فضل الصدقة في دفع البلاء

فضل الصدقة في دفع البلاء حيث قد خلقنا الله عز وجل وجعلنا مستخلفين في أرض أعدت للبلاء، فمنذ أن يولد الإنسان وحتى يلقى الله يتقلب بين الامتحانات والابتلاءات والصعوبات، ولا غرو في ذلك فإن الله جعل من تلك الابتلاءات وسيلة لتمحيص القلوب واختبار الصبر، ولكن من رحمته بنا أن جعل لنا مخارج من المحن ودلنا على ما تدفع به البلايا والفتن، وهنا في هذا المقام سيدور حديثنا عن فضل الصدقة في دفع البلاء وما يتعلق بهذا الموضوع من الجوانب عبر موقع زيادة

فضل الصدقة في دفع البلاء

ما ذكرناه آنفا يبين فضل الصدقة بصفة عامة أما فضلها في دفع البلاء واستجابة الدعاء فهو ثابت بالكتاب والسنة والمشاهدة، فكم مريض توجه إلى الله بالصدقة والإنفاق والبذل والعطاء فنجاه الله وجعل له من المرض شفاء، وكم مكروب ضاقت به الدنيا واشتدت عليه المحنة فلاذ بالصدقة فجعل الله له بها مخرجاً.

ولعل السنة النبوية فيها الكثير من الآثار التى تدل على هذا المعنى وتؤصله ومن ذلك ما رواه الطبراني عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء)، ولا شك أن الصدقة تندرج تحت معنى صنائع المعروف، كذلك ما جاء من حديث أنس بن مالك –رضي الله عنه-: (باكروا بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطى الصدقة).

وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الصدقة سبيل للدواء والشفاء من المرض الذي هو من أعظم وأشد أنواع الاء على الإنسان فقال: 0(داووا مرضاكم بالصدقة)، وقد قرأت أن البعض من الصالحين كان يقدم بين يدي دعائه صدقة ليستجيب الله له ويرفع عنه ما يشكوه أو يؤته سؤله ويمن عليه من فضله.

1- أفضل الصدقات

أفضل الصدقات هي ما كانت سراً لا يبتغى بها  إلا وجه الله عز وجل، وهي تخلو من شائبة الرياء أو السمعة.

2- أهم آداب الصدقة

من الرائع أن يحرص المسلم على الصدقة ولكن من الأروع أن يتحرى أفضل الصدقات من حيث آدابها والجهات التي يقدمها لها ويمكن إيجاز أهم آداب الصدقة في النقاط التالية:

  • أن تكون الصدقة سراً، ويقصد بها المتصدق وجه الله ونفع أخيه المسلم.
  • أن لا يتبع المتصدق صدقته بمن أو أذى أو تفضل على المتصدق عليه، فإن فعل ذلك ضيع أجره هباء.
  • أن تكون الصدقة من حلال طيب فإن الله عز وجل طيب لا يقبل إلا طيباً.
  • أن يوجه الصدقات لأهلها ومستحقيها، وذوي القرابة أولى من غيرهم.
  • أن يجتهد المسلم في البحث عن مستحق الصدقة، وأن يجتهد في تغطية جميع الأصناف يقول تعالى: (۞ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60).
  • أن تكون الصدقة من أحب ما يحبه الإنسان (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون).
  • أن يعطي الإنسان الصدقة وهو بشوش ومبتسم وعن طيب نفس.
  • أن يتصدق المسلم في السراء والضراء، ويعتاد الصدقة ولو بالقليل.

