شروط قسمة التراضي وحكمه
شروط قسمة التراضي جميعنا نعلم أن الله عز وجل قد أقر قواعد تقسيم الميراث في كتابه الكريم، ولكن هل يجوز أن يتم تقسيم الميراث بطريقة مختلفة إذا ترضى جميع الأطراف، وما الشروط، هذا ما نعرفه في هذا المقال عبر موقع زيادة .
هل ترغب في التعرف على كيفية حساب الثمن في الميراث وشروطه وموانعه اقرأ من هنا: كيفية حساب الثمن في الميراث وشروط الإرث وموانعه
قسمة التراضي
- في بعض الأحيان وفي الكثير من القصص الدائرة حولنا نجد أن بعض الورثة يريدون زيادة نصيب والدتهم أو إحدى أخوتهم مما لهم ظروف مختلفة.
- في هذه الحالة يحتار الشخص هل عليه أن يلتزم بالقسمة المبينة في كتاب الله عز وجل أم يجوز لهم تغير القليل في القسمة.
- وشروط قسمة التراضي هي شروط متفق عليها بين العلماء وسنذكرها في هذا المقال.
- ونظراً إلى اختلاف الحالات من شخص إلى آخر واختلاف القصص فإنه يفضل الاتصال بدار الافتاء ولكن في هذا المقال سنوضح الشروط العامة الحاكمة للأمر.
تفصيلات الميراث في القرآن الكريم
- قد بين لنا الله عز وجل تفصيلات الميراث الدقيقة في آيات كتابه الكريم.
- وقد اشتملت سورة النساء على آيات الميراث.
- فقال الله تعالى: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً}،
- وقال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ…فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً. وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ…مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ. تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ}
- وقال تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ…يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
- فهذه الآيات هي توزيع رباني للميراث وهو توزيع عادل ذو دقة بالغة لا نستطيع أن نفهمها، فلا نعلم من هو خير لنا بعد وفاتنا من نريده أن يرثنا أم من يرثنا طبقاً لكتاب الله.
- وقد كانت هناك أحاديث أيضاً عن أهمية الالتزام بالميراث.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أعطى كل ذي حقٍ حقَّهُ، فلا وصية لوارث» (رواه أبو داود والترمذي، وقال حديث حسن صحيح. وصححه العلامة الألباني في صحيح الجامع).
- وصح في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألحقوا الفرائض بأهلها» (رواه البخاري). وفي رواية لمسلم: «اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله».
- ولقد بين الله عز وجل في كتابه الكريم عقوبة المخالفة وقد جاءت هذه الآيات تالية لآيات الميراث السابقة.
- قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ}.
يمكنكم الاطلاع على جدول تقسيم الإرث وكيف يتم توزيع الميراث من هنا: جدول تقسيم الإرث في الإسلام وكيف يتم توزيع الميراث على من لهم الحق فيه؟
هل الموت مبطل للملكية؟
- لنفهم كيف يتم الأمر فيجب علينا أن نعرف أنه قد اتفق العلماء على أن الموت يسبب انتقال ملكية التركة للورثة مباشرة بمجرد وفاته.
- لذا إن لم يكن للمتوفى أية ديون فإن تركته قد انتقلت إلى الورثة وهنا يحق لهم التصرف بها.
- وهذا التصرف يشمل توزيعها بالتراضي ولكن بعدة شروط سنذكرها ومن ثم يصنف هذا التراضي كصلح.
- ومثال على هذا إذا أراد الأبناء إعطاء الأم أكثر من حقها فإن هذا يجوز.
شروط قسمة التراضي
- وكما ذكرنا بأن قسمة التراضي هي توزيع التركة بالتراضي بين الورثة فإن هذه القسمة لها ثلاثة شروط أساسية لا تصح بفقدان أحدهم.
- والشرط الأول هو أن يكون جميع الورثة بالغين عاقلين راشدين.
- الشرط الثاني أن يكون التراضي حقيقاً.
- والشرط الثالث هو أن يعتقد أن قسمة الله عز وجل هي الأعدل والأفضل والأكمل.
- وسنناقش هذه الشروط الثلاثة بتفاصيلها.
