شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مثال التوازن
شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مثال التوازن في تطبيقه للمفاهيم الصحيحة في العديد من الأمور الحياتية، سواء كانت النفسية أو الاجتماعية أو السلوكية ومُختلف النواحي الأخرى، لهذا أمرنا الله تعالى بأخذ النبي صلوات الله عليه وسلم قدوة وأسوة في كافةً أمور الحياة.
جاء ذلك في قوله تعالى، “لقد كان لكم في رسول الله أُسوةٌ حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا”، ومن خلال مقالنا اليوم عبر موقع زيادة الإلكتروني سنتعرف على مواقف التوازن في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام بالتفصيل.
اقرأ أيضا للتعرف على: سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الشخصية وتفاصيل حياته ووفاته
شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مثال التوازن في الحياة
تختلف مظاهر التوازن في شخصية النبي محمد صل الله عليه وسلم الذي كان مثالًا للاتزان النفسي، حيث كان مُستبشرًا مُتبسمًا في وجه من حوله ولم يكن صاحب وجهٍ عبوس أو حزين يُنفّر الجميع منه، وكان لا يبكي إلّا من خشية الله مثلما كان يفعل عند قيام الليل أو عندما يستمع لآيات القرآن الكريم، كما يلي:
- بكى في يومٍ قد قرأ عليه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه آية من الذِكر الحكيم:
“فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا” النساء(41)
- كما كان بكائه حزنًا وشفقة على أمته عندما فعلها وهو يؤدي صلاة الكسوف، وكان يقول:
“ربَّ ألم تعدني ألّا تُعذبهم وأنا فيهم، ألم تعدني ألّا تُعذبهم ونحن نستغفرك”
- أو كان يحزن ويبكي لفقد أحبته مثلما فعل عند وفاة ابنه إبراهيم وعندئذٍ قال:
“إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلّا ما يرضي الرب وإنا لفراقك يا إبراهيم لَمحزُنون وإنا لله وإنا إليه راجعون”.
- فعلها أيضًا عندما توفى عثمان بن مظعون رضي الله عنه وكذلك عند وفاة إحدى بناته، حيث جلس عن قبرها يبكي.
- في المقابل كان النبي صلى الله عليه وسلم، يحب الضَحِك والمرح وكان يُمازح أصحابه رضي الله عنهم، وكان فيما يُؤكد ذلك:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: “أنَّ رجلًا أتى النبي صل الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، احملني، قال النبي صل الله عليه وسلم: إنا حاملوك على ولدِ ناقةِ، قال: وما أصنع بولدِ الناقةِ؟ فقال للنبي صل الله عليه وسلم: وهل تلدُ الإبلُ إلّا النوقِ”.
انقر على هذا الرابط للتعرف على: حياة الرسول صلى الله عليه وسلم بداية من مولده حتى وفاته
أولًا: شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مثال التوازن في العبادة
- كان رسول الله صل الله عليه وسلم يحرص كلًّ الحرص على تحقيق مبدأ التوازن في العبادات، فكان لا يُفرِط أو يجور على بقيّة الحقوق على الرغم من أن العبادة حق لله تعالى، وهذا لقول الرسول صل الله عليه وسلم:
“فإن حق الله على العباد أن يَعبدوه ولا يُشركوا به شيئًا”.
- كما كان لا يُفرِط ويؤدي بذلك إلى الإهمال أو الغفلة وقد ثبُتَ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
“كان رسول الله صل الله عليه وسلم يُفطِرُ من الشهر حتى يظن أن لا يصوم منه، ويَصوم حتى أن يُفطِر منه شيئًا، وكان لا تشاء أن أن تراهُ من الليل مُصليًا إلّا رَأيتهُ، ولا نائمًا إلّا رَأيتهُ”.
- كان يحرص النبي عليه الصلاة والسلام على دعوة الناس إلى التوازن في أداء العبادات وقد تم ثبوت ذلك عن سلمان عندما لأبي الدرداء رضي الله عنه:
“إنَّ لِربك عليك حقًا، ولِنفسك عليك حقًا، ولِأهلك عليك حقًا، فَأعطِ كلًّ ذي حقٌ حَقه، فَأتىَ النبي صل الله عليه وسلم، فَذكر ذلك له، فقال النبي صل الله عليه وسلم: صدق سلمان”.
