تجربتي مع ترك الحشيش
تجربتي مع ترك الحشيش ليست مجرد تجربة طفيفة أو عابرة، ولا يتثنى وصفها تجربة بقدر ما ينبغي وصفها بالمعاناة وسأقوم بسردها من خلال موقع زيادة، أملًا في أن يضطلع عليها أكبر قدر من الشباب من الجنسين، ليبتعدوا تمامًا عن تجربة الحشيش.
تجربتي مع ترك الحشيش
كانت نتيجة العوامل الاجتماعية التي توحدت قواها آنذاك ضدي، فتلك التجربة كانت نتاجًا للتفكك الأسري والوحدة المستمرة، مع غياب الرقابة من أي شخص ذو وصاية على سلوكي في هذا السن الصغير، فكان من المتوقع السقوط في هاوية المخدرات.
كنت في بادئ الأمر مستمتعًا بتعاطي الحشيش وكنت مستعدًا لتجربة غيره من أنواع المخدرات الأخرى ولم أكن أنوي الإقلاع عن تعاطيه لأنني كنت أعتقد أنه يساعدني على تجاوز الأيام حتى لا أشعر بها ويمنحني استمتاعًا واهيًا بالحياة مع أمل زائف.
اقرأ أيضًا: تنظيف الدم من الحشيش بالأعشاب
تجربتي مع الحشيش
تجربتي مع ترك الحشيش أو مع الحشيش عمومًا تندرج تحتها عدة عوامل، أهمها وأكثرها قوة وتأثيرًا صحبة السوء ثم عدم الالتزام دينيًا ثم الإهمال الأسري وكذلك ضعف النفس وترنح الشخصية، تلك الأركان الأربعة للبنيان البشري التي غابت لدي فأدت إلى السقوط.
كنت في السادسة عشرة من العمر حين انفصل والداي وسعى كل منهما إلى استكمال حياته بعيدًا عن الآخر، لكنهم طبقوا هذا بشكل أناني، حيث إنني أصبحت ضحية هزيلة بينهم وانصرف كل منهم إلى حياته وبقيت أنا لأواجه مصيري منفردًا.
تزوج كل منهما وبقيت أنا بمنزلنا لوحدي، فأنا لم أحبذ البقاء مع أي منهما بعد أن تزوج كذلك لم يلح أحد عليَ بالبقاء معه، فآثرت العيش وحيدًا وكنت حينها في الصف الأول الثانوي، وبعد أن كنت متفوقًا ذو طموح كبير على الصعيدين العلمي والعملي تناثر كل هذا في الهواء.
فقدت حاسة الشغف تجاه الأشياء كلها ولم يعد يهمني أي شيء في الحياة، ولم أعد مهتمًا بالدراسة أو البحث عن عمل أو حتى مهتمًا بمظهري العام، ولم أكن أعلم وقتها أن عزلتي تلك والفراغ شبه الدائم سيكون كل منهما السلاح الذي أصوبه تجاهي ليودي بحياتي.
توجهي لتعاطي الحشيش
بقي الوضع كما هو عليه حتى بلغت الثامنة عشرة من عمري وكان المستوى الدراسي من سيء لأسوأ، فبعد أن كان الطموح مهندسًا للبترول أصبحت طالبًا منتسبًا في إحدى الكليات النظرية التي لم أتمكن من تحقيق شيء فيها.
المثل المتداول أن النيران تبدأ بشرارة صغيرة، وكانت الشرارة الأولى في توجهي للحشيش المخدر هو التدخين، بعد أن تعرفت لبعض أصدقاء السوء كما يجب وصفهم في الصف الثالث من المرحلة الثانوية.
بدأت أدخن السجائر بكمية كبيرة حتى اقترح عليَ أحد الأصدقاء أن أجرب شرب سيجارة من الحشيش، فلم أتردد كثيرًا فات أوان الرفض فقد أصبحت ضعيف الإرادة ولا أبرر أبدًا جريمتي بحق حياتي، ولا ألقي اللوم كله على أصدقاء السوء فأنا منهم بالفعل.
