تفسير من تواضع لله رفعه وقيمة التواضع في الإسلام
من تواضع لله رفعه ففي مقالنا اليوم عبر موقع زيادة الإلكتروني سوف نتعرف على قيمة من تواضع لله رفعه وكيف يجب على المُسلم أن يتحلّى بصفات التواضع مع غيره من المُحيطين به، كما سنتعرف أيضًا على أهمية التواضع في الدين الإسلامي وأبرز الأحاديث التي جاءت في الإسلام كي تحُثَّنا على مبدأ التواضع، وذلك حتى نتعلم من السلف الصالح ومن حياة النبي محمد صل الله عليه وسلم كيف يكون التواضع لله وكيف يكون تأثيره على النفس البشرية فَعليكم بمُتابعتنا.
من تواضع لله رفعه
- يُوضح لنا الرسول الكريم صل الله عليه وسلم في حديثه الشريف عن التواضع قائلًا: “ما نَقصت صدقةٌ مِن مالٍ، وما زادَ الله عبدًا بعفوٍ إلّا عِزًا، وما تواضع أحدٌ لله إلّا رَفعهُ الله” (صحيح مسلم).
- وفي شرح الحديث تَذكِرة بالغة الأهمية عن قيمة الصدقات وقيمة التواضع لله وهذا الجزء هو موضع حديثنا اليوم، حيث أن النبي صلوات الله عليه وسلم أمرنا بالتواضع لما له من مَنزلة كبيرة عند الله تعالى وأن من يتخذ صفة التواضع بين الناس في تعامله سوف يُجازى ثوابًا عظيمًا في الدنيا والآخرة.
- ويُعد التواضع هو البعد عن الغرور على العباد والوصول بالنفس إلى أن تتذلل من الكِبر والتعالي، وكذلك التخلُص من التباهي الزائد على الآخرين والحد من العلوّ المبالغ فيه بين الناس، وقد خاطب الله عز وجل النبي محمد صل الله عليه وسلم في القرآن الكريم عندما أراد أن يجعله مُتصِفًا بالتواضع والحِلم أثناء أداء الرسالة فقال:” فَبما رحمةٍ من الله لِنتَ لهم ولو كُنتَ فظًا غليظَ القلب لانفضوا من حولك، فاعفُ عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر، فإذا عَزمت فَتوكَّل على الله، إن الله يُحبُّ المُتوكّلين”.
- كما قيّلَ أيضًا في التواضع بأنه من صفات الرسل والأنبياء التي أعطاها الله تعالى لهم، حيث أن رسالة التوحيد كانت لابد وأن تُؤدىَ إلى الناس بحُسن الكلام والتواضع وعدم الغرور كي يشعر العباد بأنهم ليسوا أقل فِهمًا وأنهم يستطيعون تقبُلّ ما يستمعون إليه من أقوال الأنبياء عن ما يُبلّغ به رب العزة تعالى.
ومن هنا يمكنكم الاطلاع على: موضوع تعبير عن التواضع و صور تواضع الرسول الأمين وأهمية صفة التواضع داخل حياة الفرد
قيمة التواضع في الدين الإسلامي
- كما أشرنا إلى أن مبدأ من تواضع لله رفعه من أهم الصفات التي يجب أن تُرسَّخ في النفس المؤمنة، فإن قيمة التواضع في الإسلام لم تبتعد كثيرًا عن ذلك ولقد أوصانا النبي محمد صل الله عليه وسلم بأن نكون جميعنا متواضعين في حياتنا وفي تعاملنا مع الآخرين.
- حيث أن الشخص حينما يتواضع مع أهل بيته وأولاده فإنه بذلك يُطبق ما يحُثَّنا عليه الرسول صل الله عليه وسلم كما ورد ذلك في الحديث الشريف قالت عائشة رضي الله عنها:” سُئِلت: ما كان رسول الله صل الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ قالت: كان بَشرًا من البشر، يَفلي ثوبه ويَحلُبُ شاته ويخدمُ نفسه”.
- وذلك يُؤكد على مبدأ التواضع بين الزوج وزوجته كما أكد أيضًا النبي صلى الله عليه وسلم في حديث رواه عياض بن حمّارّ عن الرسول عليه الصلاة والسلام قائلًا:” إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يبغيَ أحدٌ على أحدٍ، ولا يفخرَ أحدٌ على أحدٌ” (صحيح أبي داود).
- كذلك أوضح بعض علماء الدين الإسلامي بأن مفهوم التواضع هو ألّا يكون المرء في نفسه ثمّة الغرور والتعالي والفَخرّ الزائد عن الحد، كما أشاروا إلى أن التواضع هو احترام وتقدير الناس وكيفية التعامل معهم وألّا يحتقر أحدً غيره من الناس ولا يُحطّ من شأنهم ولا إنسانيتهم بأن يمدح الشخص نفسه بكل كِبرٍ وغرور على ما يَملُك، وقد جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى:” فلا تُزكّوا أنفُسكُم هو أعلمُ بمن اتقى”.
