حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد
ما هو حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد؟ وما هي الأمور التي تبطل الصلاة؟ يحتاج كل مسلم إلى إجابات شافية ووافية عن مثل هذه التساؤلات بالغة الأهمية، وذك لأن الصلاة في الإسلام هي عماد الدين ويجب أن نكون ملمين بكل ما يتعلق بها من صحة ونعرف ما يكون سببًا في بطلانها، وسوف نجيب عن ذلك بشيء من التفصيل والدقة من خلال موقع زيادة.
حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد
إن حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد أو عن غير عمد جائز فطالما لم يتمالك الشخص نفسه أثناء الصلاة، وانفلتت منه زمام الأمور فبإمكانه أن يستكمل صلاته كما هو دون أن يقطعها، أما في حال شك الشخص بأن لديه من الريح ما يريد إطلاقه قبل أن يبدأ في الصلاة فمن الأفضل أن يغادر ويفرغ ما لديه في المكان المناسب ثم يتوضأ ويأتي للصلاة.
لقد ورد حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم يتناول فيه هذا الأمر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا وجد أحدُكم في بطنِه شيئًا، فأُشْكِلَ عليه أخَرَجَ منه شيءٌ أم لا؟ فلا يخْرجنَ من المسجدِ حتى يسمعَ صوتًا أو يجدَ ريحًا“
رواه أبو هريرة، وحدثه الألباني ومسلم، المصدر: صحيح مسلم وصحيح الجامع، حكم الحديث: صحيح قوي الإسناد.
إن الصلاة تكون باطلة وغير صحيحة إذا خرج الريح من الشخص أكثر من مرة أو عن إرادة منه، وهنا يجب للمسلم أن يستأذن ويخرج لكي يتوضأ ثم يعيد صلاته مرة أخرى، ونستند في ذلك إلى قول عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا وجدَ أحدُكم وهوَ في صلاتِهِ رِزًّا فلينصرفْ فليتوضَّأ“
رواه عبد الله بن عمر بن الخطاب، وحدثه الألباني، المصدر: صحيح الجامع، حكم الحديث: صحيح الإسناد.
في هذا دليل قاطع على أن الريح طالما لم يخرج من الشخص عن عمد فإن الصلاة جائزة، وأما إذا خرج منه بإرادته أو تكرر أكثر من مرة فعليه أن يخرج من الصلاة ويتوضأ مرة أخرى ثم يعيد الصلاة من جديد، وذلك لأن الريح من مبطلات الوضوء وطالما بطل الوضوء بطلت معه الصلاة وهذا هو حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد.
اقرأ أيضًا: ما حكم مسك الريح في الصلاة
ما هي مبطلات الصلاة؟
يدفعنا الحديث عن حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد إلى الحديث عن الأمور التي من شأنها أن تبطل الصلاة، لكي يتجنب كل مسلم فعل أي واحد من هذه الأمور فتصبح صلاته غير صحيحة، أما عن مبطلات الصلاة فهي تتمثل في الآتي:
1- ترك ركن أو واجب عمدًا
لقد أجمع الفقهاء على أن من يترك ركنًا من أركان الصلاة متعمدًا ذلك فإن صلاته تكون باطلة، أما في حال ترك المصلي هذا الركن جهلًا به أو سهوًا منه فيجب أن يأتي بهذا الركن حالًا إذا كان لا يزال بإمكانه تداركه، أما في حال لم يتمكن من تداركه فغن صلاته باطلة وعليها إعادتها بالكامل وذلك وفقًا لرأي الحنفية.
أما بالنسبة إلى جمهور الفقهاء فإن الصلاة لا تبطل كلها بل تسقط الركعة التي ترك فيها الركن فقط، وهذا طبعًا إذا كان الركن المتروك هو النية وتكبيرة الإحرام أما إذا كان الركن المتروك هو تكبيرة الإحرام أو النية فإن الصلاة كلها هنا تكون باطلة ويجب إعادتها.
إذا ترك المسلم واجبًا من واجبات الصلاة متعمدًا ذلك فإن صلاته هنا تكون كلها باطلة، أما إذا كان قد تركه بسبب النسيان فعليه أن يتدارك ذلك وأن يأتي به قبل الشروع في بقية الصلاة، ثم يستكمل صلاته ويسجد سجود السهو ثم يسلم أما في حال تذكره عقب وصوله إلى الركن الذي يتبعه سقط عنه ولا يرجع إليه، ويسجد سجود السهو ثم يسلم من دون أن تبطل صلاته.
2- ترك واحد من شروط الصلاة
إن شروط الصلاة هي مجموعة الأمور التي تلزم الصلاة لكي تكون صحيحة إلا أنها لا تكون من أعمال الصلاة نفسها، مثل ستر العورة والطهارة واستقبال القبلة وبإجماع واتفاق الفقهاء في الدين الإسلامي لا تصح الصلاة من دون تلك الشروط.
فإذا سقط شرط من شروط صحتها مثل ستر العورة أو طهارة الجسم فإن الصلاة تبطل، كذلك يكون الأمر أيضًا في حال طرأ على الصلاة أو المصلي بعد البدء في الصلاة ما يبطلها أو يخل بشروطها، مثل نزول النجاسة على ثوب المصلي أو التذكر أثناء الصلاة أنه ليس على طهارة.
اقرأ أيضًا: حكم خروج الريح بدون صوت
3- الضحك والقهقهة
لقد أجمع أئمة المذاهب الأربعة على أن المصلي إذا ضحك أثناء الصلاة بصوت مرتفع سواءً كان الضحك قليلًا أو كثيرًا، فإن الصلاة تكون باطلة من دون أي شك لان ذلك يتعارض تمامًا مع الصلاة وهو درب من دروب الهزل واللعب، كما وذهب الأئمة الأربعة أن مجرد التبسم أثناء الصلاة والسيطرة عليها قبل أن تصبح ضحكًا لا يبطل الصلاة.
