شعر عن الشوق للحبيب الغائب
يعد كل شعر عن الشوق الحبيب الغائب مكتوبًا أو تم إلقائه في إحدى التجمعات، هدفًا وغرضًا قائمًا بحد ذاته في مجال الشعر بوجه عام، ولا يوجد ما هو أصعب من الشوق.
يمكن للشعر أن يحاول وصف وسرد الإحساس به والشكوى منه بالرغم من عدم القدرة على الاستغناء عنه، لجمال وتضارب وأهمية ذلك الشعور سوف نعرض من خلال موقع زيادة، باقة من أفضل القصائد المختارة عن الشوق.
شعر عن الشوق للحبيب الغائب
إن الحب لا يستحق أن يقال عنه حبًا إلا إذا اكتوى الأحبة فيه بنيران الشوق عندما يغيب أحدهما عن الآخر، وإذا تعمقنا في البحث قليلًا لوجدنا أن كل شاعر كتب عن الشوق بحرارة، قد اكتوى بناره في حياته في الحقيقة بعيدًا عن الأقلام والأوراق وما عليها من كتابة.
يزخر الأدب المصري بمئات بل بآلاف القصائد الرائعة التي تغنت في شعر عن الشوق للحبيب الغائب، ومن بين تلك الروائع الفنية:
1- قصيدة أشواق
هذه التحفة الفنية التي تتميز بالرقة والعذوبة والبساطة والشجن في آن واحد، سطرت بيد الشاعر المصري الأصيل مصطفى عبد الرحمن، ولقد غنتها الفنانة الكبيرة ميادة الحناوي من ألحان الفنان رياض السنباطي كما غناها هو الآخر بدوره.
“أيها الناعم في دنيا الخيال.. تذكر العهد وماضي الصفحات
أعَلى بالك ما طاف ببالي.. من ليالٍ وعهود مشرقات؟
لا رأت عيناك شكي.. وضلالي.. وحنيني.. ولهيب الذكريات
عندما يعرضها الماضي لعيني.. صورا تجلو الذي ضيَّعت مني
من ليالٍ بهوانا راقصات
هتف الصبح وغنى بنشيد.. رائع اللحن شجي النغمات
كالمُنى تُقبل كالحلم السعيد.. في خيال كابتسام الزهرات
بَيدَ أني لا أبالي بالوجود.. ولياليه الحسان النيرات
إن يكن قلبك لا يسمع لحني.. فلمن يا فتنة الروح أغني؟
للهوى سر المعاني الخالدات
آه لو تسمعني.. أشكو الجوى يا حبيبي
آه لو تسمعني
وترى القلب ونيران الهوى ولظاها..
ودموع الشجن
لترفقتَ بقلبي..
فانطوى ما بقلبي من هوى أرقني
أين أحلام شبابي؟ أين مِنّي؟
أمسيات من فتون وتمني..
وعيون الدهر عنا غافلات
يا حبيبي أيقظ الماضي شجوني..
حينما طافت رؤاه في خيالي
وتلفّتُ بعيني ليقيني..
فإذا الحاضر كالليل حيالي
وإذا بي قد خلت منك يميني
وانطوى ما كان من صفو الليالي
طال بي شوقي.. لأيام التغني
وليالٍ هن بعضي غاب عني
فأعِد لي ما انطوى من بشريات“
اقرأ أيضًا: كلام عن الاشتياق للحبيب الغائب
2- قصيدة صخرة الملتقى
إذا تكلمنا في أي شعر عن الشوق للحبيب الغائب سنجد أن الشاعر الراحل دكتور إبراهيم ناجي، يعد رائدًا من رواد كتابة الشعر العربي في هذا الغرض بالذات، ولقد صوَّر الشاعر في أبياته الشوق في أحسن وأبهى الصور وأكثرها تأثيرًا في النفس.
سألتكِ يا صخرةَ الملتقى … متى يجمع الدهرُ ما فرَّقا!
فيا صخرةً جمعت مهجتين … أفاءا إلى حسنها المنتقى!
إذا الدهر لجَّ بأقداره … أجدَّا على ظهرها الموثقا
قرأنا عليكِ كتاب الحياةِ … وفضَّ الهوى سرها المغلقا
نرى الشمس ذائبة في العباب … وننتظر البدر في المرتقى
إذا نشر الغربُ أثوابَه … وأطلق في النفس ما أطلقا
نقول هل الشمس قد خضبته … وخلَّت به دمها المهرقا؟
أم الغرب كالقلب دامي الجراح … له طلبة عز أن تلحقا
فيا صورة في نواحي السحاب … رأينا بها همَّنا المغرِقا
لنا الله من صورَةٍ في الضمير … يراها الفتي كلما أطرقا!
