هل يجزئ الصابون عن التراب
هل يجزئ الصابون عن التراب في غسل الإناء الذي يشرب منه الكلب بعد وجود المنظفات الكثيرة في عصرنا الحديث؟ أم أن استعمال التراب واجبًا في طهارة الإناء الذي شرب أو أكل منه الكلب؟ يمكن معرفة رأي فقهاء الدين فيما سبق في السطور التالية على موقع زيادة.
هل يجزئ الصابون عن التراب
في السنة النبوية الشريفة روى مسلم في صحيحه… عَنْ أَبِي رَزِينٍ وَأَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إذا وَلَغَ الْكَلْبُ في إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مِرَارٍ” وفي رواية أخرى: “طَهُورُ إناءِ أحَدِكُمْ إذا ولَغَ فيه الكَلْبُ، أنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاهُنَّ بالتُّرابِ“.
في هاتين الروايتين منهج تعليمي لتعليم المسلمين كيفية تطهير نجاسة الإناء الذي شرب منه الكلب، وهذا بأن يتم إلقاء ورمي ما بقي من الكلب ثم ينظف ويعفر بالتراب ويغسل من بعد ذلك بالماء سبع مرات.
يظن الكثير من المسلمين والمسلمات أن بعد إنتاج العديد من المنظفات التي تتطور كل يوم وقد ظهر منها أشكال كثيرة أنه يمكن أن تستخدم في تنظيف الإناء الذي لعق منه الكلب.
قد يسأل المرء نفسه بعد معرفته وتعلمه للحديث الشريف: هل يجزئ الصابون عن التراب؟ وقد سأل العلماء والفقهاء المتقدمون والمتأخرون عن هذا السؤال، وكانت إجاباتهم وفتواهم كما يلي:
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل تربية الكلاب حرام وهل يجوز التجارة في الكلاب والتربح منها؟
آراء المذاهب الأربعة
اختلف الأئمة الأربعة في الحكم بتطهير الإناء بالتراب وما إذا كان يُجزئ عن غيره أم لا، وهذا كما يلي:
رأي المالكية
يرى علماء وفقهاء المذهب المالكي أن لعاب الكلب طاهر وعرقه وفضلاته، الأمر بغسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب سبع مرات أولاهن بالتراب أمر تعبدي، وخاص بأواني الماء فقط.
يرى المالكية بعدم إعادة الصلاة لمن لم يعلم إذا توضأ أحد من آنية ولغ فيها الكلب ولم يغسلها سبع مرات ومرة بالتراب، ويلزم أن يحترس فيما بعد علمه.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز قطع صيام القضاء ؟ وحكم الإفطار في قضاء الصوم الواجب
رأي الشافعية
مذهب الإمام الشافعي فيه أنه يجب استعمال التراب ولا يجزئ عن استعمال التراب غيره والحجة على ذلك أنه عُين دون غيره وأمر به خاصة.
الحنبلية
مذهب الإمام أحمد فيه أنه يجوز استعمال غير التراب كالصابون وغيره، ولبعض الحنابلة رأي بأنه يجوز استعمال غير التراب في حالة عدم وجوده أو وجود ضرر من التراب، أما في حالة وجوده وعدم وجود ضرر منه يلزم استعمال التراب.
رأي الشيخ النووي
يرى بأنه يجزئ في غير الولوغ وحجته في أن الغسل سبعًا كان للتنفير من مؤاكلة الكلاب.
رأي الشيخ ابن العثيمين
أوجب ابن العثيمين استعمال التراب وأنه لا يجزئ عنه غيره وحجته في ذلك ما يلي:
إن الحديث الشريف الصحيح ينص على التراب، والواجب أن يتبع النص ما دام ثبت صحته، كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ما يشبه الصابون في التنظيف في عصرنا الحالي من السدر والأشنان، ولم يأمر بهما في الحديث كما أمر بالسدر في غير موضع.
إن التراب من أحد الطهورين وفي الأصل يحل محل الماء في حالات مشهورة، فجمع بين التراب والماء من أجل طهارة الإناء لما فيه دلالة على وجوبه، لعل هناك سرًا في التراب لا يعلمه أحد والأولى من كل ذلك اتباع أمر النبي والامتثال أفضل قدر المستطاع.
الصحيح عند ابن العثيمين رحمه الله أن غير التراب من المنظفات لا يجزئ عنها إلا في حالة انعدام وجود التراب، فالصابون وغيره خير في هذه الحالة من عدمه.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: كم عدد ركعات صلاة الظهر السنة والفرض ؟ وطريقة تأدية صلاة الظهر في الجماعة
الإعجاز العلمي التشريعي في الحديث الشريف
إذا علمنا الإعجاز العلمي التشريعي للحديث ستتبين لنا الحكمة من ضرورة إلقاء ما بقي من الماء في الإناء وتكرار الغسيل سبع مرات لإناء شرب منه الكلب وأن تكون إحدى هذه المرات بالتراب.
إن الحديث الشريف فيه تبيين لحكم استعمال الإناء الذي ولغ فيه الكلب، فعند التدقيق اللغوي لألفاظ الحديث ومعانيها يتضح أن معنى ولغ أي شرب من الإناء بطرف لسانه أو أدخل لسانه في الإناء وحركه، وبمعنى لعق.
