دعاء السعي بين الصفا والمروة
نتحدث اليوم عن دعاء السعي بين الصفا والمروة، ولكن قبل أن نتطرق إلى هذا الأمر فلنليقي نظرة سريعة على السعي بين الصفا والمروة نفسه وأصله في الإسلام..
تعود بداية السعي بين الصفا والمروة إلى زمن النبي إبراهيم عليه السلام حيث كانت السيدة هاجر أول من سعى بين الصفا والمروة عندما كانت تبحث عن الماء لابنها النبي إسماعيل، ثم صعدت على جبل الصفا ثم نزلت حتى وصلت إلى جبل المروة وكررت الأمر حتى سبعة أشواط، وبعدها عثرت على الماء في زمزم فشربت وروت ابنها إسماعيل.
عندما جاء الإسلام، جعل السعي بين الصفا والمروة من طقوس الحج والعمرة. الطريق الذي يربط بين الصفا والمروة يسمى مسعى، أو مكان البحث، والمسعى الآن داخل المسجد الحرام نتيجة التوسع السعودي الذي حدث عام 1375 هجريًا.
تبلغ المسافة بين الصفا والمروة 394.5 متراً، وهناك من يقول إنها 405 متراً، وهناك من يقولون 375 متراً، ويبلغ العدد الإجمالي للسعي 2761.5 متراً إذا ما حسبناها باعتماد الرقم 394.5 متراً.. عرض المسعى 40 مترا، وعدد طوابقه أربعة طوابق، بمساحة إجمالية تزيد عن 87000 متر مربع.
دعاء السعي بين الصفا والمروة
أما عن السعي فإنه من السنة أن المعتمر إلى بلغ المسعى، وعند وقوفه على جبلي الصفا والمروة، أن يتلو قول الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ).. ويسعى كما سعى النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان صلوات الله وسلامه عليه يقرأ الآية السابقة ثم يقول: (أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ) ويصعد الصفا حتى يرى الكعبة ويستقبل القبلة ويوحد الله ويكبر قائلًا: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ).. ثم يدعو الله بما في نفسه، ثم يكرر قوله السابق ثلاثة مرات.. ثم ينزل إلى المروة. حتَّى إذا انْصبَّت قدماهُ في بطْن الوادِي سَعى، حَتّى إذا صعِدَتا مَشَى حتى أتى المروة، ففعل وهو على المروة كما فعل وهو على الصفا.
اقرأ أيضًا : دعاء تيسير الامور الصعبة مجرب
الدعاء بين الصفا والمروة
وعملًا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم يجوز للحاج أو المعتمر أنه إذا قرأ تلك الأذكار أو ما شابه أن يدعو في الطواف والسعي بين الصفا والمروة بما يحبه وما يشاء أو ما يتمناه وما يظن انه فيه الخير بالدنيا والآخرة له ولأحباءه..
ويجوز للمعتمر أيضاً إذا لم يذكر الدعاء وأراد أن ينشغل بالأذكر أن يفعل ذلك، وليكن القرآن رفيق قلبه ولسانه.. فكلام الله هو أعظم ذكر، ويجزي عنه الله خيرًا.
ومن ما ذكر وتم توارثه من دعاء السعي بين الصفا والمروة أن تقول: اللهم أصلح لي ديني، الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر.. رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، واهدني ويسر الهدى لي.
ويمكنك أن تدعو أيضًا بالقول: اللهم إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل شر، والفوز بالجنة، والنجاة من النار.
شرح وتفصيل لـ دعاء السعي بين الصفا والمروة
يقول المعتمر إذا صعد الصفا ورأي الكعبة مرأى العين: (الله أكبر الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا.. لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الملك وله الحمد يحيي ويميت.. بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.. لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، و هزم الأحزاب و حده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم إنك قلت: “ادعوني استجب لكم”, وإنك لا تخلف الميعاد، وإني أسألك كما هديتني للإسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم) ويكرر هذا الدعاء ثلاثة مرات.
وبعدها يصلي على سيدنا ونبينا محمد.. ويقول عند هبوطه من الصفا في كل شوط:
(اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار).
ومن السنة أن يهرول – المعتمر الرجل فقط – بين الميلين الأخضرين.
ويكون دعاؤه بين الميلين الأخضرين:
(ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، رب اغفر وارحم، واعف وتكرم، وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم، اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
ثم يصل إلى المروة وينتهي بهذا الشوط الأول، ثم يتم سبعة أشواط يبدأ أولها بالصفا وينتهي آخرها بالمروة.
عندما يقف عند المروة يقول الآية الكريمة: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ).
ويقول نفس الأذكار والدعوات التي قالها عند الصفا، (ويلبي في سعيه إذا كان حاجًا، حيث لا تلبية للمعتمر).
بعد ختام الشوط السابع من السعي يصلي ركعتين، ويفضل أن يصليهما في الحرم.
ويستحب أن يجمع الساعي في سعيه بين الأذكار والدعوات وما تيسر من الآيات القرآنية.
ويقول بعدما يتم السعي: (ربنا تقبل منا وعافنا واعف عنا وعلى طاعتك وشكرك أعنا).
اقرأ أيضًا : دعاء للميت في يوم عرفه ومجموعة من أفضل الأدعية
جبلي الصفا والمروة
تعرف الصفا في اللغة بالحجر الأملس، واسم جبل الصفا يطلق على أحد جبلي مكة المقدسين، كما تم تسمية اسم المروة على الجبل الآخر الذي يقع قبالة جبل الصفا.
حكم السعي بين الصفا والمروة للمعتمر
جمهور الفقهاء عند الحنابلة والشافعية والمالكية يرون أنّ السعي بين الصفا والمروة يُعد ركنًا من أركان العمرة.
أمّا العلماء والفقهاء من الحنفية فيرون أنّ السعي بين الصفا والمروة يُعتبر من واجبات العمرة لا من أركانها، فمن ترك السعي بين الصفا المروة لا تعد عمرته باطلة إنّما يلزمه الهدي.
كما أن الطهارة لا تشترط لصحة السعي، ولكن مع الأخذ في الاعتبار أن المسعى أصبح داخل الحرم الآن، فإن الطهارة أصبحت أمرًا مستحبًا.
تطوير المسعى بين الصفى والمروة
في عام 1335 هجريًا قام الشريف حسين بن علي بكساء المسعى بالحجارة الجبلية، بغرض إصلاح وترميم أرض المسعى، لأن الأرض كانت ترابية تصدر غبارًا كثيفًا إذا ما كثير بها الحجيج – وهم كثر في كل موسم حج.
ولم يكتفي الشريف حسين بإصلاح أرض المسعى وإنما وضع له سقفًا، وبذلك يصبح الشريف حسين قد فعل أمرًا مستحدثًا لم يعرفه المسعى منذ بناء المسجد الحرام، وتم ذلك في شهر شوال عام 1335 هجريًا.
أنشأ الشريف حسين بن علي مظلة على المسعى من جانب مروة إلى باب عباس (المعروف بباب علي)، والجزء الآخر الذي امتد من باب علي إلى الصفا ظل بدون مظلة.
حتى قبل توسعة المسعى عام 1375 هجريًا، كان بين الصفا والمروة سوقًا كبيرًا، ولم يكن هناك سوق منظم في مكة المكرمة ما عدا هذا السوق الذي يقع في المسعى.
أيضا، كان المسعى ملتويا وليس على استقامة واحدة.