لن أنكر أن الأمر قد استهواني من المرة الأولى فأصبحت أسعى دومًا لشرائها، أو شراء الحشيش نفسه ووضعه في لفافة السجائر العادية وأصبحت ذو خبرة ودراية بأنواعه المختلفة فكنت أحيانًا أتعاطى الحشيش التقليدي وأحيانًا أفضل الماريجوانا.
اقرأ أيضًا: تنظيف الدم من الحشيش بالأعشاب وأعراض انسحابه
بداية إدماني للحشيش
في بداية تجربتي مع ترك الحشيش بتَ أقبل على تدخين الحشيش بشراهة وأصبح الأمر إدمانًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فأصبحت أكثر عصبية وحدة وعنفًا إذا مر يوم كامل دون أن أتعاطى سيجارة أو إثنين من الحشيش كما يصاحب ذلك صداع شديد ودوار شبه مزمن.
في غضون بضعة أشهر على هذه الحالة، انقطعت عن الجامعة ولم أعد منضبطًا في عملي وكدت أخسره وهو مصدر الرزق الوحيد، الذي أنفق به على احتياجاتي الشخصية ودراستي التي فشلت بها، بالإضافة إلى همي الأول والأخير بالحياة وهو شراء الحشيش.
لاحظ أحد جيراني بالشارع سلوكي الغير سوي والتدني الأخلاقي الواضح، ولأنه كان صديقًا للعائلة قرر أن يأتي لزيارتي ليسأل عن أحوالي، وعن الذي أوصلني لهذا الوضع ويقدم النصيحة.
قابلته باستهزاء وكنت فظًا جدًا في الحديث وقد تحمل إهانتي كثيرًا وانتهت المناقشة بصفعة إن ساع الأمر أن أشكره عليها فيما بقي من العمر لن أتردد ثم تركني على هذا الوضع وأنا كمن كان نائمًا كأهل الكهف وأفاق على واقع وزمان يدرك تمامًا رغم الصدمة أنه ليس له.
كيف تمكنت من ترك الحشيش؟
شعرت برغبة مندفعة للذهاب إلى هذا الجار وبالفعل طرقت بابه باكيًا، وبدون مقدمات أخبرته بكل تفاصيل ما عشته منذ انفصال والداي، مرورًا بكل لحظة فشل قضيتها وصولًا إلى مرحلة إدمان المخدرات.
لم أتوقع أن يتقبلني بصدر رحب، توقعت أن يتعامل معي بازدراء فهذا الشاب الماثل أمامه خالِ من معالم الأخلاق، لكن نظراته كانت مليئة بالحزن والتعاطف والشفقة، ودعمني كثيرًا وكان يعيش بمفرده فأصر أن أقيم معه في منزله حتى أتعافى تمامًا.
بدأ بروتوكول العلاج بشكل نفسي وروحي أولًا، وكانت تلك هي الخطوة الصحيحة فأنا كنت بحاجة إلى عامل دعم، كنت بحاجة إلى عين لا تنظر إليَ نظرة القاضي للمتهم، فبدأ الجار بنقاشي دومًا ليقضي على حالة الوحدة التي أسرت وغلفت حياتي بالكامل.
ثم اتجه إلى الحديث الديني والأخلاقي ومرت ثلاثة أيام وبدأت أعراض الانسحاب تظهر تدريجيًا، ثم أصبحت أكثر قوة من غثيان وصداع ونوبات عصبية تشبه الصرع، بالإضافة إلى الضعف والهزلان واضطراب ضربات القلب.
كان الإدمان قد تمكن مني تمامًا، فما كان على الجار إلا أن يلجأ للأطباء لينقذوا ما يمكن إنقاذه، وتم له ذلك حينما أبلغ إحدى المصحات النفسية بحالتي، وسرعان ما انتقلت إلى المصحة لأتلقى العلاج العملي بشكل سليم.
اقرأ أيضًا: كيف لا يظهر الحشيش في البول؟
خطوات العلاج من الحشيش
فور وصولي إلى المصحة النفسية التقيت بالطبيب المعالج الذي أوضح لي خطوات العلاج وهي كالتالي:
- توقيع الكشف الطبي أولًا على مريض الإدمان، وتجرى له الفحوص والتحاليل الشاملة ومعرفة نسبة المخدر الموجودة بالجسم، وعلى أساسها يقوم الطبيب المعالج بوضع برنامج العلاج المناسب للمريض.
