قصة عقبة بن نافع
قصة عقبة بن نافع تُعد من أفضل قصص الصحابة التي مرت علينا، فهو من أجل الصحابة الذين شاركوا في العديد من المعارك حبًا في الجهاد في سبيل الله، فقد كان الخلفاء الراشدين الباقيين يحبونه كثيرًا لما له من أدوار في قمة الروعة في التاريخ الإسلامي، لذلك سنعرض لكم الآن من خلال موقع زيادة قصة عقبة بن نافع.
قصة عقبة بن نافع
عقبة بن نافع ولقبه عقبة بن نافع بن عبد القيس بن لقيط بن عامر بن أميّة بن الظرب بن الحارث بن عامر بن فهر القرشي، ولد عقبة بن نافع في عهد رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ إلّا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصاحَبه، وذلك لأنه ولد في العام الثامن من الهجرة، قبل وفاة الرسول بثلاثة أعوام تقريبًا.
كان والدي عقبة بن النافع من السابقين في الإسلام، وقد وُلد ونشأ في بيت من بيوت المسلمين، فهو أخ لعمرو بن العاص- رضي الله عنه-، أما أمه هي النابغة ولذلك فأن عقبة بن نافع يُعدّ أخًا لعمرو بن العاص من أمه.
لكن هناك بعض الروايات التي تذكر أنّهم أبناء خالة، وفي روايات أخري أنّ عقبة ابن أخت عمرو بن العاص، الأغلبية ترى أن عقبة بن نافع من أقرباء عمرو بن العاص، أما عن البيئة التي تأثّر بها ونشأ فيها عقبة بن نافع، فقد نشأ بين والديه المسلمين وتعلق قلبه بالجهاد في سبيل الله فشارك في العديد من الفتوحات الإسلامية.
كما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان قد ولّاه قيادة الجيوش وذلك لشجاعته وقوّته، وقد اعتبر عقبة ذلك بمثابة مكافأة كبيره وتقديرًا له من عمر بن الخطاب، حيث إنّ عمر كان يعطي القيادة للصحابة فقط، ولكنه قد أستثني ذلك في حقّ عقبة، وكان قد لمع عقبة كقائدٍ ومحاربٍ للجيوش الإسلامية، وخاصة في المغرب العربي.
من خلال حديثنا حول قصة عقبة بن نافع، فمن الجدير بالذكر أيضا أن عقبة بن نافع كان له أحفادًا، وهم: يوسف بن عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة من نافع وهو من القادة المشهورين في الجيش الإسلامي، وكذلك كان حفيده عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع وهو أيضًا من القادة المتميزين.
اقرأ أيضًا: من هو معاوية بن أبي سفيان (سيرته الذاتية)
شخصية عقبة بن نافع العسكرية
في إطار حديثنا حول قصة عقبة بن نافع، فقد كان عقبة بن نافع من أهم القادة والمحاربين في الجيش الإسلامي وقد شارك في العديد من الفتوحات الإسلامية، أما عن مناقب (صفاته) عقبة بن نافع أنه كان مُتدينًا، وشجاعًا، وحازمًا، وعادلًا، كما أنّه كان ذو دعوة مُجابة.
وصل عقبة إلى هذه المنزلة الرفيعة في الجهاد والقيادة بالمُقوّمات التي كان قد يمتلكها، فكان معروفًا عنه أنه يتّقي الله في شأنه وشئون الآخرين، كما كان يكثر من ذِكر الله والاستعانة به، وتفويض أمره إلي الله دائما وكان يعتقد بأنّ النصر من عند الله، كما كان يذكر دائمًا أن انتصار المسلم ما هو الإ الانتصار لعقيدة الله سبحانه وتعالى.
كان يذكر عن عقبة أيضا حَسَن معاملته مع جنوده فكان يحترمهم ويُحبّهم ويُحبّونه، ويثق بهم ويثقون به، كما كان دائم الاطمئنان على أمورهم، ويكافأ المُحسن منهم بما يستحقّ من الخير، وكان يتغاضى عن أخطائهم الصغيرة ويقدم لهم النصيحة فكان يُعاتب المُقصّر والمُخطئ بأفضل العبارات الحَسنة، كما كان لا يتتبّع عوراتهم، ولا زلّاتهم.
