الاحتلام عند البنات هل يوجب الغسل
الاحتلام عند البنات هل يوجب الغسل؟ هل يمكن تجنب الاحتلام عند النوم؟ إن الاحتلام، وما يخصه من أحكام شرعية ورد في كتب علماء الدين، والتي استدلوا عليه من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وعلم أحكامه الصحابة رضي الله عنهم للمسلمين.
لذا سنتعرف على كل التفاصيل المتعلقة بالاحتلام وعلاقته بالوسواس القهري من خلال الموضوع التالي المقدم لكم من موقع زيادة.
الاحتلام عند البنات هل يوجب الغسل
مما اجتمع عليه جمهور العلماء في فقه الطهارة أن من موجبات الغسل نزول المني من احتلام، وذلك حتي تتحقق الطهارة الحسية لإمكانية أداء العبادات التي يشترط فيها الطهارة، وهذا مما ثبت في القرآن والسنة النبوية الشريفة.
قال الله تعالى في سورة البقرة: ” ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)”، جاء في تفسير البغوي عن هذه الآية من قول عطاء ومقاتل والكلبي أن الله يحب التوابين من الذنوب، ويحب المتطهرين بالماء من الأحداث والنجاسات، والله أعلم.
كما ورد في صحيح البخاري عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت:
“جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذَا رَأَتِ المَاءَ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وجْهَهَا، وقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا ولَدُهَا”.
يتضح من الحديث النبوي الشريف مشروعية الاغتسال ووجوبه إذا احتلمت المرأة، وثبت رؤيتها لنزول المني، وهذا مما أجمع عليه الفقهاء، ولا خلاف فيه، وفيما يلي نبين بعض الأمور الهامة فيما يتعلق بمسألة الاحتلام عند البنات هل يوجب الغسل؟
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: اضرار الاحتلام أثناء الدورة الشهرية
الاحتلام عند البنات
إن الاحتلام كما يعرفه اللغويون هو رؤية الحلم أثناء النوم، وورد اللفظ عند العرب في قولهم احتلم الصبي أي أدرك الصبي وبلغ مبلغ الرجال، ومنه قول الله تعالى في سورة النور: “وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59)”.
أما الاحتلام كما يعرفه الفقهاء فهو نزول المني أثناء النوم، وتحقق رؤيته في الثياب بعد الاستيقاظ من النوم، ويكون سبب نزول المني عند الرجال والصبيان أو النساء والفتيات بسبب رؤية حلم في المنام فيه جماع أو مشاهد تحقق الشهوة.
يكون الغسل واجبًا في حالة التثبت من رؤية المني (بللًا في الثياب) بعد الاستيقاظ، ولا يشترط الفقهاء رؤية حلمًا في المنام؛ لأن في كثير من الحالات ينسى الإنسان ما رآه في الحلم عند الاستيقاظ، بل قد ينسى الإنسان أنه حلم أثناء نومه؛ لذلك العبرة في الحكم برؤية المني في الثياب.
إذا رأت الفتاة حلمًا فيه جماع أو مباشرة، ولم تجد آثارًا للمني في ثيابها أجمع أهل العلم الشرعي أنه لا يجب عليها الغسل، ودليلهم في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي روته أم سلمة رضي الله عنها: “فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذَا رَأَتِ المَاءَ”.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: الفرق بين الاحتلام والإستحلام
طريقتان للغسل
إن نزول المني أثناء النوم يوجب الغسل؛ لقول الله تعالى في سورة المائدة آية (6): “وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا”، وقوله تعالى في سورة النساء آية (43): “وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا”.
إن للغسل ركنين أساسيين، هما: النية ومحلها القلب، وتعميم البدن بالماء، وله صفتين:
الأولى: الاكتفاء بتعميم الجسم بالماء، وأقله يكون بقدر ثلاثة أكف من الماء على الرأس ثم يفيض الماء على سائر الجسد كما ورد في صحيح البخاري:
” قالَ لي جَابِرُ بنُ عبدِ اللَّهِ وأَتَانِي ابنُ عَمِّكَ يُعَرِّضُ بالحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ. قالَ: كيفَ الغُسْلُ مِنَ الجَنَابَةِ؟
فَقُلتُ: كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأْخُذُ ثَلَاثَةَ أكُفٍّ ويُفِيضُهَا علَى رَأْسِهِ، ثُمَّ يُفِيضُ علَى سَائِرِ جَسَدِهِ. فَقالَ لي الحَسَنُ: إنِّي رَجُلٌ كَثِيرُ الشَّعَرِ، فَقُلتُ: كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أكْثَرَ مِنْكَ شَعَرًا.”