1- أن يكون جميعُ الورثة بالغين عاقلين راشدين
- أول شرط من شروط قسمة التراضي هو أن يكون جميع الورثة راشدي فلا يجب أن نأخذ القرار نيابة عنهم أوعن شخص لا يحسن استخدام ماله.
- ولقد اختلف تعريف الرشد بين العلماء فعند جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة فيعتبرون الرشد عند اكتشاف حسن تصرف الشخص في المال وقدرته على استغلاله واستثماره استثماراً حسناً.
- أما عند الشافعية فيتم تحديد الرشد باعتبار صلاح الدين وكذلك الصلاح في المال.
- ويتفق جميعهم أن يكون الورثة لهم القدرة على التصرف في المال حتى يتم اعتبار تصرفهم شرعياً فإذا تم التأكد من توافر هذا الشرط ننتقل إلى الشرط التالي وهو التراضي.
اقرأ أيضا للتعرف على الفرق بين الميراث والتركة من خلال هذا الرابط: امتناع بعض الورثة عن تقسيم التركة والفرق بينها وبين الميراث
2- أن يكون التراضي حقيقياً
- والشرط الثاني في شروط قسمة التراضي أن يكون بدون إكراهٍ ولا إلجاءٍ ولا حياءٍ وأن يكون الرضا شامل لجميع الأطراف لا الأغلبية ولا تحت إجبار.
- ويتمم تحقق هذا عن طريق أن يكون الرضا سليماً وهذا بكون الوارث حراً طليقاً فلا تتقيد مصلحته بالأمر، مثل أن يكون الوارث مريض أو دائن مفلس ويجب أن يكون واعياً.
- وأن يدرك ما يحدث فلا يمنعه شيء من إدراك الحقيقة أو أن يكون مخدوعاً أو تعرض للتدليس أو استغلال وألا يتعرض للإكراه أو كون الرضا مقيداً بشخص أخر.
3- أن يعتقد أن قسمة الله تعالى هي الأعدل والأفضل
- وهذا الاعتقاد يجب على كل مسلم وكل الوراث أن يكون معتقداً بأن تقسيم الله عز وجل هو الأفضل.
- وألا يعتقد أن هذه القسمة غير مناسبة للعصر أو أن فيها جوراً لأشخاص مثل الاعتقادات الشائعة حالياً بتساوي الميراث بين الذكر والأنثى وأن هذا حكم قديم لا ينطبق على عصرنا.
- قال الله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [سورة التين الآية 8]، وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [سورة المائدة الآية 50].
- وقال الشيخ ابن كثير في تفسير الآية السابقة وقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} يُنكرُ تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خيرٍ، الناهي عن كل شرٍ، وعَدَلَ إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات.
- وهذا الشرط على الرغم من سهولته إلا أنه مهم لصحة العقد.
يمكنكم التعرف على طريقة تقسيم الميراث لمن ليس له ولد في الشريعة الإسلامية من هنا: تقسيم الميراث لمن ليس له ولد في الشريعة الإسلامية
حكم قسمة التراضي
- إذا تم توافر الشروط السابق ذكرها فإن قسمة الميراث بالتراضي جائزة ويتم اعتبارها نوع من أنواع الصلح بين الورثة.
- ولقد شرع الله عز وجل لصلح في كتابه الكريم.
- قول الله سبحانه تعالى: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [سورة النساء الآية 114].
- فالآية السابقة قد حثت على الإصلاح بين الناس في حال حدوث خلافات وما يترتب من الأجر في حال الإصلاح.
- وقوله تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [سورة البقرة الآية 182].
- وقد سئل علماء اللجنة الدائمة سؤالاً مشابهاً، فأجابوا: [تقسم بينهم حسب الميراث الشرعي بواسطة أهل الخبرة بالتقويم، وإن تراضوا بينهم في القسمة وهم راشدون فلا بأس] فتاوى اللجنة الدائمة 16/459.
إذا كنت تبحث عن طريقة حساب نصيب الزوجة من الميراث اضغط هنا: طريقة حساب نصيب الزوجة من الميراث في الإسلام
وفي نهاية المقال قد تعرفنا على القسمة بالتراضي وشروطه وبيان حكمها الشرعي وأن شروط قسمة التراضي هي أن يكون الأمر بالتراضي وكان الورثة بالغين راشدين ويعتقدون أن قسمة الله هي الأصح والأعدل.