من أهم ميزات عقبة بن نافع عسكريًّا أنه كان يعرف برجاحة عقله، وأيضًا كانت تميزه خبراته في أمور الحرب والمكيدة والتدابير اللازمة وذلك من كثرة الفتوحات الإسلامية؛ فكان يقتنص الفرص، ويخطط الحِيل والمكايد للأعداء، كما كان لمّاحًا مُتيقِّظًا، وقادرًا على إدارة الأزمات التي تواجه الجيش الإسلامي.
فكان يعتمد عليه دائمًا في إصدار القرارات السريعة كلّما أحتاج إلى ذلك، كما أنه كان حريصًا على أمن وسلامة جنوده، فقد كان دائمًا ما يتحمّل مسؤوليّات جنوده، وكان يعرف عنه أيضا أنّه كان مُتمكِّنًا في الاستراتيجيّات العسكرية.
بالإضافة إلى أنه كان ذو خبرة، ومعرفة فيها، وكان نابغًا أيضًا في العديد من المجالات الأخرى كمبدأ المُباغتة، وتأمين خطوط المواصلات، وإرسال الاستطلاعات على سبيل المثال، وكان دائمًا شديد الحفاظ على المعنويات، وغيرها من الاستراتيجّات العسكريّة، كما كان شديد الاهتمام، مُدركًا لنفسيات جنوده، فيكون مهتمًا بتوفير الأمان إلى قلوبهم، وكذلك كان شديد الإدراك بنفسيّات الأعداء فيدخل عليهم الرعب ويتغلب عليهم في الحروب.
إنجازات عقبة بن نافع
كان لعقبة بن نافع العديد من الإنجازات فقد شارك في الكثير من الفتوحات الإسلامية وكان قائدها، ففي إطار حديثنا حول قصة عقبة بن نافع، سنعرض لكم الآن بعض من إنجازاته المُتعددة من خلال الفقرات التالية:
كان عقبة بن نافع من أفضل القادة في الفتوحات الإسلامية فمن المعروف عنه أنه كان يقود المعركة قيادة حامية مثل: معركة برقة التي تولّاها في عهد الخليفة عثمان بن عفان، واستمرّعلى ذلك الحماس حتى في عهد الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
بالإضافة إلى كونه مجاهدًا في سبيل الله كان أيضًا داعيًا إلى دين الإسلام فقد كان ينشر الإسلام بين الأمازيغ، وبعد موت مسلمة والي مصر سنة ٦٢ ھجریة لم یجد ” یزید بن معاویة ” حرجا في إعادة عقبة إلي الجیش في إفريقيا، وكان ھذا القرار بمثابة رد اعتبار لعقبة، فتوجه عقبة بعدها إلى برقة أولا، وھناك لقي أروع استقبال من أھلھا وحظي بأبلغ أنواع الترحیب.
بعد فتح برقة، أمر القائد الجليل والصحابي عمرو بن العاص عقبة بن نافع أن يتوجّه إلى طرابلس بهدف تأمين خطّ عودة الجيش، وحمايتهم من أيّ هجوم مُحتمَل، فأمَّنَ عقبة هذه المناطق حتى وصل إلى منطقة زويلة، ولم يجد في طريقه إليها أيّ مقاومة، واتّفق مع أهلها على الصلح مقابل ثلاثة عشر ألف دينار.
قام في صحرائها يدعو إلى الإسلام وينشره، وبقي كذلك قرابة عشرين سنة، ومن ثم توجه عقبة بن نافع بعد ذلك إلى فتح زويلة، في السنة الحادية والعشرين للهجرة توجه عقبة بن نافع بأمر من عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى النوبة، وعندما وصل عقبة بن نافع مع المسلمين إلى النوبة فتحوها ودخولها تحت لواء المسلمين.
