قصة البحر الميت وقوم لوط
هل قصة البحر الميت وقوم لوط مرتبطان ببعض أم لا؟ وما هي الأدلة حول ذلك؟ فقوم لوط قد خسف الله بهم الأرض وجعل عاليها سافلها، فيرى كثير من العلماء، والمؤرخين أن البحر الميت يقع تحته ديار قوم لوط فترى هل هذا صحيح أم لا؟ سنتعرف بالتفصيل من خلال موقع زيادة على قصة البحر الميت وقوم لوط.
قصة البحر الميت وقوم لوط
قال الله تعالى: (وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغَابِرِينَ ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) [الصافات:133-138].
قصة قوم لوط من القصص التاريخية المعروفة المكتوبة في كتب التراث، وفيها أهلك الله -جل وعلا- قوم لوط أشد أنواع الهلاك فجعل أعالي الأرض أسفلها وخسف بهم وبدارهم الأرض لما كانوا يأتون من الفواحش، وجاء في كتب التراث أن هذه المدينة التي خسفها الله هي مدينة سدوم، وكتبت وكالة (بترا) الرسمية أن سدوم تتواجد في منطقة الأغوار الجنوبية جنوب الأردن.
قال الله تعالى: (وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ) [الحجر:67]، وجاء في كتب التفسير أن أهل المدينة المذكورين في الآية هم أهل مدينة سدوم وهم قوم لوط، وقال ابن كثير إن الله -جل وعلا- قد بعث لوطًا إلى أهل مدنية سدوم لينذرهم ممّا يفعلوا من فواحش، ويدعوهم إلى الإيمان والتقوى، وينهاهم عن الآثام والفواحش التي أتوا بها وما أتى بها قبلهم أحد من العالمين.
فلما عصوا لوطًا جاء أمر الله تعالى بأن يخسف بهم الأرض، قال الله -جل وعلا- في محكم تنزيله: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا) [هود: 82]، وقال ابن كثير أن المقصود هنا هي سدوم، وقال في قول الله تعالى: (وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) [الحجر:76] أي أن قرية سدوم قد أصابها ما أصابها من تدمير وقلب وانهيارات حتى أصبحت بحيرة عفنة.
من هنا جاء قول المؤرخين أن البحر الميت هو مكان أرض سدوم، وقد توافق ذلك مع الكتب الإسلامية والتاريخ الإسلامي، وكتب أهل الكتاب، كتبت صحيفة الصنداي تايمز اللندنية عام 1999 في العدد الصادر في شهر نوفمبر:
“إن مدينة سدوم – أكثر المدن إثما في نظر الكتب المقدسة – على وشك أن تستقبل أول زائر لها منذ رحل عنها النبي لوط بسرعة قبل أن تدمر بنيران شديدة منذ 4 آلاف سنة، سيقوم باحث بريطاني في غواصة صغيرة هذا الأسبوع بمغامرة في قاع البحر الميت حيث يعتقد أن بقايا مدينة سدوم ترقد هناك”.
اقرأ أيضًا: ما هو البحر الميت؟
سبب انخفاض منطقة البحر الميت
إن منطقة البحر الميت من أكثر المناطق انخفاضًا على مستوى سطح الأرض فالانخفاض فيها يعادل السنين مما أدى إلى قيام العلماء بضخ مياه البحر الميت إلى البحر الأحمر، ذكر الباحث إلياس سلامة أستاذ الجيولوجيا في الجامعة الأردنية أن: “منسوب مياه البحر الميت كان يعادل 392 مترًا تحت مستوى سطح البحر، وأصبح الآن يعادل 412 متر”.
فيرى العلماء، وأهل الكتاب أن هذه المنطقة منخفضة من إثر واقعة هلاك قوم لوط حينما خسف الله بهم الأرض، ويرون أن هذا مرتبط بقصة البحر الميت وقوم لوط.
اقرأ أيضًا: لماذا سمي البحر الميت بالبحيرة المقلوبة
هل يجوز الجلوس عند مكان قوم لوط؟
بعد أن عرفنا قصة البحر الميت وقوم لوط فإذا ثبت أن البحر الميت هو مكان قوم لوط عند سدوم فلا يجوز الجلوس في تلك الأماكن؛ وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهانا عن الجلوس في الأماكن التي عذب الله فيها أهلها إلا إذا كان الرجل باكيًا، فإن كان غير ذلك فلا يجوز له أن يمر بها أو أن يدخل عليها.
أما إلى الآن فلم يثبت أن البحر الميت هو ديار قوم لوط لذلك لا حرج في الذهاب إلى هناك ولكن النبي أمرنا أن نتقي الشبهات فمن الأفضل أن يبتعد الشخص عن منتجات هذا البحر، والله أعلم.
روى عبد الله بن عمر: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: لا تَدْخُلُوا علَى هَؤُلَاءِ المُعَذَّبِينَ إلَّا أنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فإنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فلا تَدْخُلُوا عليهم، لا يُصِيبُكُمْ ما أصَابَهُمْ) صحيح البخاري، وقد قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك عن ديار ثمود وذكر بأن هذا ما يجب فعله بالنسبة لأي قوم قد أهلكهم الله -جل وعلا-.
إلى الآن لا يوجد ما يثبت أكيدًا أن البحر الميت هو بقايا ديار قوم لوط وأغلب ما جاء من الآراء حول ذلك كان من أهل الكتاب، وقد أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- ألا نكذبهم ولا نصدقهم.
قصة عذاب قوم لوط نستخلص منها العبر والعظات، فما من قصص في القرآن عن القرون الماضية إلا وهي عبرة لِمن له عقل يفهم به، فقد قال الله: “لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب”.