قيمة التواضع في القرآن الكريم
لقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم آيات متعددة تُبرز لنا معنى من تواضع لله رفعه وفضل هذه الصفة لدى المسلم والتي منها ما يلي:
- يقول الله تعالى في سورة لقمان: “ولا تُصعَّر خدَّكَ للناس، ولا تمشِ في الأرض مَرَحًا إن الله لا يُحبُ كلَّ مُختالٍ فَخورٍ، واقصد في مَشيكَ واغضص من صوتك إن أنكرَ الأصواتِ لَصوتُ الحميرِ”.
- وقال تعالى في سورة الفرقان: “وعبادُ الرحمن الذين يمشونَ على الأرض هَونًا”.
- كما قال تعالى في سورة الشعراء: “واخفض جَناحكَ لَمن اتبعك من المؤمنين”.
- وقال تعالى في سورة المائدة: “يا أيُّها الذين آمنوا من يَرتدَّ منكم عن دينه فَسوف يأتي الله بقومٍ يُحبُّهّم أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين”.
- وقال الله تعالى: “لن يستنكف المسيح أن يكون عبدًا لله ولا الملائكة المُقرّبون، ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فَسيحشُرهُم إليه جميعًا”.
- وقال تعالى: “من كان يريد العزّة فلله العزّةُ جميعًا، إليه يصعدُ الكَلِمُ الطيب والعمل الصالح”.
- وقال تعالى في سورة الإسراء: “ولا تمشِ في الأرض مرحًا، إنك لن تخرق الأرض ولن تبلُغَ الجبال طُولًا”.
يرشح لك موقع زيادة الإطلاع على المزيد من المعلومات حول: شعر عن التواضع للإمام علي ولبن الجوزي.. والتواضع في القرآن الكريم
أحاديث نبوية عن فضل التواضع لله
- أبلغنا النبي الكريم صل الله عليه وسلم عن التواضع في حديثه الشريف قائلًا: “ألا أُخبركم بمن يحرم على النار؟ أو تُحرّم عليه النار، تُحرّم على كل قريب هَيّن لَيّن سهل” رواه الترمذي.
- كذلك قال رسول الله صل الله عليه وسلم برواية أبي هريرة رضي الله عنه قال:” ما بعث الله نبيًا إلّا وقد رعى الغنم وأنا كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط”.
- كما جاء عن سهل بن حنيف رضي الله عنه، أن رسول الله صل الله عليه وسلم كان يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ويعودُ مرضاهم ويشهد جنائزهم.
- أما في حديث قدسي عن وصف الجنة والنار للتواضع: إن النار قالت: ما لي لا يدخلني إلّا الجبارون، والمتكبرون؟ وقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلّا ضعفاء الناس وسَقَطهم” مذكور في الصحيح.
- كما قالت عائشة رضي الله عنها عن حُسن أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام مع أهله: “كان في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلىَ الصلاة”.
- كما جاء أيضًا في حديث نبويٍ آخر:” من تواضع قلبه لله لم يسأم بدنه من طاعة الله”.
كيف كان التواضع في الدعاء؟
في دعاء مكارم الأخلاق يقول الإمام زين العابدين بن الحسين رضي الله عنه وهو يُدعو رب العالمين قائلًا: “وأعزنيّ ولا تبتلينّي بالكبِر، وعَبّدنيّ لك ولا تُفيد عبادتي بالعُجب، وأجر للناس على يدي الخير، ولا تمحقه بالمَنّ، وَهب لي مَعالي الأخلاق، واعصمني من الفخر، اللهم صل على محمد وآله، ولا ترفعني في الناس درجةً إلّا حططتني عند نفسي مثلها، ولا تُحدِث لي عِزًا ظاهرًا إلّا أَحدثت لي ذِلّةً باطنةً عند نفسي بقدرها”.
ففي هذا الدعاء يطلب الإمام على بن الحسين رضي الله عنه من الله تعالى بأن يكون عزيز النفس بعيدًا عن التكبر والتعالي والغرور، وأن يكون متواضعًا لله في كل أمرٍ يحدث له وأن لا يبتليه الله بالتفاخر والتظاهر على عباده المؤمنين وأن يُصلح نفسه ويجعله يبتعد عن العُجب ويعصمه من كل ما يتسبب له بأن يكون مُتعاليًا بنفسه.