عقبة بن نافع وفتح إفريقيا
استكمالًا لحديثنا حول قصة عقبة بن نافع، فقد افتتح ابن أبي السرح ولايته عن طريق السرايا التي تتواجد في أطراف إفريقية، فنجحت تلك السرايا في مهمتها، وعادت ومعها الكثير من الغنائم، فقام ابن أبي بإرسال السرح إلى عثمان بخبر تلك السرايا، وحتى يقوم باستئذانه بفتح إفريقيا، فوافق الخليفة على مواصلة الفتوحات حتى تصل إلى أفريقيا.
على الرغم من أن الخليفة عمر بن الخطاب- رضي الله عنه وأرضاه- والذي حكم من قبله، لم يكن موافقًا على هذا الأمر، فقام ابن أبي السرح بطلب الجهاد في إفريقيا، وقام عثمان بإلقاء خطبة على الناس، فخرج المسلمون في جيشٍ عظيم بقيادة الحارث بن الحكم بن أبي العاص، وذلك كان في عام 27هـ.
توجهوا بهذا الجيش إلى مصر حتى تكون محل لتقدم الخاص بهم، فكانت مصر في هذه الفترة هي البلد الوحيدة التابعة للدولة الإسلامية في أفريقيا بأكملها، ومن الجدير بالذكر أن هذا الجيش كان يضم العديد من القادة الشهرين في هذه الفترة، ومنهم:
[معبد بن العبّاس بن عبد المطلب ومروان بن الحكم بن أبي العاص وعبد الله بن الزبير والمسوّر بن مخزمة وعبد الرحمٰن بن زيد بن الخطّاب وعبد الله وعاصم وعبيد الله أبناء عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عمرو بن العاص وبسر بن أبي أرطأة وأبي ذؤيب الهذلي والمطّلب بن السّائب وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب والحسن والحسين].
كان الجيش يبلغ حوالي 20 ألف جندي، قاموا بالتحرك من الفسطاط، وفي أثناء تقدمهم وجدت إحدى سرايا الاستطلاع مراكب للروم راسية بالقرب من طرابلس، فحدث بينهما اشتباك جاد، وقام جيش المسلمين بالإستيلاء على جميع ما تشتمل عليه هذه السفن، بالإضافة إلى أسرهم لحوالي 100 رجل من الروم.
كانت أفريقيا والتي تتمثل في المنطقة بين طرابلس وطنجة، تحت حكم البطريرك جرجير بن نيقيتاس بعد أن استقل بها عن الإمبراطورية البيزنطية، الذي قام بأخذ مدينة قرطاج عاصمةً لحكمه، ثمّ انسحب إلى سبيطلة كما أسلف، فعند معرفة أن جيش المسلمين قادم ناحيته.
قام بتجهيز جيش ضخم يبلغ عدده حوالي 120 ألف مقاتل، وقبع ينتظر الموقعة الحاسمة، ودارت مفاوضات بسيطة بين الطرفين قبل بدء المعركة، فقد قام المسلمون بإرسال إلى جرجير عرضًا للسلم، مثلما كان يفعل المسلمون دائمًا، فاختار جرجير الحرب وأن تحدد القوّة من ستكون له اليد العليا، وبدأت المعركة الحاسمة.
من خلال حديثنا حول قصة عقبة بن نافع، فمن الجدير بالذكر أنها كانت معركة شديدة الخطورة وهائلة، فالروم كانوا يرهبون المسلمين وينهزمون أمامهم، والمسلمون كانوا يخشون كثرة الروم وعظم معداتهم.
ففي هذه اللحظة لاحظ جرجير من اضطراب الجيش الخاص به، فقام بعمل مسابقة تنص على أنه من يقتل المسلمين أكثر يحصُل على جائزة مالية كبيرة، وقام بفعل هذا حتى يُزيد من حماس الجيش الخاص به.
لكن لم تكمل هذه الخطة الخاصة بالبطريرك جرجير، فلقد وجد ابن الزبير ثغرة في جيش الروم، فاخترق صفوفهم مع 30 فارسًا، حتى وصل إلى جرجير وقتله، فبطبيعة الحال تشجع المسلمين وهزموا جيش الروم وقاموا بفتح هذه المنطقة بدون خسائر كثيرة، بالإضافة إلى حصولهم على العديد من الغنائم.
