هل يجوز قطع صلة الرحم بسبب المشاكل
هل يجوز قطع صلة الرحم بسبب المشاكل؟ وما فضلها في الأساس؟ إن صلة الرحم واحدة من أهم العبادات التي أقرها الله على المؤمنين وألزمهم بها.
لذا من خلال هذا الموضوع الذي سيعرضه لكم موقع زيادة سنتعرف سويًا على إجابة سؤال هل يجوز قطع صلة الرحم بسبب المشاكل بشيءٍ من التفصيل.
هل يجوز قطع صلة الرحم بسبب المشاكل
إن هذا السؤال متداول كثيرًا في الفترة الأخيرة بسبب كثرة المشاكل التي تحدث بين العائلات والأسر، والتي لا يستطيع البعض التعامل معها، وتحقيق أمر الله عز وجل فيها.
إلا أن هذا لا يجوز إلا في حالات معينة فقط، أما في المشاكل العادية؛ فلا يجوز قطع الرحم بسببها، ويجب التغلب على هذه المشاكل من أجل رضا الله واتباع أوامر والصد عن نواهيه.
اقرأ أيضًا: حديث عن صلة الرحم وأهميته
الحالات التي يجوز بها قطع الرحم
ضمن إطار عرضنا لإجابة سؤال هل يجوز قطع صلة الرحم بسبب المشاكل، تجدر الإشارة إلى أنه يوجد عدد من الحالات التي يجوز فيها قطع صلة الرحم، ومن هذه الحالات ما يلي:
- أن يكون الشخص الذي تصله يرفض صلتك به ولا يريدها، وأن يخبرك بنفسه أنه لا يريد أن تتواصل معه.
- أن يكون الرحم الذي تصله يعصي الله سبحانه وتعالى، ويجاهر بمعصية الله فيجب أن تنصحه وإن لم يتعظ يمكنك قطعه لعله يعود عما يفعله.
- أن يكون الرحم الذي تصله يُضمر لك الشر، ولا يريد بك خيرًا أو يمكنه إيذائك، كأن يكون ساحرًا فأيضًا عليك نصحه وتوجيهه ثم قطعه إن لم يتعظ.
- أن يكون يؤذيك إيذاءً شديدًا عندما تصله إذا لا يمكنك تحمله.
ما هو الرحم؟
الرحم هو كل ذي رحم محرم أي من لا يجوز الزواج به، وقيل إن الرحم كذلك هي كل قريب منك يجري بينكم نفس الدم وتقربكم أرحام أمهاتكم، مثل الأعمام والعمات والخال والخالات والأجداد وقيل كل قريب تصلك بيه قرابة دم؛ فإن صلة الرحم لها أجر واحدة من أساسيات الدين الإسلامي.
فضل صلة الرحم
إن في صلة الرحم تقرب من الله عز وجل ومن رسولُه الكريم، وامتثالا لأوامره وابتعادًا عن نواهيه وأن في صلة الرحم لسعة في الرزق وبركة في العمر وطاعة عظيمة الى الله فمن وصل الرحم وصل الله ومن منا لا يحب أن يصل الله عز وجل
إنَّ اللهَ تعالى خَلق الخلقَ، حتَّى إذا فرغَ مِن خلْقِه قامتِ الرَّحِمُ، فقال: مَهْ؟ قالَت: هذا مَقامُ العائذِ بكَ من القَطيعةِ، قال: نَعم، أمَا ترضَيْنَ أن أصلَ من وصلَكِ، وأقطعَ مَن قطعَكِ؟ قالَت؟ بلَى يا ربِّ! قال فذلكَ لكِ
ربط الله عز وجل بين بين قطع الرحم والفساد في الأرض؛ فقال تعالى
“فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)” صدق الله العظيم.
وقد ربط الله سبحانه وتعالى بين تقواه وصلة الرحم في قوله تعالى
“وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)” صدق الله العظيم.
ثواب صلة الرحم
لصلة الرحم ثواب عظيم، حيث إنها تكون سببًا في دخول الإنسان الجنة، فما أحب للإنسان من أي عمل يقربه لله سبحانه وتعالى، ومن عظيم ثوابها أنها إذا اجتمعت بأركان الإسلام أدخلت صاحبها الجنة.
يُروى أنَّ رَجُلًا قالَ: “يا رَسولَ اللَّهِ، أخْبِرْنِي بعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ، فَقالَ القَوْمُ: ما له ما له؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أرَبٌ ما له فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ به شيئًا، وتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وتُؤْتي الزَّكَاةَ، وتَصِلُ الرَّحِمَ، ذَرْهَا قالَ: كَأنَّهُ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ”.
