هل الدعاء يغير القدر في الموت
هل الدعاء يغير القدر في الموت هل الدعاء يغير القدر في الموت؟ من المعروف أن الدعاء يغير القدر، فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: « لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ »، والمقصود هنا ليس القدر المؤكد، الذي لا يرده أي شئ، ولكن المقصود هنا القدر المرتب الذي يمكن أن يرد لأسباب منها الدعاء، وفيه إجلال وتعظيم لفضل الدعاء وتوضيح مدى أثره في تغير القدر، وفيما يلي سوف نتحدث عن هل الدعاء يغير القدر في الموت، وأنواع القدر.
ما هو القدر
القدر هو كل ما كتبه الله وقدره وقضى به في كل أمور الكون الصغيرة والكبيرة، فلا يمكن لأي شئ أن يحدث إلا بقدر الله سواء خير أو شر، كل حدث يعلمه الله وكتبه في علمه، قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم عند حديث: “العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين”، وقد اتفق العلماء كلهم وبالإجماع أن كل شيء بعلم الله فلا يقع حتى لو صغير مثل ضرر العين إلا بأمر الله، وهناك أنواع للقدر يغيره الدعاء واخرى لا، وفيما يلي نتحدث عن أنواع القدر.
ومن هنا يمكنكم قراءة موضوع دعاء جميل وقصير مكتوب وأهم ثمار الدعاء وفوائده للمسلم: دعاء جميل وقصير مكتوب وأهم ثمار الدعاء وفوائده للمسلم
أنواع القدر
يجب العلم أن القدر نوعان:
نوع معلق:
- وهو النوع الذي يمكن أن يتغير بكثرة الدعاء.
- يكون هذا النوع من القدر معلق في صحف الملائكة، والتي سبق أن نقلوها من اللوح المحفوظ.
- يكون القدر معلقاً على فعل الشخص، إذا دعا الله تغير، وإذ لم يدعو الله يتحقق، والملائكة لا تعلم هل سيدعو الله أم لا.
- مثل أن يبتلي الله الشخص بأي مرض فبكثرة الدعاء والالحاح فيه؛ يرفع الله عنه المرض، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الدعاء ينفع ممَّا نزل وممَّا لم ينزل، وإن البلاءَ لينزل فيتلقَّاهُ الدُّعاء فيعْتَلِجَانِ إلى يوم القيامة»، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يزال القضاء والدعاء يعتلجان ما بين الأرض والسماء -و(يعتلجان) أي: يتصارعان، فأيهما غلب أصاب»، أي أن هناك أقدار قد ترفع بالدعاء واقدار لا تنزل بسبب كثرة الدعاء، إذا كان الدعاء ذا تأثير أقوى من القضاء.
نوع محقق:
- وهو النوع الذي قدر الله أنه سوف يكون، فهو قضاء محتوم ومثبت ومكتوب في اللوح المحفوظ.
- ثابت ومعلوم وقته لا يتقدم ولا يتأخر، قال تعالى: “مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيّ.َ”
- لا يرده أو يغيره أي شئ، حتى الدعاء أو الصدقة أو صلة الأرحام غير قادرين على رده.
ومن هنا سنتعرف علي موضوع دعاء مستجاب في نفس اللحظة وشروط استجابة الدعاء: دعاء مستجاب في نفس اللحظة وشروط استجابة الدعاء
هل الدعاء يغير القدر في الموت
- كما ذكرنا ان القدر نوعان، أحدهما يمكن للدعاء ان يغيره، والأخر لا يمكن لأي شي تغيره، هل الدعاء يغير القدر في الموت؟ الإجابة لا يمكن للدعاء ان يغير القدر في الموت، وذلك لأن قدر الموت من النوع المحقق والمبرم، حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم: “إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّر”، أي أن الموت قدر محقق مكتوب في الكتب المحفوظ لا يتغير فلا يتقدم موعده ولا يتأخر حتى لو أكثر الإنسان من الدعاء لله حتى يتغير موعد موته فهو ثابت، وروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولما سمِع أمَّ حبيبةَ تقولُ: “اللهم أمتعْنِي بزوجي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وبأبي أبي سفيان، وبأخي معاوية، قال لها: “لقد سألتِ الله لآجالٍ مضروبةٍ، وأيامٍ معدودةٍ، وأرزاقٍ مقسومة، لن يعجل الله شيئاً قبل حلِّه، أو يؤخّر شيئاً عن حلّه” (رواه مسلم)،
- وفي هذا الحديث دليل على أن القدر بالموت ثابت منذ الأزل ولا يوجد ما قد يغيره سواء بالزيادة في العمر أو النقصان، وكذلك الرزق.
- قال الإمام النووي:” إن الآجال والأرزاق مقدرة لا تتغير عما قدره الله وعلمه في الأزل، فيستحيل زيادتها ونقصها حقيقة عن ذلك”.