- سحب السموم أو المواد المخدرة من الجسم من خلال بروتوكول علاجي من دون ألم، ويواجه المريض في هذه المرحلة الأعراض الانسحابية وتتم مراقبة المريض من خلال الطاقم الطبي لحظة بلحظة، لمتابعة أي تغير قد يطرأ على المريض بشكل مفاجئ.
- تأتي هنا أهم مرحلة من مراحل علاج الإدمان وهي مرحلة التأهيل النفسي والسلوكي، لتحقيق العلاج الكامل وتتم إعادة التأهيل تلك عن طريق عقد جلسات فردية وأحيانًا جماعية، للاستماع إلى المرضى ومعرفة الأسباب والعوامل التي دفعتهم للإدمان.
تحديات تجربتي مع ترك الحشيش
واجهتني وواجهت الكثير من الشباب تحديات صعبة، ينبغي علينا الاستعداد لها بعد رحلة العلاج تتمثل فيما يلي:
أولًا: العامل الاجتماعي
تبقى صفة المدمن وصمة عار على جبين المدمن وتطارده أسريًا واجتماعيًا، لأنه قد يعاني من الرفض الأسري ورفضه في سوق العمل، ولا يتم قبوله إذا تقدم للزواج مما يدفعه إلى العودة إلى ما كان عليه.
ثانيًا: دور العائلة في علاج الإدمان
يعد هذا العامل هو الأكثر أهمية لأن الأهل يمثلون العمود الفقري الداعم للأبناء، فيجب عليهم مساندة المريض ومده بالإيجابية حتى يستطيع التعافي ولا يواجه انتكاسة أخرى.
ثالثًا: خلل في بروتوكول علاج إدمان الحشيش
من أخطر التحديات التي قد تواجه المدمن هو وضعي برنامج علاجي غير سليم ولا يتلاءم مع حالة المريض، فإذا كان الأساس خاطئًا فسوف ينهار البنيان بالكامل وسيؤدي هذا إلى فقد المريض ثقته في كل البرامج العلاجية ويستمر فيما هو فيه.
رابعًا: متابعة المتعافى من إدمان الحشيش
يأتي دور المتابعة في النهاية ليجني ثمار رحلة العلاج بالكامل، فإن المتعافى من الإدمان قد تتواتر إلى ذهنه أفكار وذكريات متعة الإدمان وقد تفتر عزيمته وينتكس من جديد.
أضرار تعاطي الحشيش
من خلال تجربتي مع ترك الحشيش قد علمت أن هنالك العديد من أضرار الحشيش، حيث يختلف تأثير الحشيش سلبًا على كل أجزاء الجسم وتظهر في هيئة أعراض تتمثل في:
أضرار الحشيش على المخ
يؤثر الحشيش على إشارات المخ المسئولة عن تنظيم الحالة المزاجية والنوم والشعور بالسعادة والاسترخاء، ومع تعاطي الحشيش يؤدي إلى زيادة إفراز مادة THC الشبيهة بمادة Anandamied المسئولة عن هرمون السعادة مما يجعل المتعاطي في حالة من النشوة.
عند التوقف عن تعاطي الحشيش يقل ذلك الشعور وبالتالي تحدث أعراض الانسحاب من اكتئاب وقلق وتوتر وخوف، ونتيجة حدوث تغيير في كيمياء المخ يؤدي هذا إلى اختلال في الوظائف العقلية والسلوك العام للمتعاطي، وعدم عملها بشكلها الطبيعي.
أضرار الحشيش على الجهاز الهضمي
للحشيش أيضًا العديد من الأضرار على الجهاز الهضمي، مثل:
- حدوث مشاكل في الهضم.
- الشعور بالغثيان وكثرة التقيؤ.
- ظهور آلام في البطن.
- التهاب البنكرياس.
- زيادة الشهية لكثرة تناول السكريات وتثبيط حمض الجريلين المسبب للشبع نتيجة تعاطي الحشيش.