ومن هنا يمكنك التعرف على كافة التفاصيل حول: الأحاديث الصحيحة في فضل الصلاة على النبي وكيفية الصلاة على النبي
صور من التواضع لله بين الناس
كي نجد مظاهر وصور التواضع بين الناس وحتى يتحقق مبدأ من تواضع لله رفعه، فإن أفعال الشخص وأخلاقه وسلوكياتهم ينبغي أن تحمل هذه الصور التالية:
- إذا كان الشخص يقوم بفعل الملبس والمأكل والمشرب بدون تبذير ولا إنفاق زائد في غير موضعه وبدون أن يكون مختالًا فخورًا، فهو بذلك قد حقق صفة التواضع بين الناس.
- الشخص الذي يتصف بالتواضع هو الذي يجلس مع الفقير والمسكين والمريض والصغير وقليل الحاجة بدون تكلُف أو غرور.
- من يقوم بزيارة الآخرين ممّن هم دون مستواه الاجتماعي ويسير في خدمتهم وتحقيق ما يتمنون بدون أي تعاليّ، فذلك هو الذي يحمل صفة التواضع والإنسانية.
- إذا وجدت أحدًا من كبار السن وعو واقفًا وأنت جالسًا ويمكنك إن تقف مكانه وهو يجلس مكانك، فذلك من باب التواضع وحُب مُساعدة الآخرين والرِفق بهم.
- من يقُم بتوصيل ضيفه حتى باب المنزل ويودعه، أو أن يُسوّي حذائه على باب بيته فذلك من أمور التواضع في المعاملة.
- عند تلَطُفّ الشخص مع غيره عند السؤال والإجابة عن حاجته بدون أن يشعر الآخر بالتكبُر والتعاليّ، فإن هذا من باب التواضع لله.
- عند السير في الطرقات ووجدت شيئًا قد يتسبب في إيذاء الآخرين وقمت بإزالته بدون تأففٍ منك، فذلك منزلة عظيمة على تواضعك وتفكيرك الطيب بألّا يحدث لغيرك أذىً وهو في الطريق.
ومن هنا يمكنك التعرف أيضًا على المزيد من التفاصيل حول: قراءة أحاديث الرسول عن الحياة وأفضل أقوال الرسول
فوائد قيمة التعامل بالتواضع بين الناس
من الفوائد التي يستشعرها الناس عند تعاملهم بالتواضع فيما بينهم ما يلي:
- تآلف القلوب والنفوس وزيادة الوِفاق بين الجميع.
- انتهاء صفات الكُره والحقد والحسد والكراهية بين الناس.
- التسليم التامّ بأن العزة لله تعالى وألّا يجوز أن يتفاخر المرء ويتكبر على الله عز وجل.
- زيادة مكانة الشخص المتواضع عند الله تعالى في الدنيا والآخرة.
- ازدياد قدر ومَنزلةً الشخص المتواضع بين الناس.
- التمسُك بسُنةً النبي محمد صل الله عليه وسلم وإتباع صفاته الحميدة أسوةً به.
- الابتعاد عن وساوس الشيطان الرجيم وإصلاح ما بين الناس بالحق بعيدًا عن التعاليّ والكِبر.
آثار التواضع على الفرد والمجتمع
عندما نُطبق حديث النبي عليه الصلاة والسلام عن من تواضع لله رفعه، فإن ذلك سوف يؤدي إلى حدوث آثار إيجابية على المجتمع والفرد نذكر منها التالي:
- بالنسبة للمجتمع فَسوف يتم تحقيق التكافل الاجتماعي بين الطبقات المُختلفة.
- سوف يسود الحب والتسامح والموّدة بين مُختلف العلاقات الاجتماعية.
- وقاية المجتمع من الوقوع في العديد من الجرائم والحوادث المتعددة نتيجة الاختلاف الطبقي بين الناس.
- تخلص النفس داخل المجتمعات من النزاعات النفسية بين الأفراد.
- أما بالنسبة للفرد فَسوف يؤدي إلى توسيع الروابط الاجتماعية بين الأشخاص.
- الابتعاد عن كل خُلق ذميم ممّا يزيد من محبةً الآخرين للفرد.
ومن هنا يمكنكم التعرف على: خير الناس أنفعهم للناس: من هم خير الناس؟ وأحاديث نبوية عن فضل النفع
وفي نهاية هذا المقال نكون قد قدمنا لكم شرح من تواضع لله رفعه وكيفية تهيئةً النفس في الوصول إلى العمل بمبدأ التواضع بين الناس، كما استعرضنا معكم أهم الأحاديث النبوية الشريفة عن التواضع وكذلك بعض من آيات القرآن الكريم حول مفهوم التواضع، و أوضحنا أيضًا التواضع في الدعاء و فوائد وآثار التواضع على المجتمع والفرد آملين أن ينال الموضوع إعجابكم.