من ثم حاصر ابن أبي سرح سبيطلة حتى فتحها، وغنم المسلمون يومئذٍ غنائم كثيرة. بعد ذلك، سار ابن أبي سرح فحاصر قرطاج حتى فتحها، ثم بث ابن أبي سرح السرايا إلى قفصة وحصن الأجم، فحاصرتهما حتى طلب سكانهما الأمان فاستأمنوهما، فبذلك تمكن المسلمون من فتح هذه المنطقة بأكملها.
لكن عند عودة عقبة بن نافع إلى مصر مع الجند عام 28 هـ، ومكث بمصر لمدة ثلاث عشرة سنة حتى عام 41 هـ، ومن الجدير بالذكر أن حركة الفتوحات توقفت ما عدا قليل من الحملات العسكرية، وعكف عقبة على العبادة والتفقه خلال تلك الحقبة، ولكن يوجد في هذه الفترة حدث كبير.
استكمالًا لحديثنا حول قصة عقبة بن نافع، فهذا الحدث هو نقض أهل أفريقيا لعهد المسلمين، ولكن قام في الحال ابن أبي السرح، بحصار أفريقيا وغزوها مرة أخرى في عام 33هـ، كما أرسل ابن العاص عقبة بن نافع إلى غدامس سنة 42 هـ، حتى يقوم بفتحها، وبالفعل استطاع افتتحها.
ومنها سار إلى منطقة ودَّان وبعض النواحي المجاورة لها، فتمكن من أفتتاحها أيضًا، وولى معاوية بن حديج ولاية إفريقيا، وكان أول والٍ لها من المسلمين، وبعث مُعاوية بن حُديج رويفع بن ثابت إلى جربة حتى يقوم بفتحها، فتمكن من فتحها بالفعل.
اقرأ أيضًا: من هو عمرو بن العاص؟
ولاية عقبة بن نافع إفريقيا
استمرارًا لحديثنا حول قصة عقبة بن نافع، فقد تولى عقبة بن نافع ولاية إفريقيا في عام 47هـ، بأمر من الخليفة معاوية بن أبي سفيان، وكان قد استقر هو وجيشه ومن أسلم معه في القيروان، وجعلها مكانًا للمسلمين يقيمون فيه، وأمر ببنائها؛ فبُنِيت المساجد والمساكن، وثبت الإسلام فيها.
دخل كثير من الناس في الإسلام، أما عند الحديث عن بناء القيروان، فقد كان حكام الولایات البیزنطیة یفكرون فى الاستعانة بالقبائل التي ما زال ولاؤها للروم لمواجهة الغزو العربي وكان عقبة يفكر في إقامة مدینة تضم الجیش بأمتعته، وأسلحته، حتى تكون فى نفس الوقت عاصمة للدولة الإسلامیة فى ھذه المنطقة.
فعندما وصل عقبة بن نافع إلى مكان كثیف الأشجار بعيد عن البحر ولكنه مليء بالسباع، والحشرات، والأفاعي لأنه برغم جودة تربته وطیب ھوائه لم یسكنه أحد من الروم وكان يسمى ذلك المكان بقمونیة، فقد هجره الروم والبربر لأنه كان مليء بالسباع والأفاعي، وقف عقبة یتطلع إلى ھذا المكان ویتأمل الوحوش والأفاعي التي تجوس خلاله ثم نادى بأعلى صوته:“أیھا الجند طھروا ھذا المكان من الأفاعي والوحوش“.
بعد ذلك ركز عقبة رمحه في هذا المكان وقال:“ھذه قیروانكم “، وكانت ھذه العبارة ھى إشارة الإنطلاق لتحطیم الأشجار وتمھید الأرض لإقامة البناء علیھا، وكان قد أكد المؤرخون أن ھذا المكان ظل نظیفًا لم تدخله أفعى أو وحش طوال أربعین سنة بعد ذلك.
