سبب تحريم تربية الكلاب

سبب تحريم تربية الكلاب وتفصيل القول فيها وهل هي نجسة أم لا؟ ودليل من قام بتحريم تربيتها وجوازه، هذا ما سنفصّله في هذا الموضوع عن تربية الكلاب من خلال موقع زيادة.

سبب تحريم تربية الكلاب

يسأل كثيرٌ من الناس عن حكم تربية الكلاب ونجاستها وهل تنقص من أجرِ مُقتنيها ومربيها أم لا؟ وهل يجوز تربية الكلب في المنزل لمجرد اللعب معه أو التسلية فقط؟

في الحقيقة، وقبل أن نجيب على هذه الأسئلة يجب أن نبدأ أولًا بالإجابة على السؤال التالي: (هل الكلب نجسٌ أم طاهر في أصله؟).

اختلف فقهاء المذاهب الأربعة في نجاسة الكلب وطهارته على ثلاثةِ أقوال:

إقرأ أيضًا: حكم بيع القطط وحكم تربية القطط

القول الأول عن نجاسة الكلاب

هو قول جمهور الفقهاء وغالبيتهم: وقد ذهبوا إلى أن الكلب نجسٌ كلُّه، أي أن بدنه ولُعابه وكل ما فيه نجس، وهو اختيار الإمام الأوزاعي وإمام الأحناف أبو حنيفة النعمان وتلميذاه أبو يوسف ومحمد بن الحسن والإمام أحمد بن حنبل والشافعي وكثيرٌ غيرهم.

واستدلوا على ذلك بالحديث المشهور المروي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “طُهورُ إناءِ أحَدِكم إذا وَلَغ فيه الكَلبُ: أنْ يَغسِلَه سَبْعَ مرَّاتٍ، أُولاهُنَّ أَوْ إِحْدَاهُنَّ بالتُّرابِ”، أي أنه إذا شرب الكلب من وعاءً ولو بطرف لسانه فإنه يجب غسله سبع مراتٍ واحدةٌ منها تكون بالتراب، وفيه دلالة على أنه نجس بالكلية، وذلك للأمر بالغسل وتحديد العدد ووجوب أن تكون إحداهن بالتراب، فذلك كله يدل على نجاسته كُليًا، وهذا هو القول الأرجح والمعمول عند أهل السنة والجماعة.

القول الثاني عن نجاسة الكلاب

هو قول بعض تلامذة الإمام أبي حنيفة: وقد قالوا بأن الكلب ليس نجس العين، ولكن لُعابه ورطوبته وما يخرج من فمه هو النجس فيه، وقولهم أن الكلب ليس نجس العين معناها أن بدنه ليس بنجسٍ مطلقًا.

القول الثالث عن نجاسة الكلاب

هو قول أئمة المالكية بأن الكلب طاهر كلُّه، فبدنه وشعره وريقه طاهرون جميعًا، واستدلوا على ذلك بأن الأصل في كل شيء طهارته ما لم يمنع مانعٌ من ذلك، وعلى هذا يكون الكلب طاهرًا عندهم بالكلية.

حكم تربية الكلاب

اختلفت الأقوال في حكم تربية الكلاب بحسب الاختلاف في طهارته من عدمها، وتفصيل القول في ذلك ما يلي:

  • أجمع فقهاء الأمة على أن تربية الكلاب لا تجوز قطعًا إلا إذا كان الغرض من اقتناء الكلب هو الحراسة أو الصيد أو القيام بالمهام التي لا يستطيع الإنسان القيام بها، وخالفهم في إجماعهم ذاك بعض فقهاء المالكية.

واستدلوا على ذلك بما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، إلَّا كَلْبًا ضارِيًا لِصَيْدٍ أوْ كَلْبَ ماشِيَةٍ، فإنَّه يَنْقُصُ مِن أجْرِهِ كُلَّ يَومٍ قِيراطانِ”

فقد أذن الحديث باقتناء الكلاب في حالتين فقط هما كلب الصيد أو الكلب الذي يقوم على حراسة الماشية أو الأغنام أو ما شابه من السباع الضارية والذئاب الجائعة، وقاسوا على ذلك تربية الكلب للاستئناس به لمن كبرت سِنُّهُ، وحفظ كل ما يَخاف عليه صاحبه من السرقة، كالخزانات والحاويات والحوانيت (الدكاكين) وما إلى ذلك.

وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من خالف ذلك بنقصان أجره وعمله كلَّ يوم بمقدارِ قيراطان، وفي روايةٍ للإمام مسلم بن الحجاج أنه ينقص ذلك من عمله كل يومٍ قيراطٌ واحدٌ فحسب.

لكن جمهور الفقهاء ممن أجازوا تربية الكلاب لهذه الأغراض قد اشترطوا أيضًا ألا يصطحبها صاحبها معه داخل منزله أو مكان معيشته، واستدلوا على ذلك بالجمع بين الحديث الذي ذكرناه من رواية ابن عمر –رضي الله عنهما- وبين حديث “طُهورُ إناءِ أحَدِكم إذا وَلَغ فيه الكَلبُ: أنْ يَغسِلَه سَبْعَ مرَّاتٍ، أُولاهُنَّ أَوْ إِحْدَاهُنَّ بالتُّرابِ”.