يرى صورة الجُرح طيَّ الفؤاد … مازال ملتهبًا محرقا
ويأبى الوفاء عليه اندمالا … ويأبى التذكر أن يشفقا
ويا صخرة العهد أبت إليكِ … وقد مُزِّق الشَّمل ما مزقا
أريك مشيبَ الفؤادِ الشهيـدِ … والشيبُ ما كلَّل المفرِقا
شكا أسره في حبال الهوى … وود على الله أن يُعتقا
فلما قضى الحظ فك الأسيـر … حنَّ إلى أسره مطلقا
3- قصيدة أصلح الأوتار
في أي شعر عن الشوق للحبيب الغائب يجب أن تكون قصيدة أصلح الأوتار واحدة من أبرز القصائد الموجودة، وسر جمال القصيدة يكمن في أنها جمعت بين شوق المرأة لحبيبها، وكبريائها في آن واحد إلا أن كبريائها لم يمنعها من الألم ولوعة الشوق أو حتى إنكاره.
هذه الرائعة الشعرية من كتابات الشاعر والإذاعي المصري الشهير عمر بطيشة، ولقد تحولت هذه القصيدة إلى عمل غنائي أكثر من رائع حيث غنته الفنانة الراحلة فايزة أحمد، واكتمل الإبداع بوضع الملحن القدير محمد سلطان نغمات هذه القصيدة.
“أصْلِح الأَوتَارْ قَلْبِي عَادَ يَهفُو لِلغِنَاء
جَاءَتْ الأَشْوَاقُ حُلْماً زَائِرَاً هَذَا المَسَاء
بالمُنى ألقَى حَبِيْبَاً ضَنَّ عني بالِّلقَاء
كُلَّمَا آنستُ صَوتاً أو خَيَالاً قُلتُ جَاء
ثُمَّ لَا يَأْتِي! فَيُضْنِينِي حَنِيْنِيْ للبُكَاء
يَا حَبِيْبَاً صَارَتْ الذّكرَى بَدِيلاً عن رُؤَاهْ
كَيْفَ يَحَيَا لَا يَرَانِيْ؟ كَيفَ أحْيَا لا أرَاه؟!
حَولِيَ العُشَّاقُ لَكِنْ لَيسَ فِي قَلبي سِوَاه
كم دعاه القَلْبُ عندي في خَيَالِي كم حَوَاه
فاستَطَابَ الصَّمت ردّاً ثم يَمْضِي في خُطَاه”
4- قصيدة ولي فؤاد
البحتري هو واحد من أعظم شعراء العرب في العصر الإسلامي على الإطلاق، فبالرغم من أنه كان معاصرًا لحقبة زمنية غير متفتحة كعصرنا الحالي، وكان الرجل فيها مثالًا للقوة والمرأة مثالًا للضعف والاستكانة.
إلا أن هذا المنطق وطبيعة هذا العصر لم تمنع البحتري كرجل من أن يتغنى بالشوق لحبيبته الغائبة عنه ويغني للشوق، الذي كان بالنسبة إليه جزءًا لا يتجزأ عن كيانه الإنساني أو الرجولي.
“ولي فؤاد إذا طال العذاب به … هام اشتياقًا إلى لقيا معذبه
خِلٌّ قَريبٌ بَعيدٌ في تَطَلُّبِهِ … وَالمَوتُ أَسهَلُ عِندي مِن تَغَضُّبِهِ
وَلي فُؤادٌ إِذا طالَ العَذابُ بِهِ … طارَ اِشتِياقاً إِلى لُقيا مُعَذِّبِهِ
يَفديكَ بِالنَفسِ صَبٌّ لَو يَكونُ لَهُ … أَعَزُّ مِن نَفسِهِ شَيءٌ فَداكَ بِهِ“
اقرأ أيضًا: كلام حب للحبيب البعيد عن العين
5- قصيدة حقائب ودموع وبكاء
لا كلام عن الشوق أو عن الحب دون الحديث عن شاعر الحب الأول في العالم العربي، نزار قباني سوف يبقى هو رمز الحب والشوق الأبرز على الإطلاق، ولقد تغنى بلوعة الشوق في الكثير من قصائده، التي كان محور أغلبها هو الطاقة والمشاعر الأنثوية المكبوتة تجاه الحب في داخل كل امرأة.