الثانية: هي الصفة المستحبة للغسل عن الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاءت في حديث أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها:
“وَضَعْتُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غُسْلًا وسَتَرْتُهُ، فَصَبَّ علَى يَدِهِ، فَغَسَلَهَا مَرَّةً أوْ مَرَّتَيْنِ – قالَ: سُلَيْمَانُ لا أدْرِي، أذَكَرَ الثَّالِثَةَ أمْ لَا؟
ثُمَّ أفْرَغَ بيَمِينِهِ علَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بالأرْضِ أوْ بالحَائِطِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ، وغَسَلَ وجْهَهُ ويَدَيْهِ، وغَسَلَ رَأْسَهُ، ثُمَّ صَبَّ علَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ، فَنَاوَلْتُهُ خِرْقَةً، فَقالَ بيَدِهِ هَكَذَا، ولَمْ يُرِدْهَا”.
خطوات الغسل
من خلال ما يلي سوف نعرض لكم خطوات الغسل بالتفصيل:
- غسل اليدين ثلاث مرات.
- غسل الفرج، وإزالة ما به من الأذى.
- الوضوء كما للصلاة.
- تدخل الأصابع خلال منابت وأصول شعر الرأس بالماء.
- غسل الشعر بثلاث حفنات من الماء.
- لا يشترط في غسل الجنابة نقض الضفائر.
- تعميم الجسد بالماء، ونبدأ بالجانب الأيمن ثم الجانب الأيسر.
- إيصال الماء لجميع ثنايا الجسم.
- غسل الرجلين.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل الاحتلام يفسد الصيام في غير رمضان
هل يمكن تجنب الاحتلام أثناء النوم
بعد معرفتنا الاحتلام عند البنات هل يوجب الغسل؟، ووضحنا كيفية الاغتسال، من المهم أيضًا معرفة هل يمكن تجنب الاحتلام أثناء النوم؟ أم هو من الأمر التي لا يمكن تجنبها بأي حال من الأحوال.
إن الاحتلام أمر لا دخل للإنسان في حدوثه، فهو يحدث بشكل عفوي، ولا يمكن أن تتجنب الفتاة حدوث الاحتلام بإرادتها أثناء النوم، ولا يجب عليها أن تشق على نفسها في هذا الأمر، فالأصل في التكليف هو الاستطاعة والمقدرة.
لكن هناك نصائح أوصى بها بعض علماء الدين يمكن أن تتبعها الفتاة لتجنب حدوث الاحتلام، وحتى إذا لم يمنعها تكون الفتاة قد ظفرت بالثواب، ونذكر تلك النصائح فيما يلي:
- الاستعانة بالله في كل شيء من صفات المؤمنين والمؤمنات؛ لذلك فالمحافظة على أذكار الصباح والمساء في أوقاتها يبعد تلاعب الشيطان بأفكار الإنسان.
- عدم الانشغال في التفكير بالجنس الآخر، والابتعاد عن التفكير في العلاقات الحميمية بين الرجال والنساء أو الكلام عنها أو رؤيتها؛ لأن التفكير الزائد في مثل تلك الأمور يزيد من احتمالية استرجاع العقل لها في الأحلام أثناء النوم.
- إن فترة المراهقة فترة حرجة؛ لأن الجسم البشري يمر فيها بعدة تغيرات بيولوجية هامة، فهي فترة تحول من الطفولة إلى النضج، والاحتلام من تلك التغيرات الطبيعية.
- يجب على الفتيات إشغال تفكيرهن في تلك المرحلة بذكر الله وحفظ القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، وإثراء عقولهن ثقافيًا وعلميًا بتحصيل دروسهن والمطالعة العامة.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: متى تغتسل المرأة من الاحتلام
نصائح أخرى لتجنب الاحتلام
هناك أيضًا بعض النصائح التي تساعد الفتيات على تجنب حدوث الحلم أثناء النوم، وسوف نتعرف على ذلك من خلال التالي:
- كما يفضل للفتيات وكذلك الفتيان ممارسة الرياضة، والمداومة عليها؛ لأنها تعينهم في بناء أجسادهن وتمتعهن بصحة سليمة ونفسية قويمة وعقل سليم، فالعقل السليم في الجسم السليم.
- الحرص على أذكار قبل النوم، والنوم على الجانب الأيمن يبعد الأحلام التي يكون الشيطان سببها، كما تحصل المسلمة على ثواب اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتحصل على فوائد الدعاء من إرضاء الله والسلامة من الشيطان.
- تجنب النوم على البطن في بداية النوم؛ لأن هناك أقوال عن أن النوم على البطن يزيد من الاحتلام، ولم يثبت صحتها طبيًا حتى الآن، ولكن لا مانع من تجنبها خاصة أن النوم على البطن من الهيئات المنهي عنها في النوم.
