بحث عن الإيمان بالله
بحث عن الإيمان بالله وأركان الإيمان، فلا يكتمل إسلام المرء بلا إيمان، ومن نعم الله علينا أن رزقنا الإيمان، وأن نلجأ إليه فهو الركن الرشيد العاصم لنا من نوائب الدهر وتقلباته، ومن خلال موقع زيادة سنتناول موضوع هذا الموضوع بشيءٍ من التفصيل والإسهاب إيمانًا منا بضرورة فهم النشء الصاعد وتوعيته بفكرة الإيمان.
بحث عن الإيمان بالله
بداية، استدل الإنسان على الإيمان بالله بالفطرة النقية وبفضل من الله وهبه له، فحين نقول إن الإيمان بالله هو أول أركان الإيمان فذلك لأن إيماننا بالخالق أولًا ينقلنا إلى الإيمان والتسليم بكل ما أمرنا أن نؤمن به.
فحتى وإن كانت مسألة الإيمان مسألة عقائدية فالسعي إليها ضرورة حتمية لا تستوجب التراخي والتسويف، بل تستوجب التوجه نحوها بالعقل والقلب والجوارح كلها، يقول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً} (النساء 136).
فمفهوم الإيمان هو التصديق بوجود الله وألوهيته وتوحيده، وإدراك أنه المستحق للعبادة، وأنه الخالق ولا خالق غيره، فالإيمان هو التسليم والاستسلام للخالق، وطاعته وحده والامتثال لكل أوامره والاطمئنان لكل أقداره، وهو أجمل ما يُمكن أن نبدأ به بحث عن الإيمان بالله.
نعمة الإيمان بالله
بتعجب البعض من الذين لم يدخل الإيمان في قلوبهم، ليحل محله الكبر من شكر المؤمنين لله على نعمة الإيمان، ويلتبس عليهم كيف يمتن ويشكر الإنسان ويحمد أنه عبد ذليل مفتقر لمعبوده.
لكننا لا نتعجب منهم فقد كان الأعراب من قبل يتأرجحون بين الإسلام والإيمان -والفرق بينهم سنتناوله في الفقرات القادمة – فالإيمان بالله نعمة تستوجب الفخر، وأن تكون عبدًا للخالق العظيم الذي منً علينا بالحياة وسخرها لنا ومنَ علينا بالإسلام وأتم نعمه بالإيمان؛ هو نعيم لا يعرفه القاسية قلوبهم.
اقرأ أيضًا: كلام عن الأمل بالله
الفرق بين الإسلام والإيمان
قد يختلط على البعض مفهومي الإسلام والإيمان أو يراهم نفس الشيء والفرق بينهما شاسع، والدليل على ذلك قوله تعالي:
{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (الحجرات 14).
فالإيمان مرتبة أعلى ينالها من حسُنَّ إسلامه، فليس كل مسلم مؤمن، ولكن بالحتمية كل مؤمن مسلم، فالإسلام هو الأعمال الظاهرة، والإيمان هو الأعمال الباطنة.
يقول في ذلك -عز وجل- في كتابه الحكيم {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} (طارق: 9)، والسريرة هي ما يوقر فيها العبد سره، فالمسلم من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله واتبع أركان الإسلام، أما المؤمن فيعلمه الله علام الغيوب، مقلب القلوب.
أركان الإيمان
الإيمان مكانة عالية لا ينالها إلا من رضي الله عنه، وللإيمان أركان كما للإسلام، ولكنها تختلف عنه فأركان الإسلام خمسة، والإيمان ستة، ومن هنا نقول إن أركان الإيمان هي:
- الإيمان بالله.
- الإيمان بالملائكة.
- الإيمان بالكتب السماويّة.
- الإيمان بالرُّسل.
- الإيمان باليوم الآخر.
- الإيمان بالقدر خيره وشره.
الإيمان بالله هو أول أركان الإيمان، وعلاقة باقي الأركان به علاقة التبعية فلا يوجد عاقل يؤمن بالخالق الجبار الذي خلق كل هذا الكون ولا يؤمن بصنيعه.
فلا نجد عاقلًا يؤمن بالله ويكفر بكتبه أو ملائكته أو أي ركن من أركان الإيمان لأن هذا سيعيدنا لمسألة الإيمان بالله، والتي بلا شك سيكون لديه خلل فيها فلا يصح أن نقول إنه مؤمن، وهذا أمرٌ لا بُدَّ من قوله في إطار سردنا لبحث عن الإيمان بالله.
اقرأ أيضًا: البحث عن ايات تدل على التامل في ستة أقسام
قضايا ناشئة عن ضعف الإيمان
بالحديث عن بحث عن الإيمان بالله نجد أنه مع تطورات العصر وانفتاح الثقافات، ظهرت الكثير من الأفكار، ولا ننكر أن منها الكثير ما أفاد البشرية أجمع، ولكن أزمة العولمة اتضحت جلية حين تلاقت مع مشكلات ضعف الإيمان.
