أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير

أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير نقدم لكم اليوم تفسيرها عبر موقعنا زيادة حيث أن هذه الآية من آيات سورة البقرة وهي أطول سورة في القرآن الكريم، والتي تحتوي على الكثير من المعان والتي سنتعرف عليها بالتفصيل.

أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير

يقول الله تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}، الآية 61 من سورة البقرة، فهيا بنا نتعرف على تفسير هذه الآية بشكل أوضح، وبشكل خاص، (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير).

تفسير الآية 61 من سورة البقرة

الآية الكريمة من سورة البقرة تنبهنا لتذكر نعم الله تعالى علينا، كما أنعم على نبي الله موسى وقوم اسرائيل، فالمقصود بالطعام الواحد هو المن والسلوى، حيث كان نزوله كل يوم جعل من لونه واحد، ورقم واحد هو أول الأرقام، ولو انضم عليه مثله أصبح اثنان، ولكن الأصل هو واحد، والواحد هنا هو وحدة الفرد، وليس وحدة الرب، فالواحد لا يدل على الوحدانية، ومعنى الله واحد أنه ليس كمثله أحد، ولكن ليس المقصود بالطبع ما ينطبق على لغة الأرقام.

لذلك نجد أن من أسماء الله الحسنى الواحد، وأما في قوله تعالى: {لَن نَّصْبِرَ على طَعَامٍ وَاحِدٍ}، نجد أنهم وصفوا الطعام بالواحد بالرغم أنه نوعين من الطعام وهما المن والسلوى، ولكن نظراً لرتابة نزوله لهم، حيث كان الطعام ينزل إليهم من السماء.

ولكنهم تعنتوا مع الله عز وجل، وظنوا أنه سيقطع الطعام عنهم، فاتخذوا من تكرار نزول المن والسلوى إليهم حجة، وطلبوا أن يزرعوا الطعام بأيديهم حتى يمكنهم الحصول على الطعام طول الوقت، ولم يثقوا في رزق الله تعالى، وكأن جميع المعجزات التي أتى بها إليهم لم تكن كافية، ولكنهم لم يكتفوا بهذه المعجزات، وطلبوا من موسى عليه السلام رؤية الله سبحانه وتعالى جهرا، حيث قالوا له: {أَرِنَا الله جَهْرَةً}.

ولكن انظر ماذا طلبوا حين قالوا: {فادع لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأرض}، حيث نجد أن {ادع لَنَا رَبَّكَ}، معناها أطلب من الله تعالى، حيث أن الدعاء نوع من الطلب، فحين التوجه لله تعالى بالدعاء بالعطاء، ولو كان الطلب من الإنسان لله تعالى جلا وعلا شأنه فهو طلب من الأدنى للأعلى، لذلك يقال له دعاء، ولو كان الطلب من شخص لشخص آخر مساو له سُمي طلب وليس دعاء، أما لو كان الطلب من الأعلى للأدنى سُمي بالأمر.

لقد طلب قوم موسى أو بنو اسرائيل منه أن يدعو ربه لكي يخرج لهم طعام من الذي تجود به الأرض من أصناف وألوان، وذلك في قولهم في الآية الكريمة : {مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا}، حيث أن جميع هذه الأصناف كان من يأكلها هم العبيد.

حيث أنه من المعروف أن اليهود كانوا عبيد لآل فرعون، وفيما يبدو أنهم أخذوا على حياة العبودية ولم يستطيعوا تركها، بل أنهم يريدوا تناول نفس الطعام الذي كانوا يتناولونه أيام العبودية، برغم أن الله عز وجل كان يرغب في الرفع من قدرهم، فأنزل لهم المن والسلوى، ولكنهم لم يقدروا نعمة الله عليهم وفضلوا طعام العبيد.

وكلمة البقل هنا ليس معناها البقول فقط، ولكن جميع النباتات التي لا يوجد لها ساق، مثل الفجل، والخس، والجرجير، والكرات، أما القثاء فهو صنف من الخيار، والمقصود بالفوم هو القمح، أما البصل والعدس فهم معروفان إلى وقتنا هذا.

ويمكن التعرف على المزيد من المعلومات من خلال: في اي جزء من القران تقع سورة الملك وفوائد قراءة سورة الملك قبل النوم

ونرشح لك أيضًا: فوائد قراءة سورة البقرة للزواج وفضل آخر آيتين فيها

تفسير {أَتَسْتَبْدِلُونَ الذي هُوَ أدنى بالذي هُوَ خَيْرٌ}

أراد الله عز وجل أن يوبخ بنو اسرائيل قبل الرد عليهم، وذلك في قوله في الآية الكريمة {أَتَسْتَبْدِلُونَ الذي هُوَ أدنى بالذي هُوَ خَيْرٌ}، فعندما ننظر إلى كلمة استبدال الأدنى بالذي هو خير نجد أن حرف الباء له علاقة بالشيء المتروك، فعندما نقول اشتريت الثوب بدرهم فمعنى ذلك أنك تركت الدرهم في مقابل الثوب.