مظاهر التوازن في العبادة عند النبي
من مظاهر التوازن في العبادة وما كان يقوم به النبي صل الله عليه وسلم ما يلي:
- كان يحرص الرسول عليه الصلاة والسلام على عدم تعذيب النَفس بكثرة العبادة، حيث كان ينهي عن عدم تكليف أنفسهم بما لا يُطيقون فقال:
“اكلَفُوا من الأعمال ما تُطيقون”.
- كما كان يحرص على أداء ما عليه من واجبات وحقوق بدون أن يؤثر أيًّ منهما على الآخر.
- كذلك كان يحرص على التنوّع في العبادات لتحقيق التوازن في النَفس وعدم الشعور بالكلل والملل، ممّا يؤدي بذلك إلى مزيد من التقرُّب إلى الله تعالى.
- من مظاهر توازن النبي عليه الصلاة والسلام في العبادة أنه كان ينهي عن الغُلوَّ في الدين فيما قاله لعثمان بن مظعون وأصحابه رضي الله عنهم بألّا يزيدون من تفرغهم للعبادة فقط، وقد قال الرسول صل الله عليه وسلم:
“أنتم الذين قُلتُم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأُصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فَمن رغِبَ عن سُنتي فَليس مِني”.
يرشح لك موقع زيادة الاطلاع على: تعريف الرسول صلى الله عليه وسلم وتفاصيل بعثته
ثانيًا: شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مثال التوازن السلوكي والأخلاقي
تُعد شخصية الرسول صلوات الله عليه وسلم مِثالًا يُحتذى به في الأخلاق والسلوكيات الاجتماعية، فقد كان عليه الصلاة والسلام فيما بين قومه وأصحابه رضي الله عنهم قُدوةً وقيمة ومثلٌ أعلى باختلاف طبقاتهم ومستويات حياتهم، وكان هذا دليلٌ يؤكد صِدق نبوءته وفيما يلي نبذة عن مظاهر التوازن السلوكي والأخلاقي في شخصية الحبيب المصطفى صل الله عليه وسلم:
التوازن بين القول والعمل
استطاع النبي الكريم عليه الصلاة والسلام بشخصيته الحكيمة أن يقوم بفعل ما يقوله وكان أول من يقوم بتطبيق ما يقوله، وكان لا ينهي عن أمرٍ مُنكرٍ إلّا وكان يبتعد عنه بالعمل بالإضافة إلى فِعل الطيبات من الأعمال كان يحرص عليها لكي يتناقلها من حوله بنفس مِصداقية ما كان يفعله الرسول صل الله عليه وسلم.
أدى ذلك إلى التأثير القوي في نفوس الناس والذي جعل الرسول بينهم مُلقبًا بالصادق الأمين، وتوجد أمورٌ متعددة كان يحرص الرسول عليه الصلاة والسلام بالإقدام على عملها مثل ما يلي:
- قيام الليل فقد ثبُت عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:
“أن نبيَّ الله صل الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفَّرَ قدماه”
- كما أنه كان احرص الناس على الجهاد في سبيل الله تعالى والشجاعة عند قول الحق ونفي الباطل، وقد ثبُتَ عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال:
“كان النبي صل الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجوَدَ الناس، وأشجعَ الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فَانطلق الناس قِبَلَ الصوت، فَاستقبلهم النبي صل الله عليه وسلم قد سبق الناس إلى الصوت، وهو يقول: لن تُراعوا لن تُراعوا”.
- إلى جانب ذلك كان النبي صل الله عليه وسلم لا يستخدم الكذب والباطل في أحاديثه لكي يؤدي رسالته التي كلَّفه الله بها، وكان يحرص على الصدق قولًا وفِعلًا مهما كانت الأحوال وجاء عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال:
“كان رسول الله صل الله عليه وسلم يُقبِلُ بوجهه وحديثه على أشرُ القوم، يتألفهم بذلك، فكان يُقبِلُ بوجهه وحديثه عليَّ، حتى ظننت أن خيرُ القوم، فقلت: يا رسول الله أنا خيرٌ أو أبو بكر؟ قال: أبو بكر فقلت: يا رسول الله، أنا خيرٌ أو عثمان؟ قال: عثمان فلما سألتُ رسول الله فصدَقَنِي، فَلوددتُ أني لم أكن سألته”.
- كان الرسول صل الله عليه وسلم صادقًا في دُعابته ومِزاحهِ فجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
“قالوا: يا رسول الله! إنك تداعِبُنا؟! قال: إني لا أقول إلّا حقًا”.