أضرار الحشيش على الجهاز التنفسي
كذلك أيضًا الكثير من الأضرار التي تصيب الجهاز التنفسي بسبب الحشيش، مثل:
- الإصابة بكثرة السعال والبلغم.
- الإصابة بأمراض رئوية معدية.
- كثرة نزلات البرد والإنفلونزا.
- التهاب الشعب الهوائية.
- الإصابة بسرطان الرئة لكثرة التدخين.
أضرار الحشيش على المظهر الخارجي
قد يظهر الحشيش العديد من المشكلات بالمظهر الخارجي للأشخاص، مثل:
- ظهور التجاعيد وسرعة انتشارها.
- شحوب واصفرار الوجه.
- احمرار العين وظهور الهالات السوداء أسفلها.
- اصفرار وتسوس وتكسر الأسنان.
- سقوط الشعر.
- نحافة الوجه وبروز الخدين.
فترة علاج إدمان الحشيش
تختلف مدة العلاج من الحشيش من شخص لآخر لوجود فروق فردية بين البشر، ولكن المتعارف عليه أن الفترة المتوسطة لعلاجه تتراوح بين أسبوعين لشهر، وتتوقف فترة العلاج من إدمانه على عدة عوامل منها:
- مدة التعاطي.
- تعاطي أي مواد أخرى مخدرة بجانب الحشيش.
- سن المريض.
- الحالة العقلية والنفسية والجسدية.
- الجرعة.
نتيجة تجربتي مع ترك الحشيش
في نهاية تجربتي مع ترك الحشيش وبعد مشقة في رحلة العلاج من الإدمان أخيرًا استعدت طاقتي من جديد، وأصبحت أكثر تدينًا وإيجابية وتفوقت في دراستي بعد أن أعدت قيدي في الجامعة، ولم يعد أمامي خيار آخر غير النجاح لأعوض ما فاتني وما ضاع مني.
كنت ضحية الإهمال الأسري من البداية ثم تعارفي وتقربي إلى أصدقاء السوء والفراغ والوحدة، كل تلك العوامل هي التي كانت أن تودي بحياتي، ولا أنكر أبدًا أن جزء كبير من اللوم يقع عليَ “وما أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي”.
نصائح من خلال تجربتي مع ترك الحشيش
ما مررت به لم يكن يسيرًا، وبما أنني قررت سرد تجربتي بالكامل قررت كذلك أن ألقي بعض النصائح والتوجيهات، والإرشادات لمن يتعرض لتجربة قاسية كهذه تتلخص في الآتي:
- الترابط الأسري إذا انحل وارتخى أسفرت عنه نتائج يرثى لها، يروح ضحاياها آلاف من الأبناء حول العالم كل يوم، فيجب الحفاظ عليه للحد من عدد الضحايا المعرضين للإدمان وغيره.
- البعد عن الهدوء والعزلة الزائدة عن الحد، والانخراط في المجتمع والقيام بنشاطات إنسانية، فهي تلعب دورًا هامًا في تهذيب النفس وترويضها.
- المدمن ليس مجرمًا إنه فقط مخطئ، سنة الحياة قضت بأن كل بن آدم خطاء فعلينا استيعاب خطأه ومد يد المساعدة إليه، حتى لا ينزلق في نفق مظلم مليء بالأخطاء الأخطر.
- المواظبة على أداء الفروض والصلوات أيًا كان الدين.
- تقوية النفس لردعها عن كل ما قد يؤذيها من قول أو فعل.
- تجنب مرافقة أصدقاء السوء، فلا يفسد المرء إلا صديقه.
- وضع هدف محدد والتركيز على تحقيقيه، دون التأثر بالعوامل المحيطة.
- تقبل أخطاء وماضي الآخرين أيًا كان، فمعاملتهم على أنهم مذنبين طوال الوقت، سيدفعهم للعودة إلى ما كانوا عليه بل وأسوأ.
اقرأ أيضًا: أدوية علاج الإدمان
خلاصة تجربتي الصعبة مع ترك الحشيش تسلط الضوء على الكثير من الشباب ضحايا الإدمان والظروف الاجتماعية والعائلية.