيال المتنبي كان خصبًا، فاستخدم عبارات رصينة تتناسب مع روحه القوية، فلم يعنِ بكثير من المحسنات أو الصور البيانية بقدر ما عني بقوة المعنى والألفاظ الجزلة.

في جديد المعاني وغريبها ما يُمكنه إثراء الثقافات واللغة عند الأجيال، مما يُعزز الانتماء إلى اللغة العربية الفصيحة.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.