الإثم الواقع على قاطع الرحم
فإن قطع الرحم من كبائر الذنوب، وقاطع الرحم ملعون مطرود من الجنة ومن رحمة الله؛
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
كما أن إساءة الأقارب على قول العلماء لا تبيح قطيعتهم،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” ليسَ الواصِلُ بالمُكافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وصَلَها.” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛
فصلة الرحم لا تكون فقط مع من يصلك وإنما تكون صلة الرحم مع الواصل والقاطع.
اقرأ أيضًا: أحاديث صلة الرحم وفضلها وحكم قطعها بسبب الميراث
أسباب قطع الرحم
هنالك من يستسلم لوقوع المشاكل بينه وبين أقاربه وذوي الأرحام من عائلته، فلا يصلهم بحجة الاختلافات القيمية أو اختلاف الآراء، أو الاختلاف على الميراث وكلها أسباب لا يجوز أن يقطع المسلم رحمه على أساسها بل يجازى ويأثم.
أما إذا كان الأذى كبيرًا لا يتحمله الإنسان، وقد تصل به الحالة الى الأذى الجسدي والضرب والقذف في العرض؛ فإن هنا تجوز القطيعة والله أعلم.
من أسباب قطع الرحم كذلك أن المؤمن يجهل ثوابها فضلها العظيم، ولا يعلم إثمها وإثم من يرتكبها، كما أن الأنانية سبب من أسباب قطيعة الرحم، فتجد الشخص لا يهتم إلا بما له ولا يتواضع لأهله ولا يهتم بما يحدث لهم، فيقطع رحمه طالما أن هذا لا يؤذيه.
كذلك من أسباب قطيعة الرحم التحدث عن الآخرين من وراء ظهورهم، في الغيبة والنميمة سببان قويان للإيقاع بين الأهل والأحباب.
كيف أصل رحمي؟
تكون صلة الرحم بكل أشكال الاتصال الممكنة؛ فقد تكون بمكالمة هاتفية أو رسالة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد تكون بإعطائهم الهدايا أو المال أو الذهاب إليهم لمساعدتهم عندما يحتاجون المساعدة.
بالإضافة إلى نصرتهم عندما يحكمونك، وفتوتهم عندما يستفتونك، وبأن تتواجد معهم في فرحهم وسعادتهم، وكذلك في حزنهم وتعاستهم.
هل لصلة الرحم مردود على المجتمع؟
بالطبع، لصلة الرحم مردود كبير على المجتمع، فلنتخيل مجتمع يتعاون أهله على البر والتقوى ويساعد الغني فيه الفقير، والقوي فيه الضعيف، ويتساءل الأهل عن أحوال بعضهم البعض، وتجدهم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا، وكالجسد الواحد إذا تداعى منه جزء اشتكى بقية الجسد بالسهر والحمى.
إن امتلكنا مجتمعنا كل من فيه يقومون بصلة رحمهم؛ فلن يتبقى جائع الا وأُطعم ولا تائه إلا أُرشد، ولا مضل إلا اهتدى، وأصبحنا مجتمعًا قويًا لا يفرق شمله عدو ولا باغض ولا كاره.
اقرأ أيضًا: بحث عن صلة الرحم
هل لقطيعة الرحم مردود على المجتمع؟
تساءلنا من قبل هل يجوز قطع صلة الرحم بسبب المشاكل وأجبنا عن هذا السؤال، لكن هل لقطيعة الرحم مردود سلبي على كيان المجتمع ككل؟
إن كان لصلة الرحم مردود إيجابي فبالطبع سيكون لقطعها مردود سلبي على المجتمع؛ فأي مجتمع لا يتعارف أهله ولا يتعاونوا ولا يهتموا ببعضهم البعض، ولا يساعد غنيه الفقير، ولا يساعد ذو العلم منه الجاهل ولا يتجاور فيه الأهل على المصاعب.
فلا بد أن يكون مجتمع متشقق غير متكافئ، ولا متحد وسيصبح مجتمع يكثر فيه الفقر ويعم فيه البخل والأنانية.
وبهذا نكون قد أجبنا عن سؤال هل يجوز قطع صلة الرحم بسبب المشاكل، كما تعرفنا على أهمية صلة الرحم، وأجرها العظيم عند الله عز وجل، ونتمنى أن نكون قد قدمنا لكم الإفادة المرجوة.