لماذا يبتلى المسلم

قبل الحديث عن دفع البلاء والاستعانة بالصدقة في ذلك يجدر بنا أولاً معرفة أسباب الابتلاء، وحكمته وهل يبتلي الله عباده ليعذبهم ويشق عليهم فقط؟ أم لماذا؟

إن الله عز وجل أرحم بعباده من عباده بل أرحم بهم من أنفسهم، فهو لا يشق عليهم ولا يكلفهم ما لا يطيقون، أما الابتلاء والمحن التي تعتري حياة العبد ويقدرها الله عليه فلها حكم ومقاصد وغايات ربانية جليلة ولعل من أهمها ما يلي:

  • يبتلى العباد في الدنيا ليعلموا أن الأرض أعدت للبلاء، وأن الدنيا دار عناء وشقاء ومصيرها الفناء فلا يتعلقون بها ولا يقتتلون عليها، بل يعمروها بصالح الأعمال لدار هي الأبقى والأهم.
  • يبتلى العباد ليبلغوا بالصبر من الأجر ما لم يبلغوه بالعمل.
  • يبتلى الناس ليعلموا أن الله الملجأ والنصير فيقفون ببابه ويسألونه ما يريدون.
  • يبتلى الناس لتختبر قوة إيمانهم وصلابة قلوبهم وصبرهم.

فضل الصدقة

إن الصدقة هي إنفاق الإنسان على غيره والبذل له من ماله، على وجه غير الوجوب بل من باب التطوع، وهي تشمل كل عطاء يقدمه المسلم لغيره سواء كان كبيراً أم صغيراً، وتشمل المساعدة البدنية والكلمة الطيبة، بل تتسع لتشمل البسمة في وجه المسلم، فيقول النبي –صلى الله عليه وسلم- (تبسمك في وجه أخيك صدقة).

وقد وردت آثار كثيرة من الكتاب والسنة في الحث على الصدقة والأمر بها والنهي عن البخل والتقتير، ولعل من الآيات الواردة في هذا الصدد قول الله عز وجل: ({وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ}، ويقول في موضع آخر: { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}.

كذلك وردت أحاديث كثيرة ومن أهمها قول النبي –صلى الله عليه وسلم- في صحيح البخاري:”مَن تَصَدَّقَ بعَدْلِ تَمْرَةٍ مِن كَسْبٍ طَيِّبٍ، ولَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ، وإنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كما يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ”.

أما عن ثمرات الصدقة وفضلها في الدنيا والآخرة فهي كثيرة جدا ولعل أهمها ما يلي:

  • الصدقة منجاة من النار ووقاية منها، فقد أمرنا النبي بها في قوله: (اتقوا النار ولو بشق تمرة).
  • الصدقة تحقق للعبد مغفرة الذنوب وتمحو الخطايا، وتذهب غضب الله عز وجل وهذا ما يدل عليه حديث النبي –صلى الله عليه ويل- إذ يقول: (الصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار)، ويقول كذلك: (صدقة السر تطفئ غضب الرب).
  • الصدقة بركة في المال وسعة في الرزق فقد علمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الصدقة لا تنقص المال، وأن الله يخلف على المتصدق خيراً مما أنفق.
  • يضاعف الله للمسلم الأجر بفضل الصدقة.
  • يدعى المتصدق بفضل صدقته من باب الصدقة.
  • يحصل المسلم بالصدقة راحة البال والطمأنينة وسعة الرزق، وينال محبة الله ثم الخلق.
  • ينتفع المسلم بالصدقة في الدنيا بالبركة والصلاح والقبول، وفي الآخرة بأنها تبقى للعبد فيستظل بها من حر يوم القيامة، وينجو بها من عذاب الله عز وجل، ومما دلَّ على ذلك قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (كل امرئ في ظل صدقته، حتى يقضي الله بين الناس).
  • الصدقة تذهب قسوة القلب.
  • الصدقة تذكية للمال وتطهير له.
  • الصدقة تجعل العبد يحظى بدعاء الملائكة فقد أخبرنا النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه كل يوم ينزل إلى السماء الدنيا ملكان يناديان، فيقول أحدهما: (اللهم اعط منفقاً خلفاً)، ويقول الآخر: (اللهم اعط ممسكاً تلفاً).

وختاما فقد بينا عزيزي القارئ فضل الصدقة في دفع البلاء وجلب الخير وسعة الرزق، وتعرفنا على أهم آدابها وما يجب أن يراعيه المتصدق عند إخراجها، سائلين الله أن ينفعنا وينفعكم بما كتبنا ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.