هل يقع الطلاق على الحامل
شرع الإسلام الطلاق للمتزوجين حين تنتهي بينهما الحياة، ولا يقيما حدود الله، وعرّف بعض علماء الفقه بأن الطلاق هو حَل لعقد الزواج سواء بالتصريح أو بالكِناية عن الطلاق مع وجود النية، وطريقة الطلاق هي أن ينطق الرجل العاقل بلفظ الطلاق أمام زوجِه أو في غيابها أو أمام القاضي، وذلك وفقا لما جاءت به الشريعة.
وقال الله عزّ وجلّ في سورة البقرة: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خفتم أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
وهنا حدد الله عدد مرات الطلاق وهي مرتان مؤقتتان، ويمكن للزوج أن يرد زوجه في خلال فترة العدة، فإن طلقها الثالثة فإنها تحرم عليه. وأيضًا تتحدث الآية عن الهدف من الزواج وهو إقامة حدود الله، ولماذا يحدث الطلاق وهو ألا يقيم الزوجان حدود الله من إقامة الزواج.
أنواع الطلاق عند أهل السنة والجماعة
تقول الشريعة الإسلامية أن العصمة في يد الرجل؛ أي أن الطلاق يكون بيده؛ وذلك لأنه يتحكم أكثر في عواطفه بعكس المرأة.
وأنواع الطلاق هي:
-
طلاق البينونة الصغرى: وهو أن يقول الرجل لزوجه “طلقتكِ” أو “أنتِ طالق”، وله أن يردها إليه في فترة العدة (ثلاثة حيضات)، بدون عقد أو مهر جديدين.
-
طلاق البينونة الكبرى: وهو أن يطلق الرجل زوجه ثلاث طلقات بائنة رجعية بأوقات وأماكن مختلفة، أو أن يطلقها طلقة واحدة بائنة صغرى ولم يستردها في وقت العدة.
وقد أفردنا مقالًا خاصًا عن متى تخرج المطلقة من بيتها وعدتها.
- الخلع: مع أن الإسلام جعل الطلاق في عصمة الرجل، لكنه جعل سبلًا للمرأة المظلومة مع زوجها أن تنهي عقد الزواج بيديها. والخُلع هو أن تدفع جزءًا من المهر أو كله بمقابل ماديّ مقابل أن ينهي الزواج.
- طلاق القاضي: وهو أن يطلق القاضي الزوجة لحالات كأن يغيب الزوج عنها لفترة طويلة بدون معرفة منها، أو أن يكون مأسورًا، أو لا تعرف عنه أي معلومات.
هل يقع الزواج على الحامل
يظن عوام الناس أن الطلاق لا يقع على الحامل، وهذا غير صحيح، فقد جاء سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما للرسول -صلى الله عليه وسلم- وأخبره بطلاقه لزوجه وهي حائض، فقال له: “راجِعها ثم أمسِكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر ثم طلقها إن شئت طاهرًا قبلَ أن تمسها أو حاملاً.”
إذا فالطلاق يقع على الحامل، لكن العدة هنا تختلف، فعدة المرأة الحامل – إن طلقها طلقة أولى أو ثانية- تكون بوضعها لولدها؛ كما قال الله في سورة الطلاق: “وأُولاتُ الأحمالِ أجلَهُنَّ أنْ يضعنَ حملهُنّ”، فإن لم يردها قبل الوضع فإن طلاقها يكون بائنًا بينونة كبرى.
ويسري على الزوجة الحامل ما يسري على الزوجة المطلقة طلاقًا رجعيًا، من أنها لا تغادر بيتها، ويجب عليها التزيُّن لزوجها والتعرض له، فقد يحن لما بينهما ويرجعها في عصمتِه.
حكم المطلقة الحامل ولم يعلم زوجها بحملها
للطلاق حالات كثيرة، منها الطلاق المُحرّم، وقد اختلف فيه العلماء، والطلاق المحرّم هو أن يطلق الرجل زوجه في حالِ وقوع الحيضِ على الزوجة كما ذكرنا في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- ، أو بعد جماعِ الزوجة. وتقول المذاهب الأربعة رغم تحريم هذا الطلاق، فإنه يقع ضمن الطلقات الثلاث، وإن خالفَ السنة.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذا الطلاق لا يقع إذا لم يستبن حمل الزوجة؛ وذلك لأنه ليس من قول وعملِ الرسول -صلى الله عليه وسلم-، واستند إلى حديثِ رسولنا: “مَن عمِل عملًا ليسَ عليه أمرنا فهو ردٌّ”، وهذا أيضًا رجحه ابن القيّم، ودافع عن هذا الرأي.
وإن وقع الطلاق -على مذهب الجمهور- فإن الحامل عدتها -كما ذكرنا- بوضعِ طفلها، فله أن يردها بدون عقد ومهر جديدين.
شرّع الله الطلاق، ولكنه وضع له أيضًا قواعد وقوانين ليحد الرجل عن استسهال كلمة الطلاق وجريانها على لسانه، وأيضًا ليضع حدًا للمتزوجات لعدم طلب الطلاق مع كل مشكلة هيّنة تمر بهما.