أخرجه البخاري في (الأدب المفرد/ 1187) عن يعيشَ بنِ طَخْفَةَ بِنِ قيسٍ الغفاريِّ عن أبيهِ – كانَ مِن أصحابِ الصُّفَّةِ – أنَّه قالَ:
“أتاني آتٍ وأنا نائمٌ على بطني فحرَّكني برِجلِه فقال قُمْ؛ هذه ضجعةٌ يُبغِضُها اللهُ فرفعتُ رأسي فإذا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قائمٌ على رأسي”.
بذلك نكون أوضحنا كل ما يخص الاحتلام عند البنات هل يوجب الغسل؟، ولكن هناك بعد الفتيات يسبب لهن الاحتلام وسوسًا قهريًا.
الاحتلام والوسواس القهري
بعد أن أوضحنا كل ما يخص الاحتلام عند البنات هل يوجب الغسل؟، لكن هناك بعد الفتيات يسبب لهن الاحتلام وسوسًا قهريًا، فقد تتفاجأ بعض الفتيات عند رؤية بللًا بسيطًا عند الاستيقاظ من النوم في ثيابها، وخاصة إذا رأت حلمًا لم يكن معتادًا لها أن تراه.
إن الاحتلام عند الفتيات قد يسبب نوعًا من الخجل عن السؤال والشعور بالذنب، وكثرة الشعور بالذنب مع الحرص الزائد من بعض الفتيات على الطهارة والنظافة قد يؤدي كل ذلك إلى حدوث الوسواس القهري.
إن عدم العلم بأحكام الشرع يؤدي إلى كثير من المشكلات، فالمسلم إذا علم أحكام دينه ونفذها ليرضي الله تعالى ارتاح قلبه وعقله، ولعل من أسباب الجهل بالأحكام هو الاستحياء من السؤال.
إن الحياء خلق جميل، وندبه الشرع الإسلامي، ولكن الحياء الذي هو شعبة من شعب الإيمان هو الحياء الذي يمنع صاحبه من فعل المعاصي، وليس الذي يمنع المسلمة من أن تسأل عن أحكام دينها.
فيما يخص الاحتلام فلا حرج على المسلم والمسلمة فيه، ولا يجب أن تلوم الفتاة نفسها عليه أو تشعر بالحرج منه؛ لأنه أمر طبيعي لا يد لها فيه، فلا يجب أن يلوم المسلم نفسه على ما لم يتعمد فعله.
بل يلوم نفسه على التفريط في العبادات أو عمل المعاصي، ولا يبالغ في اللوم والشعور بالذنب بل يجب أن يدفعه الشعور بالذنب على التوقف عنه والتوبة إلى الله وعبادة الله هذا فيما يخص عمل المعاصي أو التفريط في العبادات.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل تجوز الصلاه بعد الاحتلام بدون اغتسال ؟
علاج الوسواس القهري في العبادات
إن أمور العقيدة والأحكام الشرعية في العبادات من الأمور التي لا خلاف فيها عند جمهور علماء وفقهاء الدين، ولا يوجد مجالًا للشك والوسوسة في أحكام الشريعة الإسلامية، وخاصة في أمور العبادات.
أما فيما يخص الأحكام الشرعية في الاحتلام فالأمر واضح، ولا يجب أن تشق المسلمة على نفسها في أمر من أمور الدين، وجاء في سورة الحج آية (78) قوله تعالى: “وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ”.
الاحتلام عند البنات هل يوجب الغسل؟ إذا رأت الفتاة نزول المني في ثيابها تغتسل، ولا داعي للمبالغة في تفتيش الثياب كما بين أهل العلم، أو شغل تفكيرها بشكل زائد عن الحد مما يؤدي في النهاية إلى الوسواس القهري.
الجهل داء والعلم دواء، ومادام حضر العلم فلا داعي للشك، وترك المجال للشيطان أو المبالغة والتشديد مما لا حاجة إليه، فإذا استسلم الإنسان للوساوس ٍيصل إلى ما لا يحمد عقباه، والأفضل قطع الطريق على الوساوس بالعلم وعدم الشك.
من افضل ما قيل من أهل العلم عن الوسواس كلام شيخ الإسلام بن تيمية:
“الوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، إن كيد الشطان كان ضعيفا،
وكلما أراد العبد توجها إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوساوس أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه، ولهذا قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس، فقال: صدقوا، وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب”.
كنا قد أوضحنا لكم في الموضوع السابق عن الاحتلام عند البنات هل يوجب الغسل؟، وبينا كيفية الغسل، كما تعرفنا على كيفية تجنب الاحتلام عند النوم، كذلك تناولنا بالحديث بعض الأمور الهامة فيما يخص الاحتلام والوسواس القهري.
نرجو أن نكون قد استوفينا كل ما يخص الاحتلام عند البنات هل يوجب الغسل؟ كما تطرقنا إلى معرفة علاقة الاحتلام والوسواس القهري، والله ولي التوفيق.