  • ذهب بعض فقهاء المالكية إلى أنه تجوز تربية الكلاب واقتنائها جائزٌ وليس فيه حرج، فقد ذكرنا من قبل أن المالكية هم من قالوا بطهارة الكلب كليًا حتى لُعَابُه، وعلى ذلك فقد فهم البعض أنه يجوز تربية الكلاب لأنها ليست بنجسة على رأي المالكية، وسبب تحريم الكلاب نجاستها، فإذا زال المانع أُبِيحَت المسألة.

إقرأ أيضًا: ما حكم تربية الكلاب وما هي شروط تربية الكلاب ؟

رأي دار الإفتاء المصرية في حكم تربية الكلاب

قالت دار الإفتاء المصرية بقول جمهور الفقهاء بتحريم تربية الكلاب إلا للأغراض المشروعة المذكورة مسبقًا، وقد وافق قولهم أيضًا قول الجمهور في أن الكلب نجسٌ بالكلية وقد ذكروا لذلك أدلةً نذكرها في نص الفتوى التالي:

“الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وبعد:

لا يجوز اقتناء الكلاب إلا لأغراض مشروعة مثل الحراسة بشكل عام، والصيد المباح، وأما اقتناؤها لغير حاجة فيحرم ولا يجوز، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إِلَّا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ) وفي رواية: (إِلَّا كَلْبَ غَنَمٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ صَيْدٍ) رواه البخاري.

والكلب – مهما كان الغرض من اقتنائه – نجس، يجب أن يغسل ما لامسه سبع مرات إحداهن بالتراب، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ) رواه مسلم.

والله تعالى أعلم”.

حكم بيع الكلاب

اختلفت أقوال أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول عن بيع الكلاب

هو الجواز المطلقِ بلا قيودٍ لهذا البيع، وهو قول الأحناف وأحد تلامذة المالكية وهو سحنون بن سعيدٍ المالكي.

واستدلوا على ذلك بأن نجاسة الكلب ليس لها علاقةٌ ببيعه، فهو كباقي الحيوانات من حيث حكم بيعه وشرائِه، كما أنه مالٌ منقولٌ على قول أصحاب هذا الرأي، والمال المنقول يجوز بيعه وشرائه والانتفاع به.

وقد اشترط أبو يوسف أن الكلب المباعُ ليس بكلبٍ عَقُور، أو كما يطلق عليه المصريون (كلب سَعْرِان).

القول الثاني عن بيع الكلاب

هو قول بأنه يجوز بيع الكلب في حالاتٍ ويَحْرُمُ في أخرى، وهو قول غالبية فقهاء مذهب الإمام مالك –رحمه الله-، وقد قالوا بجواز بيع الكلب إذا كان الغرض من ذلك الحراسة أو الصيد، وأما إذا كان غير ذلك فلا يجوز بيعه على الإطلاق، وذلك كأن يكون كلبًا للتربية في المنزل أو للكبرياء والغرور على الناس.

واستدلوا على ذلك بأن رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عن ثَمَنِ الكَلبِ، إلَّا كَلبَ صَيدٍ”.

إقرأ أيضًا: احاديث أبي هريرة ووجوه إبطال الشبهات الموجهة إلى روايات أبي هريرة

القول الثالث عن بيع الكلاب

وهو القول بتحريم بيع الكلاب وقبض أثمانها مطلقًا، وهو قول جمهور الفقهاء من المذهب الشافعي والحنبلي، ووافقهم على ذلك كثيرٌ من فقهاء زمانهم والأزمنة بَعْدَهم، ولم يقيد أهل هذا المذهب حرمة بيع الكلاب بقيدٍ من القيود، فقد حرموا بيع الكلاب على عمومها سواءً أكانت هذه الكلاب للصيد أو للحراسة أو للاستئناس ونحو ذلك.

واستدلوا على ذلك بحديثين:

  • أولهما: الحَدِيثُ الصَّحِيحُ المَرْوِيُّ عَن عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ الله عَنْهُ- أَنَّ النِّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَن ثَمَنِ الكَلْبِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ”
  • وثانيهما: ما رواه عبدالله بن عبَّاسٍ -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ثمنُ الخمْرِ حرامٌ، ومَهْرُ البغِيِّ حرامٌ، وثمَنُ الكلْبِ حرامٌ، والكَوْبةُ حرامٌ، وإنْ أتاكَ صاحِبُ الكلْبِ يَلتَمِسُ ثمنَهُ فامْلأْ يديْهِ تُرابًا، والخمرُ والميْسِرُ حرامٌ، وكلُّ مُسكِرٍ حرامٌ”.

إلى هنا نكون قد انتهينا من الحديث عن سبب تحريم تربية الكلاب، ونتمنى أن يكون هذا الموضوع قد نمَّى من معلوماتكم وزاد من معرفتكم بالشيء الكثير إن شاء الله.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.