التوازن بين الصرامة والرأفة
- كان رسول الله صل الله عليه وسلم يتصفُ بالأخلاق الحميدة والصفات التي تتوافق مع الفطرة، فقد كان يتميز بالحَزم واللين وكان أكثر الناس حُلُمًا بالجاهل ومُسيء الخُلُقِ والكاذب، وثبُتَ عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
“ما ضرب رسول الله صل الله عليه وسلم شيئًا قطُّ بيده، ولا امراةً، ولا خادمًا، إلّا أن يُجاهد في سبيل الله”.
- لكن هذا لا يمنع غضبه أو صرامته في حالة أن كان هناك انتهاكٍ لحرمات الله عز وجل، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:
“وما نِيلَ منه شيءٌ قطَّ، فَينتقم من صاحبه، إلّا أن يُنتهك شيء من محارم الله، فَينتقم لله عز وجل”.
- كما أنه إذا مسَّ أحدٍ من أهل بيته أيّ مكروه كان يغضب وهذا ما ثبُت عن فاطمة رضي الله عنها عندما أتت تشتكي زوجها على بن أبي طالب حينما أراد أن يخطب امرأة أخرى فقالت:
“يَزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك، وهذا عليَّ ناكحٌ بنت أبي جهل، فقام رسول الله صل الله عليه وسلم، فَسمعتهُ حين تشهد، يقول: أما بعدُ انكحت أبا العاص بن الربيع، فَحدثني وصدَقني، وإن فاطمة بضعة مني وإني أكرهُ أن يَسوءها، والله لا تجتمع بنت رسول الله صل الله عليه وسلم وبنت عدو الله عند رجلٍ واحدٍ فَترك عليَّ الخِطبة”.
من خلال هذا الموضوع يمكنكم التعرف على: معجزات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم
ثالثًا: الرسول صلى الله عليه وسلم والتوازن مع أهل بيته
تُعتبر شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مثال التوازن مع أهل بيته وأزواجه وأبناءه، حيث سنجد أنه كان يقوم بمعاشرة أهل بيته بالمعروف وكان يمزح معهم ويُحسن معاملتهم بالقول والفعل، وكان يجتمع بزوجاته في بيت الزوجة التي كان يجلس عندها يتسامرون معًا ويأكلون، وبعد ذلك تعود كل زوجة إلى غرفتها، ومن أبرز ما جاء من مواقف النبي صل الله عليه وسلم مع أهل بيته ما يلي:
- كان يحرص النبي صل الله عليه وسلم على تطبيق معايير الإحسان والمودة والرحمة فيما بينهم، وقد جاء عن الرسول صل الله عليه وسلم:
“خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”
- كان يصبر عليهن عندما تُخطِئ إحداهن في أمرٍ ما، وهذا فيما روي عن أنس بن مالك أن النبي صل الله عليه وسلم:
“كان عند بعض نسائه، فَأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصَحفةٍ فيها طعام، فَضربت التي النبي صل الله عليه وسلم في بيتها يدَ الخادم، فسقطت الصَحفةُ فَانفلَقت، فَجمع النبي فِلَق الصَحفةِ، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: غارت أمكم ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفةٍ من عند التي هو في بيتها، فَدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيتِ التي كُسِرت”.
- كما كان يتوازن في حبه ووفائه وعدله بين زوجاته وكان هذا عندما كان مريضًا على فراش الموت صل الله عليه وسلم، حيث كان يُنقَل في كل يوم إلى بيت زوجة من زوجاته فيما يدل على أنه مِثالًا وأسوّةً يُقتدىَ بها.
يرشح لك موقع زيادة الاطلاع على: متى توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف؟
في نهاية قولنا لهذا اليوم عن شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مثال التوازن نجد أن النبي عليه الصلاة والسلام كان مِثالًا عظيمًا يُحتذى به في السلوكيات والأخلاق والعمل الصادق قولًا وفعلًا، بالإضافة إلى التوازن في شخصية الرسول صلوات الله عليه وسلم في العبادة وأنه كان لا يفُرِط ولا يُغالي في أداء العبادة وكان يأمر أصحابه بذلك، علاوة على إثبات التوازن النفسي والتوازن في معاملاته مع زوجاته في شخصية النبي الكريم في العديد من الأحاديث النبوية.