ونرشح لكم قراءة موضوع كيف أكفر عن ذنوبي وشروط التوبة لوجه الله تعالى: كيف أكفر عن ذنوبي وشروط التوبة لوجه الله تعالى
آراء بعض العلماء في هل يغير الدعاء القدر
يرى بعض العلماء أن حياة الإنسان وموته، من الممكن أن يمحوا أو يثبتوا، واستندوا في رأيهم هذا على:
- قول الله تعالى: “يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ”.
- وكذلك على كلام الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه”متفق عليه،
- أجاب الإمام النووي أن المقصود بالزيادة هي البركة في العمر وتوفيق الله للإنسان للقيام بطاعته على أكمل وجه، والعمل الصالح الذي ينفعه في آخرته.
- واستندوا أيضاً إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم” لا يرد القدر إلا الدعاء، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ” أخرجه الترمذي وحسنه الألباني،
- كان الرد عليهم، ان الأمر يظهر للملائكة في الصحف أن فلان مثلاً عمره ستون عاما، فإذا وصل رحمه فيزداد عمره مثلاً أربعون سنة، وقد علم الله مسبقا ما سيفعله وهو معنى قوله تعالى: “يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ”، فهو بالنسبة إلى علم الله معلوم ان كان سيفعل أو لا، ومسجل عمره في الكتاب المحفوظ.
- لذا يكون عمر الإنسان ثابت لا زيادة فيه ولا نقصان، أما بالنسبة للملائكة فهو غير معلوم معلق على العمل هل سيقوم به أم لا.
- نجد أن المحو والإثبات في الصحف الخاصة بالملائكة، أما علم الله فهو ثابت ومحقق ومبرم وغير قابل للتغيير.
ولا يفوتكم قراءة موضوع دعاء للأم بعد وفاتها وفضل الدعاء لها وأفضل دعاء للأم بعد الموت: دعاء للأم بعد وفاتها وفضل الدعاء لها وأفضل دعاء للأم بعد الموت
هل الدعاء يغير مصير الإنسان من السعادة أو الشقاء
- تعد السعادة والشقاء من الأقدار المعلقة، المكتوبة في صحف الملائكة والتي يمكن أن يغيرها الأعمال والدعاء.
- فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول وهو يطوف بالكعبة: “اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبتني على الذنب ـ الشقاوة ـ فامحني وأثبتني في أهل السعادة، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب”.
فائدة الدعاء في تغيير القدر
- قال ابن القيم في الجواب الكافي: “المقدور قدر بأسباب، ومن أسبابه الدعاء، فلم يقدر مجرداً عن سببه، ولكن قدر بسببه فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور، ومتى لم يأت بالسبب انتفى المقدور وهكذا، كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب وقدر الولد بالوطء وقدر حصول الزرع بالبذر، وحينئذ فالدعاء من أقوى الأسباب، فإذا قدر وقوع المدعو به لم يصح أن يقال لا فائدة في الدعاء، كما لا يقال لا فائدة في الأكل والشرب”.
- قال السندي في شرحه على سنن ابن ماجه، قال الغزالي:” فإن قيل، ما فائدة الدعاء مع أن القضاء لا مرد له؟ فاعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء، فإن الدعاء سبب رد البلاء، ووجود الرحمة، كما أن البذر سبب لخروج النبات من الأرض وكما أن الترس يدفع السهم، كذلك الدعاء يرد البلاء”.
- قال العلامة السعدي:” يمحوا الله ما يشاء من الأقدار ويثبت ما يشاء منها، وهذا المحو والتغيير في غير ما سبق به علمه وكتبه قلمه، فإن هذا لا يقع فيه تبديل ولا تغيير، لأن ذلك محال على الله أن يقع في علمه نقص أو خلل، ولهذا قال: وعنده أم الكتاب، أي اللوح المحفوظ الذي ترجع إليه سائر الأشياء، فهو أصلها وهي فروع له وشعب، فالتغيير والتبديل يقع في الفروع والشعب، كأعمال اليوم والليلة التي تكتبها الملائكة، ويجعل الله لثبوتها أسبابا ومحوها أسبابا لا تتعدى تلك الأسباب ما رسم في اللوح المحفوظ، كما جعل الله البر والصلة والإحسان من أسباب طول العمر وسعة الرزق، وكما جعل المعاصي سببا لمحق بركة الرزق والعمر، وكما جعل أسباب النجاة من المهالك والمعاطب سببا للسلامة، وجعل التعرض لذلك سببا للعطب، فهو الذي يدبر الأمور بحسب قدرته وإرادته، وما يدبره منها لا يخالف ما قد علمه وكتبه في اللوح المحفوظ”.
وللتعرف علي موضوع دعاء سيدنا موسى لربه وعلى فرعون ووفاة سيدنا موسى عليه السلام: دعاء سيدنا موسى لربه وعلى فرعون ووفاة سيدنا موسى عليه السلام
وفي نهاية مقالنا نرجو ان نكون قد افدناكم بخصوص هل الدعاء يغير القدر في الموت، ما هو القدر، وأنواع القدر، آراء بعض العلماء في هل يغير الدعاء القدر، هل الدعاء يغير مصير الإنسان من السعادة أو الشقاء، فائدة الدعاء في تغيير القدر، وفي إنتظار تعليقاتكم.