4- الكلام
اتفق علماء وفقهاء الإسلام على أن الحديث أو التكلم أثناء الصلاة يبطلها، والدليل على ذلك ما رواه زيد بن أرقم رضي الله عنه حيث قال: “كنَّا نتَكَلَّمُ خَلفَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في الصَّلاةِ، يُكلِّمُ الرَّجُلُ منَّا صَاحبَه إلى جنبِه، حتَّى نزلت (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) فأمرنا بالسُّكوتِ ونُهينا عنِ الكلامِ“
رواه زيد بن أرقم، وحدثه الألباني، المصدر: صحيح الترمذي، حكم الحديث: صحيح الإسناد.
كما قد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الكلام الذي يبطل الصلاة هو ما تكون من حرفين، حيث إن أقصر كلمة في اللغة العربية تتألف من حرفين مثل أب أو أخ ولا تنتظم كلمة أبدًا في أقل من حرفين.
بالرغم من اتفاق علماء وفقهاء الدين الإسلامي على أن الكلام أثناء الصلاة يبطلها إلا أنهم قد اختلفوا في حالتين من حالات الكلام، الأولى هي الكلام في حالة النسيان أما الثانية فهي الكلام لمصلحة الصلاة نفسها.
فنجد هنا أن الحنفية والحنابلة يرون أن الصلاة تكون باطلة بينما يرى الشافعيون أن النسيان من شخص حديث العهد على الإسلام أو جاهل لا يبطل صلاته، كما ويرى المالكيون أن الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها أبدًا كما ومن شأنه أن ينبه الإمام لخطأ ما.
5- خروج الريح
أجمع علماء الدين على أن حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد يوجب بطلانها وذلك وفقًا لما رواه الترمذي عن علي بن طلق رضي الله عنه في الحديث السالف عرضه، والذي يقصد به التحقق من خروج الريح بالفعل وليس مجرد الشك في خروجه، وذلك لأن بطلان الصلاة يستوجب حدوث شيء ما يبطل الوضوء في الأساس مثل خروج الريح.
اقرأ أيضًا: هل خروج الريح يبطل الوضوء
6- الأكل والشرب
إن الأكل والشرب مبطل للصلاة بإجماع الفقهاء وعلماء الدين الإسلامي وذلك لكونه من الأعمال المنافية للصلاة ومشعر بالرغبة في الإعراض عنها، ولقد أكد الفقهاء على أن من أكل أو شرب أثناء الصلاة متعمدًا ذلك فإن صلاته باطلة بلا شك، كما وأكدوا على أن من أكل أو شرب أثناء الصلاة ناسيًا فإن صلاته لا تكون باطلة، إلا أن الحنفية رأوا أن الصلاة تكون باطلة لمن أكل أو شرب أثناء الصلاة حتى وإن كان ناسيًا ذلك.
7- كثرة الحركة
ذهب علماء الدين إلى أن الصلاة تكون باطلة بكثرة الحركة المتوالية التي لا تعد من أعمال الصلاة ولا في مصلحتها، سواءً كانت تلك الحركة متعمدة أو من دون قصد مثل المشي أو العبث في الثوب أو اللحية وتعرف كثرة الحركة بالعرف والعادة، وضابط الأمر عند الحنفية ألا يشك الناظر لفاعله أنه ليس في الصلاة، ورأى الحنابلة أن التحرك لخطوة أو خطوتين فهي عمل قليل أما ثلاث خطوات فإن هذا عمل كثير.
8- تعمد كشف العورة
أجمع الفقهاء على أن من يتعمد كشف عورته أثناء الصلاة تبطل صلاته بشكل كلي، ولكن في حال انكشفت العورة عن غير عمد من المصلي نتيجة لهبوب الرياح، فقام بسترها على الفور فإن الصلاة هنا لا تبطل على حد قول الحنابلة والشافعية.
أما عند الحنفية فهم يرون أن انكشاف ما لا يزيد عن ربع عضو من أعضاء العورة لفترة قصيرة لا تزيد عن مقدار أداء ركن أو ثلاث تسبيحات فإن هذا لا يبطل الصلاة.
أما جمهور المالكية فقد ذهبوا إلى أن الصلاة تكون باطلة عند انكشاف العورة المغلظة مطلقًا، والمعتبر هنا في ستر العورة هو الجوانب لا من الأسفل فإذا ظهرت عورة المصلي أسفل سقيفة أو سدة على سبيل المثال لم يضر من ذلك.
اقرأ أيضًا: حكم حلق الشعر للمضحي
9- تعمد الالتفات عن اتجاه القبلة
يعد استقبال القبلة شرطًا من شروط الصلاة ويستثنى من ذلك صلاة النوافل أثناء السفر، ومن تحول عن اتجاه القبلة خلال الصلاة من دون سبب أو عذر قوي فإن صلاته تكون باطلة، وضابط التحول عند الشافعية والحنفية هو تحول منطقة الصدر عن اتجاه القبلة.
أما ضابطه عند الحنابلة وكذلك المالكية فهو انتقال القدمين عن موضعهما ولقد ذهب الفقهاء إلى أن النسيان أو الجهل يعتبر عذرًا للمصلي، فلا تكون الصلاة باطلة في حال رجع الناسي إلى اتجاه القبلة في وقت قريب.
من خلال معرفة ما هو حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد والتأكد من أنه مبطل للصلاة، يجب على المصلي من الآن فصاعدًا أن يتأكد من خلو أمعائه تمامًا من الريح قبل أن يشرع في الصلاة لكيلا تبطل.