فهي مشكلة موجودة منذ العصور الإسلامية الأولى، ولكن انفتاح وتبادل الثقافات كشف عنها الغطاء، بل وأصاب ضعاف النفوس بسهام العولمة وأفكارها المتعارضة مع مبادئ الإيمان، فكانت أشهر هذه القضايا:
1- قضية المادية
المادية بشكلٍ عام هي تبني فكرة كون الكون بكُل ما فيه من مخلوقاتٍ وتضاريس وغيرها من الأمور التي تشمل الجوانب الذهنية حتى كالتفكير والوعي ما هي إلا نتاج بعض المواد الطبيعية التي تتفاعل مع بعضها البعض، وهي من أنواع الفلسفة الأحادية.
بالرغم من تبني الكثيرين لمبدأ المادية؛ إلا أن حتى هؤلاء يقفون عاجزين أمام مفاهيم كالروح والإيمان والأخلاق، فلا يجدوا لها تفسيرًا منطقيًا داخل فلسفتهم المادية مهما حاولوا إرجاع ذلك للطبيعة والمادة، فكل الطرق تقودهم بالضرورة لوجود خالق، وصانع أول وأوحد لكل هذا الكون المادي الذي يعبدونه.
2- قضية العلمانية
هو المبدأ القائم على فصلِ الحكومة ومؤسساتها والسّلطة السّياسيّة عن السّلطة الدّينيّة أو الشّخصيّات الدّينيّة، ويتم تعريف العلمانية بشكل شائع على أنها فصل الدين عن شؤون الدولة، ويمكن توسيعها إلى موقف مماثل فيما يتعلق بالحاجة إلى إزالة أو تقليل دور الدين في أي مجال عام.
العلمانيون بكل زعم المسلمون منهم أنهم يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وقضائه خيره وشره، إلا أنهم يناقضون أنفسهم حين يخرجون الدين من كل نواحي الحياة.
الله خلق العلم والمجتمعات والتجارة والصناعة فكيف لمنهجه –عز وجل- ألا يكون مناسباً لحياتنا اليومية؟! كيف نعزله عنها ومن خلق لنا هذه القواعد هو من خلق لنا تلك الحياة؟! فالعلمانية مثلها كمثل باقي القضايا المنشقة عن الإيمان ليس لها منطق ولا ركيزة قوية.
3- قضية اللادينيين
كثيرًا ما يتم وصف اللادينية بكونها عدم الإيمان بديانة مُعنية، وذلك في إطار الرفض المنهجي لمرجعية الدين، وعلى إثر ذلك يرون أنه مُجرد مُعتقد لا يحمل قداسة.
أغرب ما فيها أن أغلب معتنقي فكرها يرون أنهم يؤمنوا بالله والخالق في نظرهم، ولكنهم يرون أن الأديان رسالات وضعية، وأن الرسل ما هم إلا بشر وليسوا بمرسلين، وهو امتداد لعصور الجاهلية حين ذكر القرآن قصص الكفار مع رسلهم في عدة مواضع منها:
{وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِۦٓ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍۢ مِّن شَىْءٍۢ ۗ} (الأنعام: 91).
اقرأ أيضًا: ما هي أركان الإيمان
علاقة الإيمان والعقيدة بحل القضايا الدخيلة
هُناك العديد من القضايا التي كان منشأها خللًا في قضية الإيمان وترسيخ مبادئ العقيدة والتوحيد، فالإنسان الهش ضعيف الإيمان سريع التأثر بكل الظواهر المحيطة، وفي عالمنا اليوم كل دقيقة نواجه قضايا وإشكاليات جديدة تستهدف الدين والإيمان، وكلما تساهلنا في ترك هذه الأسس والرواسخ ولم نسع لتعزيزها في تفشت هذه الظواهر وأدت لتدهور المجتمع.
لذلك يكمن الحل دائمًا في اللجوء إلى منهج الله، وترسيخ عقيدته وأوامره ونواهيه، بدءًا من الأطفال والشباب لأنهم أصبحوا الأكثر عرضة للعولمة وسلبياتها، مرورًا بكل الأعمار لأن قضية الإيمان لا تقبل التهاون أو المماطلة.
لطالما كانت قضية الإيمان قضية محورية تبنى عليها المجتمعات والحضارات، وكلما ابتعدنا عنها ازددنا انحدارًا وتخلفًا، وكلما تمسكنا بها توطنت جذور الدين فينا ومنَ الله علينا بأعظم نعمه، نعمة الإيمان، وهذا ما حاولنا تناوله بشكلٍ موسع قدر المُستطاع فيما قدمناه من بحث عن الإيمان بالله.