ما حكم من نذر ولم يوفي بنذره

ما حكم من نذر ولم يوفي بنذره؟ وما هو النذر في الإسلام وما عقابه؟ هذه هي الأسئلة التي يجب علينا معرفة إجابتها نظرًا لشيوع مسألة النذر في المجتمعات العربية، ويعرف النذر على أنه قيام الشخص بإلزام نفسه، وتكليفها بشيء ليس واجبًا شرعيًا عليه، وقد اختلف الفقهاء على جواز القيام بالنذر، لذلك نحن في موضوعنا هذا ومن خلال موقع زيادة فإننا سنعرف ما حكم من نذر ولم يوفي بنذره بشيءٍ من التفصيل.

ما حكم من نذر ولم يوفي بنذره؟

ما حكم من نذر ولم يوفي بنذره

إن النذر هو أن تجوب على نفسك ما ليس بواجب بسبب حدوث أمر ما، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة مريم فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26)“، فالنذر إذًا هو إيجاب المكلف على نفسه شيئًا لم يكن عليه سواء كان معلقًا أو منجزًا، وقد جاء ذكر النذر في القرآن الكريم في أكثر من موضع.

مثل قوله تعالى في سورة الإنسان “يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا” وذلك ذكرًا للأبرار الذين يشربون من كأس كان مزاجها كافورا بعد أن بروا بوفائهم بالنذور التي كانوا ينذرونها في طاعة الله، ولذلك فإنك قد تتساءل عن ما حكم من نذر ولم يوفي بنذره حتى تتفادى أن يقع عليك عقابًا من الله بسبب عدم وفائك بنذرك وفيما يلي فإننا سنقوم بتوضيح الحكم بالتفصيل.

إن الوفاء بالنذر واجب وتركع من الأمور المحرمة إلا إن كان نذرًا لمعصية أو لأثم وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم “من نذرَ أن يطيعَ اللَّهَ فليُطعْهُ ومن نذرَ أن يعصيَ اللَّهَ فلا يعصِهِ” وهذا الحديث يوضح أن من ألزم نفسع بأنه يفعل أمرًا لله وكان هذا الفعل طاعة لله كواجل أو مستحب فهنا يلزمه الوفاء به إن قدر عليه، أما إن كانت تلك الطاعة غير لازمة فنذره لها قد أوجبها عليه لأنه ألزم بها نفسه لله تعالى.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما هو حكم رفع اليدين في الدعاء؟

تابع حكم من نذر ولم يوفي بنذره

أما إن كان ما نذر به نوع من أنواع المعصية فإنه منهي عن الوفاء به أبدًا، لأن المعصية محرمة ولا يجب أن تقع بكل الأحوال، وقدم ذم الرسول صلى الله عليه وسلم من لا ينذرون وى يوفون فعن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إِنَّ خَيْرَكُمْ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ -قَالَ عِمْرَانُ: فَلا أَدْرِي أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ قَرْنِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً – ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلا يُوفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ”.

إن المراد من قوله صلى الله عليه وسلم يظهر فيهم السمن أي أن هؤلاء غافلين عن أمور الدين ولا ينتبهون إلا للأكل والشرب والرحة، كما إن عدم الوفاء بالنذر من صفات المنافقين حيث يقول ربنا تبارك وتعالى في سورة التوبة:

وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ * أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ”.

ويقصد بمنهم في الأية الكريمة ” المنافقين” ويخشى على من ينذر ولا يوفي بنذره أن يلقي الله في قلبه الشقاق والنفا قيلقى الله سحبانه تعالى وهو منافق، فالمنافقين هم الذين تعودهم الله بالدرك الأسفل من النار والعياذ بالله، حيث يقول الله سبحانه وتعالى ” فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ”

كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وعَدَ أخْلَفَ، وإذا اؤْتُمِنَ خانَ” لهذا على المؤمن أن يحذر من أن يقع عليه ها الوصف الشنيع.