ففي قوله تعالى: {الذي هُوَ أدنى بالذي هُوَ خَيْرٌ}، نجد أن معناه تركهم لما هو خير وهو المن والسلوى، واختيارهم للأدنى وهو أصناف الطعام التي ذكروها، وليس معنى الدنو الدناءة، حيث لا يصح أن نُطلق على نعم الله لفظ الدناءة، ولكن لو تأملنا رؤية الله عز وجل نجد أنه يخلق بالأمر المباشر وبالأسباب، حيث أن ما يُخلقه بالأمر المباشر يقول له كن فيكون، ولكن الذي يُخلق بالأسباب لا يكون فيه أمر مباشر من الله تعالى، وهو ينم عن العطاء الخالص من الله تعالى، الذي لا يكون للإنسان دور فيه، وعلى العكس فإن الشيء الذي يُخلق بالأسباب يكون للإنسان دور فيه، مثل حرث الأرض، وزراعة البذور.

معنى ذلك أن ما جاء من لدى الله تعالى بالأمر المباشر يُقرب الإنسان من عطاء الآخرة التي يُعطي فيها الله الناس بدون أسباب، وللتأكيد على ذلك نتأمل قوله تعالى في الآية 131 من سورة طه، {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ * وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَ}.

نجد في الآية الكريمة أن الله تعالى يصف الرزق في الحياة الدنيا بالفتنة، ويصف الرزق في الآخرة بأنه أفضل منه، بالرغم أن جميع الرزق من لدى الله عز وجل، ولكن ما يجعل الرزق حرام في الدنيا هو تسرع الناس على الحصول عليه بأي طريقة حتى لو بطريق الحرام، ولو صبروا لجاء إليهم الرزق بالحلال، ولا ينطبق ذلك على جميع الناس، لذلك فإن الرزق الذي يكون بدون أسباب هو الأفضل منزله من الرزق الذي يأتي بالأسباب.

في الآية الكريمة، {أَتَسْتَبْدِلُونَ الذي هُوَ أدنى بالذي هُوَ خَيْرٌ}، نجد أن معناها الرزق المباشر الذي شرحناه سابقا، والمقصود به المن والسلوى وهو قريب من رزق الآخرة، ولا يمكن مقارنته برزق الدنيا لأنه أعلى، ولكنهم لم يردوا على هذا التوبيخ لذلك قال لهم تعالى، {اهبطوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ}.

حيث أنهم أصروا على طلبهم برغم أن الله تعالى وضح لهم أن ما يأتي من عنده أفضل مما يتمنون الحصول عليه، ونلاحظ هنا أن اسم مصر جاء منون بالرغم من اسم مصر يأتي في القرآن الكريم غير منون، حيث شرف الله تعالى مصر بذكرها أكثر من مرة بالقرآن الكريم، فعنما يُقصد بمصر الهبوط في وادي النيل لا تأتي منونة، ومن ذلك قوله تعالى في الآية الكريمة من سورة يونس، {تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً}.

واطلع على المزيد من التفاصيل من خلال: سورة البقرة للزواج في أسبوع وآيات تعجيل الزواج

الدروس المستفادة من الآية الشريفة

  • لقد أراد نبي الله موسى الذهاب مع قومه للأرض المقدسة التي وعدهم بها الله تعالى، ولكن قدر الله تعالى لهم عدم دخولها، ومات نبي الله موسى قبل دخولها، ولكن تبعه خليفة أو نبي آخر اسمه (يوشع أبن نون)، وهو من دخلها بعد موسى، ونستنتج من ذلك أن الإنسان لا يجب أن يتسرع في الوصول للنتائج، ولكن يفعل ما هو صواب وليس فعل الخطأ، مثلما فعل قوم النبي موسى عليه السلام.
  • تقبل نعم الله تعالى والرضاء بها حتى لا ننال غضب الله علينا، ويكون مصيرنا مثل مصير بنو اسرائيل.

وإلى هنا نكون قد وفرنا لكم أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير وللتعرف على المزيد من المعلومات يمكنكم ترك تعليق أسفل المقال وسوف نقوم بالإجابة عليكم في الحال.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.