كيف نستدل بمعجزات الأنبياء والرسل على وجود الله تعالى؟

كيف نستدل بمعجزات الأنبياء والرسل على وجود الله تعالى وكيف تزيد قوة إيمان المؤمنين بالله عبر تأمل معجزات الأنبياء السابقين والتفكر في قدر الخالق عز وجل؟ جميعها أسئلة تشغل بال الطامحين في التأكيد على إيمانهم بالله تعالى.

بالرغم أن هذه الطريقة لأثبات وجود الله تعالى غريبة بعض الشيء عن علماء الكلام* إلا أن بعض العلماء تناولوها بالشرح والتطبيق، وهذا ما سنتناوله في هذا الموضوع عبر موقع زيادة.

كيف نستدل بمعجزات الأنبياء والرسل على وجود الله تعالى

يقصد بمعجزات الأنبياء المذكورة في السؤال كيف نستدل بمعجزات الأنبياء والرسل على وجود الله تعالى هو البراهين التي يحتج بها الأنبياء أنفسهم على صحة نوبتهم وصدق كلامهم، وتصديقًا لما أتو به من شرائع أنزلها الله سبحان وتعالى.

هذه من الطرق التي اتبعها العلماء المسلمين القدماء، وذكرها كثيرًا منهم مثل:

  • البيهقي في كتاب الاعتقاد.
  • الخطابي في كتاب الغنية عن الكلام وأهله.
  • القاضي أبي يعلي في كتاب “عيون المسائل”.
  • شيخ الإسلام ابن تيمية في “مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية” علق على هذه الطريقة وقال: “وأما الطريقة التي ذكرها المتقدمون فصحيحة إذا حررت” 278/11.
  • ابن القيم في كتابه الصواعق المرسلة قال: “وهذه الطريق من أقوى الطرق وأصحها وأدلها على الصانع وصفاته وأفعاله، وارتباط أدلة هذه الطريق بمدلولاتها أقوى من ارتباط الأدلة العقلية الصريحة بمدلولاتها، فإنها جمعت بين دلالة الحس والعقل، ودلالتها ضرورية بنفسها، ولهذا يسميها الله آيات بينات” (3/1197).

فبراهين النبوة التي جاء بها الأنبياء وصلت إلى البشر بطريقتين (بخلاف ذكرها في القرآن الكريم):

  • رؤيا العين؛ وذلك للبشر الذين عاشوا مع الأنبياء وشاهدوا المعجزة بأعينهم.
  • التناقل واستفاضة الإخبار بين الناس فينتقل الخبر إلى من لم يقابل الرسول ذاته.

الدليل الفعلي على نجاح هذه الطريقة في الاستدلال، هي نجاح الأنبياء أنفسهم في دعوة العباد إلى الله، ويستخدم علماء الكلام هذه الطريقة في إثبات وجود الخالق بوجهين هما:

  • المعجزات ذاتها
  • الشرائع التي جاء بها الأنبياء الذين قاموا بالمعجزة.

 اقرأ أيضًا: معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم

إثبات وجود الله باستناد إلى المعجزات ذاتها

من الأدلة الشرعية على أن الأنبياء أتوا إلى أقوامهم بمعجزات:

“لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ” (الحديد 25).

في هذه الآية الكريمة يبين الله تعالى أنه أنزل مع الأنبياء بينات ومعجزات.

عن أبو هريرة رضي الله عنه قال: “ما مِنَ الأنْبِياءِ مِن نَبِيٍّ إلَّا قدْ أُعْطِيَ مِنَ الآياتِ ما مِثْلُهُ آمَنَ عليه البَشَرُ، وإنَّما كانَ الذي أُوتِيتُ وحْيًا أوْحَى اللَّهُ إلَيَّ، فأرْجُو أنْ أكُونَ أكْثَرَهُمْ تابِعًا يَومَ القِيامَةِ” (صحيح مسلم 152)

في هذا الحديث يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم ن أأن كل الأنبياء الذين أرسلوا إلى أقوامهم قد أعطاهم الله تعالى آيات وبينات تؤكد صدق نبوتهم.

فلما كانت تلك المعجزات من جنس ما لا يقدر عليه البشر ولا يقدر عليه إلا الله تعالى، مثل عصا موسى أو إخراج يده فإذا هي بيضاء أو البحر الذي أنشق أو العيون المائية … فمن يقدر على ذلك سوى الله تعالى، وبما إنها حدثت إذًا الله موجود.

كما قال ابن تيمية عن هذه الطريقة: ” وبالجملة فانقلاب العصا حية أمر يدل نفسه على ثبوت صانع قدير عليم حكيم أعظم من دلالة ما اعتيد من خلق الإنسان من نطفة. فإذا كان ذلك يدل بنفسه على إثبات الصانع فهذا أولى” (درء تعارض العقل والنقل 4/391).

اقرأ أيضًا: نبي معجزته الناقة ارسل لقوم ثمود والدروس المستفادة من القصة

إثبات وجود الله عن طريق الشرائع

عند تأكيد الأنبياء صدقهم بالمعجزات ويصدقهم قومهم بناءً على هذه المعجزات (سواءً كانت من الخوارق التي تصعب على البشر أم لا) فبالتالي يصدقون الله هو من أرسله وذلك اعتراف ضمني مسبق بوجود الله تعالى.

ثم أن الشرائع التي يأتي بها هؤلاء المرسلين ما تدعوا إلا إلى عبادة الله تعالى وحده وهذا دليل وجود الله تعالى.

كما أن الأنبياء الذين صدقهم الناس ينبئون بوجود الله وربوبيته على كل الخلق.

كذلك قال ابن تيمية في هذا الباب: “وهذه طريقة السلف من أئمة المسلمين، في الاستدلال على معرفة الصانع وحدوث العالم، لأنه إذا ثبتت نبوته بقيام المعجز، وجب تصديقه على ما أنبأهم عنه من الغيوب، ودعاهم إليه من وحدانية الله تعالى وصفاته وكلامه” (درء تعارض العقل والنقل 4/272).

هكذا إذا كان الملحد بدين الله، أو المشكك في وجود الله تعالى يصدق بمعجزات الأنبياء؛ فيمكن أن يكمل به الناصح الطريق إلى أن يصل به إلى الإيمان بوجود الخالق والإيمان بروبيته، ويجب أن يكون الناصح على معرفة كافية بعلم الكلام.

علم الكلام: هو العلم الذي يهتم بالرد على الملاحدة والمنكرين لوجود الله والمشككين في الدين الإسلامي بالأدلة العقلية، فلا يمكننا دعوة ملحد ولا يصدق أن الله تعلى موجود بشيء نزل في القرآن وهو لا يصدق به، فيتم التحاور معه بالأدلة العقلية، فالعقل لدى جميع البشر وهو ما نحتكم إليه.

بذلك نكون قد نقلنا إجابة سؤال كيف نستدل بمعجزات الأنبياء والرسل على وجود الله من أقوال الفقهاء وعلماء الكلام من الفلاسفة المسلمين، نرجو أن نكون قد أفدناكم، وأن نكون قد ساعدناكم في التعرف على إجابات كافة الأسئلة التي قمنا بطرحها مسبقًا.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.