تغنى نزار قباني في هذه القصيدة بالشوق إلى حبيبته ولم ينكر أبدًا فطرة الرجل التي سوف تبقى رغمًا عن القيود المجتمعية فطرة إنسانية بحتة.
“بحاجة إلى البكاء على ذراعيك
على دفاتري إذا أتى الشتاء
وانقطعت عندلة العنادل
وأصبحت كل العصافير بلا منازل
يبتدئ النزيف في قلبي..
وفي أناملي كأنما الأمطار في السماء
تهطل يا صديقتي في داخلي عندئذ..
يغمرني شوق طفولي إلى البكاء”
6- قصيدة لأنكِ مني
الشاعر الكبير فاروق هو واحد من عمالقة الشعر العربي، الذي يتميز برهف الحس ورقة المشاعر وبساطة الأسلوب بالرغم من عمقه وبعد حدود ما تحمله الكلمات من معانٍ، ولقد لخص جويدة معنى الشوق للحبيب الغائب أيما تلخيص.
لم يعترف الشاعر بإن البعد والغياب ينقص من قيمة الحب عند الحبيب تجاه الطرف الآخر، بل يرى أن البعد والشوق يزيدان الحب أضعافًا مضاعفة، وكلما طال البعد وزاد في مقابله الشوق، فإن هذا يؤكد على قيمة الحب الذي يتوج هذه العلاقة.
“تغيبين عني…..
وأمضي مع العمر مثل السحاب
وأرحل في الأفق بين التمني
وأهرب منك السنين الطوال
ويوم أضيع.. ويوم أغني..
أسافر وحدي غريبًا غريبا
أتوه بحلمي وأشقى بفني
ويولد فينا زمان طريد
يخلف فينا الأسى.. والتجني..
ولو دمرتنا رياح الزمان
فما زال في اللحن نبض المغني
تغيبين عني..
وأعلم أن الذي غاب قلبي
وأني إليك.. لأنك مني
تغيبين عني..
وأسأل نفسي ترى ما الغياب؟
بعاد المكان.. وطول السفر!
فماذا أقول وقد صرت بعضي
أراك بقلبي.. جميع البشر
وألقاك.. كالنور مأوى الحيارى
وألحان عمر شجي الوتر
وإن طال فينا خريف الحياة
فما زال فيك ربيع الزهر
تغيبين عني..
فأشتاق نفسي
وأهفو لقلبي على راحتيك
نتوه.. ونشتاق نغدو حيارى
وما زال بيتيَ.. في مقلتيك..
ويمضي بيَ العمر في كل درب
فأنسى همومي على شاطئيك..
وإن مزقتنا دروب الحياة
فما زلت أشعر أني إليك..
أسافر عمري وألقاك يوما
فإني خلقت وقلبي لديك..
بعيدان نحن ومهما افترقنا
فما زال في راحتيك الأمان
تغيبين عني وكم من قريب..
يغيب وإن كان ملء المكان
فلا البعد يعني غياب الوجوه
ولا الشوق يعرف.. قيد الزمان”
اقرأ أيضًا: خواطر اشتياق للحبيب
قيمة الشوق في الحب
مهما كتبنا من شعر عن الشوق للحبيب الغائب سوف يبقى ما نحسه أكبر من كلامنا وأشعارنا، فالشوق هو الذي يعطي للحب معناه وشعوره ولذته ومتعته وعذابه المرغوب، وإن لم يشتَق المحب إلى حبيبه عندما يغيب عن ناظريه فإنه لم يحب أبدًا.
إن الشوق هو الذي يجعل كِلا الطرفان يعرفان قيمة أنفسهم عند بعضهم، فإن الحب إن لم تغزوه الدموع ولم يكسُهُ الحزن في الكثير من لياليه، لا يستحق أن يقال عنه حبًا بالمرة.
الشوق يزيد من المحبة والود ويوقظ حاسة الشغف في العلاقة بين الرجل والمرأة، أو بين كل إنسان وإنسان بوجه عام ولا يشترط أن يكون الشوق عنصرًا رئيسيًا فقط في علاقات الارتباط بين الرجال والنساء، فإن الشوق حب وحيث لا يوجد شوق لا يوجد حب.
كل شعر عن الشوق للحبيب الغائب مهما كثر سوف يبقى مجرد جزء بسيط من المشاعر الإنسانية الفياضة، ومهما حاولنا جاهدين وصف الشوق ومعانيه المختلفة لن نستطيع ذلك.