في إطار حديثنا حول قصة عقبة بن نافع، فقد أنشغل عقبة بن نافع والمسلمون في هذه الفترة في البناء، فبدأ المسلمون دورھم وبدأ عقبة بناء المسجد الجامع الذي ما زال یحمل اسمه إلى یومنا هذا، واستمرت عمليات البناء من سنة ٥٠ ھجریة حتى سنة ٥٥ ھجریة.
فقد كان بناء القيروان ضرورة عسكرية ملحة لأنه لم یكن ھناك مقر أمن یأوى إليه الجیش ویُعسكر فيه ویتلقى المجاھدون على أرضه لكي یتدارسون فنون الحرب والنزال، وقد أطلق المسلمون على المدينة اسم القيروان؛ لأن لفظ القیروان یعني فى اللغة العربیة” مكان اجتماع الناس والجیش” وقد أنشأها عقبة سنة ٦٧٠ م.
فقد كان عقبة أثناء بناء القيروان يقوم بإرسال السرایا فیغزو القبائل المجاورة ثم تعود محملة بالغنائم إلا أنه لم یقم بأی عملیة من عملیات الفتح الكبرى خلال ھذه السنوات الخمس.
اقرأ أيضًا: من أول من سكن فلسطين من قديم الأزل؟
عزل عقبة بن نافع
استكمالًا لحديثنا حول قصة عقبة بن نافع، قد طلب مسلمة بن مخلد الأنصاري وكان والیًا على مصر والمغرب فى تلك الفترة، من الخليفة معاوية بن أبى سفيان عزل عقبة، كما طلب تعین أبى المھاجر بن دینار مكانه، وكان مولى لمسلم.
فقد أنتهز مسلمه الفرصة لعزل عقبة بن نافع في الوقت الذي لم یقم فيه بأي عملیة من عملیات الفتح الكبرى خلال ھذه السنوات الخمس، مما جعل مسلمة یجد الفرصه سانحة لعزل عقبة وتعیين أبى المھاجر بن دینار مكانة.
لم يكن عزل عقبة بسبب إهماله أو عجزه ولكن ترفع عقبة وإهماله شأن مسلمة بن مخلد برغم علمه، أن مسلمة له كلمة مسموعة عند معاویة بن أبي سفيان، وقد تلقى عقبة خبر عزله صدر رحب فلم یغضب، ولم یثر فلم یعترض على خبر عزله.
فقد نظر عقبة إلي قرار عزله بلا اھتمام لأنه یظن فى قرارة نفسه أنه من أكفأ القواد المسلمین فى ذلك الزمان، ويعتقد أن ھناك أسباب نفسية وراء قرار العزل لا شأن لھا بكفاءته وقدرته الحربیة.
من خلال حديثنا حول قصة عقبة بن نافع، فكان هناك نبأن سيئان تلقاهما عقبة بصبر شديد وعزم قوي، النبأ الأول هو:” وفاة عمرو بن العاص”، أما النبأ الثانى فهو:” نبأ عزله عن قیادة الجیش”.
بعدما تلقى عقبة بن نافع خبر عزله فقد ركب ناقته وقدم على معاویة واجتمع به، وقام بجمع الجنود وأعلنھم بمهمتهم وبدأ یُمارس مھام وظيفته الرسمیة، وقام أبي المهاجر بعدها بنقل المسلمین من مدینة القیروان إلى قریة بربریة تسمى دكرور.
هي تقع بالقرب من القیروان، وحذا بعد ذلك حذو عقبة فى نشر الدعوة الإسلامیة والقیام بفتح المدن والأمصار، بعدها أجتمع عقبة بن نافع بمعاوية فقال عقبة:” أنني فتحت البلاد وبنیت المنازل ومسجد الجماعة، ثم أرسلت عبد الأنصار فأساء عزلي”.