كفارة النذر

بعد أن عرفنا ما حكم من ذر ولو يوفي بنذره ينبغي أن نعرف كفارة النذر، وأجاب أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية أن كفارة النذر إطعام عشر مساكين أو إخراج قيمتها ماليًا وإن لم يستطع ذلك فعلىمن يسأل ما حكم من نذر ولم يوفي بنذره، أن يصوم ثلاثة أيام فالكفارة تلغي النذر ولا يكون على من أنذر شيء، كما ذكر أنه النذر من أنواع العبادات لله عز وجل لذلك لا يجوز أبدًا صرفه لأحدٍ غير الله سبحانه وتعالى.

قال الشيخ عويضة عثمان أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية  بعد أن سئل ما حكم من نذر ولم يوفي بنذره ،أن الإنسان الذي ينذر شيء لله فعليه أن يوفي بع فإن لم يستطع فعليع أن يخرج مثل كفارة اليمين لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عن عقبة بن عامر رضى الله عنه قال، قال رسل الله صلى الله عليه وسلم” كفَّارةُ النَّذرِ كفَّارةُ يمينٍ”.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما حكم تارك الصلاة في المذاهب الأربعة؟

أنواع النذر

بعد أن عرفنا ما حكم من نذر ولم يوفي بنذره، هناك أكثر من نوع النذر وفيما يلي فسوف نقوم باستيفائهم بالشرح المفصل:

نذر يجب الوفاء به

وهو نذر الطاعة وهو كل نذر ينذر في سبيل طاعة الله عز وجل مثل نذر الصوم أو الصلاة أو العمرة أو الحج أو صلة الرحم أو الاعتكاف أو الجهاد أو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مثل أن يقول الشخص ” لله عليً أن أتصدق بكذا أو أن أصوم كذا أو أحج هذا العام أو أصلي في المسجد الفلاني إذا أنعم الله عليً بنعمة أريدها” .

كذلك في حال أن أنذر نذرًا على سبيل التعليق كي يتقرب من خلاله إلى الله تعالى معلقًا ذلك بشيء ينتفع به إذا حدث له هذا الشيء كأن يقول مثلًا إن كفاني الله شر شخص ما أو قدم غائبي فعليً أن أخرج صدقة بمقدار كذا أو عليً أن أصوم كذا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ” من نذرَ أن يطيعَ اللَّهَ فليُطعْهُ ومن نذرَ أن يعصيَ اللَّهَ فلا يعصِهِ “.

إذا حدث وطرأ ظرف على من نذر نذرًا فيه طاعة وأعاقة هذا الظرف من أن يقدر على الوفاء بنذره، كأن نذر أن يصوم أو أن يعتمر أو أن يحج ولكن أصابه مرضًا أعاقه من فعل ذلك، كأن ينذر بالصدقة فيصيبه فقر، فإنه في هذه الحالة ينتقل إلى التكفير عن عدم الوفاء بالنذر بكفارة يمين فكما ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة اليمين.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز قول رمضان كريم وما حكم قولها؟

نذر المعصية

وهو كل نذر فيه إثم أو معصية لله عز وجل كان ينذر زيتًا أو شمعًا أو نفقة لبعض الشواهد او القبور أو ينذر المشاهد الشركية أو ينذر زيارة الأضرحة لأن ذلك كله من شبيه النذر بالأوثان، وكذلك أن ينذر بأن يفعل معصية من المعاصي كالزنا أو شرب الخمر
أو السرقة أو أكل مال الناس أو اليتيم بغير وجه حق أو إنكار حق شرعي لأحد أو أن ينذر بقطع صلة رحمه مع قريب له أو ألا يدخل بيته دون وجود أي مانع شرعي.

كل ما سبق ذكره مما لا يجوز النذر به، كما لا يجوز الوفاء بأي بكل حال من الأحوال، ودليل ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها عن عمران بن حصين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ” لا وفاء لنذرٍ في معصية“.