أكد الأطباء على ضرورة استعمال التراب في غسل الإناء الذي طاله لعاب الكلب؛ لأن فيروس الكلب صغير جدًا ولا يمكن التخلص منه بمجرد غسل الإناء بالماء فهو شديد الالتصاق.
أثبت الأطباء أن التراب به مادتين قاتلتين للجراثيم تسميان تتراكسلين والتتاراليت، وتستخدم هاتين المادتين في التعقيم ضد الجراثيم، ويستطيع التراب إزالة الجراثيم نهائيًا من الإناء عبر التخلص من الشريط اللعابي للكلب.
يمكنك أيضًا الأضلاع على: هل يجوز قراءة القرآن للحائض ؟ ومتى تجوز قراءة القرآن للحائض ؟
دراسات بحثية هامة
أثبتت دراسات في العلم الحديث أن الفيروسات والجراثيم الموجود في لعاب الكلب دقيقة جدًا ومتناهية الصغر ولها أخطار جسيمة، فمن هذه الأخطار:
- إن الكلب يلعق جسده عدة مرات في اليوم مما يجعل لعابه ناقل للجراثيم التي قد تسبب أمراض كثيرة.
- أثبت الدكتور إيان رايت أخصائي بريطاني في الطب البيطري بعد فحصه 60 كلبًا أن براز الكلب وجسده قد يحملا نوع من الديدان الطفيلية تسمى توكسوكارا كانيس، فقد تسبب العمى عند الأطفال والكبار أيضًا ووجد واكتشف أن جرام واحد من شعر الكلب يحمل 180 بويضة من هذه الديدان وتسمى بداء السهميات.
- نشرت صحيفة ديلي ميرور البريطانية تقريرًا أوضح فيه الخبراء أن بويضات هذه الدودة شديدة اللزوجة وتنتقل بسهولة عند ملامسة الكلاب وأنها تنمو تلك الطفيليات في منطقة خلف العين.
- وصل عدد المصابين في الولايات المتحدة بهذه الديدان إلى عشرة آلاف مصاب أكثرهم من الأطفال، وهناك توصيات عدة بالبعد عن لعاب الكلاب.
- ثبت علميًا أن الكلاب تعيش في أمعاؤه دودة تدعى المكورة وتخرج بيوضها مع براز الكلب، وعندما يلعق الكلب دبره تنتقل هذه البيوض إلى اللعاب ومنه إلى الأواني وكل ما يلعقه الكلب.
هذه البيوض إذا وصلت لدم الإنسان تنتقل مع الدم إلى جميع أجهزة الجسم وتنمو في المكان الذي تستوطنه من جسمه مكونة ما يشبه الكيس الصغير، يسمى هذا المرض بداء الكيس الماء، ولا يزول إلا بعملية جراحية وأخطرها ما يصيب الدماغ وعضلة القلب.
قد أجريت أبحاث كثيرة حول هذه الديدان لما تسببه من مشاكل كثيرة تؤدي في بعض الأحيان للوفاة، وخرجت توصيات كثيرة بضرورة غسل الأيدي وتكرار غسلها وغسل جميع الأواني والملابس التي يمسها لعاب الكلب، وهذا لتجنب الإصابة بتلك الديدان وغيرها من الطفيليات الضارة.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز الصيام على جنابه في غير رمضان ؟
ثمرة أتباع السنة
إن من الحكمة اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل أمر قدر المستطاع، ويثبت علماء الشرق والغرب صحة ما جاء به وما أمر به.
نحن المسلمون نطبق شريعته سبحانه وتعالى باتباع سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم لأننا على يقين بأن الخير كله في اتباع هديه، خاصةً فيما يخص الأحكام الدينية لأنها تقربنا من الله وتخرج الحرج من صدورنا.
يتضح من مطالعة أهل الفقه والرأي والطب والعلم الحديث فيما يخص الإجابة عن هل يجزئ الصابون عن التراب… أن جمهور الفقهاء أجمع على أن غسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب مرة بالتراب وست أو سبع مرات بالماء تعبدًا وفيه خير وقربى بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
سيستشعر الإنسان المسلم بعدم الحرج وعدم الشك إذا طبق السنة وفي ذلك خير وراحة، أما من الناحية العلمية فقد أثبت العلماء خطورة لعاب الكلب وخطورة الأمراض التي يسببها لعابه وأن التراب له القدرة في إزالتها، وفي ذلك أيضًا خير.
فمن الأفضل أن نطبق ما جاء في السنة، وأن في تطبيقها واتباعها كل خير، ولا يوجد مانع من أن نغسل الإناء بالماء والصابون وما نريد من المنظفات بعد ذلك، والله أعلم.
بهذا نكون قد أجبنا على سؤالكم هل يجزئ الصابون عن التراب في غسل إناء الكلب، فقد حرصنا على توفير آراء الفقهاء والعلماء، ورأي المذاهب الأربعة في هذا الموضوع، وقد عرضنا عدة دراسات حول الكلب ونظافته، ونتمنى أن نكون قد أفدناكم.