فأعتذر له معاویة وقال له: “إذا كان مسلمة قد قام بعزلك فسوف أرد إلیك اعتبارك فى عمل آخر لأنك تعلم أن مسلمة افتداني بدمه أیام المحنة”، تأكد عقبة بعد حواره مع معاوية أن إعادته إلى وظيفته لن تتم ومسلمة على قید الحیاة، فلم یحاول مناقشة معاویة فعاد إلى مصر.
عكف عقبة على التفقه في الدین وصبر على ھذه المحنة سبع سنوات حتى توفى معاویة سنة ٦٠ ھجریة، وتوفى مسلمة سنة ٦٢ ھجریة، عرض عقبه بن نافع على أهل برقه الانضمام إلى الجیش الرابض في القیروان.
حتى یتمكن من حشد أكبر قوة لفتح إفریقیا وضمھا إلى الدولة الإسلامیة، فسارع الناس إلى تلبیة نداء عقبة وعلي الفور أعدوا عدتھم وجھزوا خیولھم وانطلقوا صوب القیروان. فوجئ أبو المھاجر بعقبة یتقدم جیشًا كثیفًا من البربر ویدخل عليه في مقر القیادة بقریة دكرور یبرز قرار یزید بن معاویة بعزله عن القیادة.
كما أصدر عقبة أمرًا بانتقال المسلمین المتواجدین في قریة دكرور إلى مدینة القیروان، فبدأ الجنود یجددون منازلھم المھجورة ویعیدون إلیھا الحیاة، ومن الجدير بالذكر أن في هذه الفترة أي في عام 60هـ.
في إطار حديثنا حول قصة عقبة بن نافع، فتمكن عقبة بن نافع من تولى حكم ولاية إفريقيا مرة أخرى بعد وفاة معاوية بن أبي سفيان، فقام يزيد بن معاوية برد عقبة كوالي على أفريقيا، وأمره أن يفصل ولاية إفريقية عن ولاية مصر فيجعلها ولاية مستقلة بذاتها، فأعاد عقبة عاملًا عليها سنة 62 هـ.
كان هذا قبل وفاة مسلمة، فلما مر عقبة على مصر وكان مسلمة واليها، استقبل عقبة وأعتذر منه وأقسم أن أبا المهاجر خالفه فيما صنع، وقبل عقبة أعتذار مسلمة له، وقام بالتوجه إلى أفريقيا ومكث فيها، وفي أثناء ذلك قام باعتقال أبا المهاجر وألبسه الحديد، وخرب مدينته وأعاد إعمار القيروان، بالإضافة إلى قيامه بفتح الجريد والزاب وطنجة.
صفات عقبة بن نافع
في إطار حديثنا حول قصة عقبة بن نافع فمن الجدير بالذكر أن عقبة بن نافع- رضي الله عنه وأرضاه- كان يتمتع بالكثير من الصفات الحميدة التي كان يتمتع بها جميع الصحابة، لذلك سنعرض لكم الآن بعض من صفات عقبة بن نافع في النقاط التالية:
- الرحمة.
- الشجاعة.
- الحزم.
- حب الرسول- صلى الله عليه وسلم-.
- الأخلاق العظيمة.
- الشورى.
- حسن التصرف وحل المشكلات والعقبات.
- التدين.
- القوة.
- الفطنة.
- تقبل النقد.
- التواضع.
- الخوف من الله.
- الحكمة.
- قبوله للحق وشرعة عن الرجوع إليه.
- الزُهد.
- الهيبة.
- الصبر والجذع.
روى عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: لما افتتح عقبة إفريقية، قال: يا أهل الوادي! إنا حالون إن شاء الله، فاظعنوا، ثلاث مرات، فما رأينا حجرًا ولا شجرًا إلا يخرج من تحته دابة حتى هبطن بطن الوادي. ثم قال للناس: انزلوا بسم الله.
اقرأ أيضًا: من هو يزيد بن معاوية
وفاة عقبة بن نافع
في إطار حديثنا حول قصة عقبة بن نافع، فعند وصول عقبة إلى بلاد جزولة في السوس الأقصى التي كان يرغب عقبة في فتحها، واتصل بقبائلها فأسلمت، ومن ثم قرر عقبة العودة إلى القيروان، وفي طريقة إلى ذلك علمت بعض القبائل بمرور عقبة بن نافع عليها، فدخلوا في الإسلام.