النذر الصادم للنص

إذا نذر المؤمن نذرصا وتبين له أن نذره هذا يتعارض مع نص صريح فيه أمر أو فيه نهي لابد له من أن يتوقف عن الوفاء بهذا النذر، ودليل ذلك ا رواه البخاري رحمه الله عن زياد بن جبير قال زياد بن جبير قال كنت مع ابن عمر فسأله رجل فقال نذرت أن أصوم كل يوم ثلاثاء أو أربعاء ما عشت فوافقت هذا اليوم يوم النحر فقال أمر الله بالوفاء  بالنذر ونهانا أن نصوم يوم النحر فأعاد عليه مثله ولم يزد عليه.

روى كذلك الإمام أحمد عن زياد بن جبير قال أن رجل سأل ابن عمر رضي الله عنهما وهو يمشي بمني فقال لقد نذرت أن أصوم كل يوم ثلاثاء وأربعاء فوافق هذا اليوم يوم النحر فما ترى؟ فقال أمر الله تعالى بوفاء النذر ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم على صيام يوم النحر فقال فظن الرجل أنه لم يسمعه فقال إني نذرت أن أصوم كل يوم ثلاثاء وأربعاء فوافق هذا اليوم يوم النحر فما ترى؟ فأعاد عليه  ابن عمر ما قال له وما زاد على ذلك حتى أسند في الجبل.

يقول الحافظ ابن حجر في ذلك أنه قد انعقد إجماع بين الفقهاء على أنه لا يجوز أن يصوم يوم الفطر ولا يوم النحر لا نذرًا ولا حتى تطوعًا أو قضاء.

نذر لا حكم له سوى كفارة اليمين

هناك نذور لا حكم فيها من الأحكام سوى ما يتعلق بالالتزام بالنذر بكفارة اليمين تكفيرًا عما تعهد به ومنها النذر المطلق وهو عبارة عن نذر لم يسم فلو نذر المسلم نذرُا ولم يسم المنذور به بل تركه معلقًا من غير تسمية أو تعيين كأن يقول علي أن نذر ان شفيت من المرض أو إن نجحت في تجارتي ولم يسنم الشيء الذي سينذر به لله تعالى فإن كفارة ذلك هي كفارة اليمين.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما حكم زواج المسيار شرعا وما هي شروطه

نذر فيه اختيار بين الوفاء أو كفارة اليمين

هناك نوع من النذور يخير فيه الشخص الذي تعهد بالنذر أما أن يوفي بما أنذر أو يكفر عن نذره بكفارة اليمين ويشمل ذلك النوع من النذر ما يلي:

  • نذر الغضب أو اللجاج: وهو كل نذر يخرج مخرج اليمين من اجل الحث على فعل شيء ما أو المنع منه أو التكذيب او التصديق غير قاصد صاحبه للنذر و للقربة، ومثل ذلك أن يقول الرجل في غضب “إن فعلت كذا فعلي حج أو صدقه أو صوم شهر أو التصدق بألف دينار”.
  • أو أن يقول “إن كلمت فلانًا فعليً عتق هذا العبد او أن طلاق زوجتي” وكل ذلك من الأمور التي يفعلها ليس قاصدًا إلا التوكيد على ألا يفعل هذا الأمر لا غيره على ارغم من أن حقيقة مقصوده ألا يفعل الشرط ولا يقع الجزاء وذلك يخير في ذلك النوع من النذر.
  • نذر المماحكة أو إظهار الحث على ضرورة فعل شيء من عدمه .
  • نذر المباح: وهو كل نذر يتناول فيه شيء من المباحات كأن يتناول طعامًا أو يشرب مشروبًا من الأمور المتاحة.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما حكم الزوج الذي يهين زوجته وسبها وسب أهلها

هكذا بعد أن أجبنا على سؤال ما حكم من نذر ولم يوفي بنذره فإننا يجب أن نشير أن على كل مسلم أن يحرص ألا يوقع نفسه في أمور خارج نطاق استطاعته كأن يحلف أو ينذر وفي حالة ما بين الفقر أو عدم القدرة على فعل ذلك، فإن فكرنا قبل أن نلزم أنفسنا بما لا طاقة لنا به فإننا سنوفر على نفسنا الكثير من التفكير.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.