بالإضافة إلى انضمام بعض رجال هذه القبائل إلى الجيش الإسلامي، فلما رأى عقبة أن الناس في هذه المنطقة يريدون الدخول في الإسلام، قرر ترك أحد أصحابه في منطقة وادي تنسيفت في منتصف المسافة بين مدينتي مراكش والصويرة حاليًا، حتى يقوم بتعليمهم أصول الدين الإسلامي.
أكمل عقبة في طريقه حتى وصل إلى مدينة طبنة، صرف جل عساكره إلى القيروان حتى بقي في قلةٍ من جنده، لم يكن عددهم يتعدى الـ 300 جندي فقط، ولكنه فأستغل كسيلة وهو زعيم قبائل أوربة وصهناجة الأمازيغية، والذي كان حاكم ولاية إفريقيا بضع سنوات.
انتهز هذه الفرصة وكون جيش هائل يبلغ عدده أكثر من خمسين ألف مقاتلٍ تقريبًا، واعترض عقبة ومن معه عند تهودة في الزاب جنوب جبال الأوراس، وعند علم عقبة بن نافع بهذا الأمر، علم أن هذه سوف تكون نهايته وهو كان يُفضل الموت في سبيل الله، وهكذا سوف تتحقق أمنيته.
استكمالًا لحديثنا حول قصة عقبة بن نافع، قام بإخلاء سبيل أبي المهاجر وطلب منه الانصراف إلى المشرق، وسمح للمسلمين الذي يريدون الذهاب معه، لكن أبا المهاجر رفض وأفراد الجيش، بل أن أبا المهاجر رفض أن تفك قيوده كي لا يغرى بالانسحاب، وسرعان ما اشتبك عقبة ورجاله مع جيش كسيلة في معركة غير متساوية الأطراف.
فبطبيعة الحال قُتل عقبة بن نافع وأبو المهاجر، وأغلب الجنود، ووقع في الأسر قلة منهم محمد بن أوس الأنصاري ويزيد بن خلف العبسي، افداهم ابن مصاد البربري المسلم صاحب قفصة، وأرسلهم إلى زهير بن قيس البلوي نائب عقبة على القيروان.
من الجدير بالذكر أن موضع استشهاده كان دائمًا موضع اختلاف بين المؤرخين، ولكنهم اتفقوا في نهاية الأمر على أنه توفى في بلدة تهودة من بلاد الزاب بالقرب من بسكرة، قال شهر بن حوشب أن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى عن سكن تهودة وقال: “سوف يقتل بها رجال من أمتي على الجهاد في سبيل الله تعالى ثوابهم كثواب أهل بدر وأهل أحد، وأنهم ما بدلوا حتى ماتوا“.
بالإضافة إلى مقولة شهر بن حوشب نفسه عن هذا الأمر:” سألت جماعة من التابعين عن هذه العصابة التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذلك عقبة بن نافع وأصحابه قتلهم البربر والنصارى بمدينة يقال لها تهودة فمنها يحشرون يوم القيامة وسيوفهم على عواتقهم حتى يقفوا بين يدي الله عز وجل”.
يوجد مسجد وضريح عقبة بن نافع في مسجد “عقبة بن نافع” بمدينة سيدي عقبة التي تتواجد على بُعد حوالي 20 كيلو متر عن مدينة بسكرة، وهو يُعد المسجد الذي ذكره ابن خلدون وقال فيه: “إنه أشرف مزار في بقاع الأرض لما توفر فيه من عدد الشهداء والصحابة التابعين“، بالإضافة إلى كونه ثالث أقدم المساجد التي تتواجد في المغرب العربي، بعد مسجد القيروان، ومسجد أبي المهاجر بن دينار.
إن قصة عقبة بن نافع أتاحت لنا معرفة أنه قائد عظيم ضحى بحياته لأجل الجهاد في سبيل الله، وقد أدى رسالته على أكمل وجه.