تفسير حلم أكل الجوز في المنام
اكل الجوز في المنام من الشواغل التي سكنت في عقول الكثير مثلما تسكن تفاصيل مختلفة في أذهان البعض ويسعون جاهدين خلف تفسيرها لعلها تكون مبشرًا أو إنذارًا لشيء ما فنفرح به أو نحذر منه.
وكذلك فإن تسير الأحلام قد شغل السابقين أكثر مما شغل اللاحقين فتجدهم ألفوا كتبًا بل ومجلدات حول تفسير الأحلام وأتقنوا عملهم وأحسنوا إليه جزاهم الله عنا خيرًا.
اكل الجوز في المنام لابن سيرين
اكل الجوز في المنام عند الإمام محمد بن سيرين قد اتخذ أشكالًا مختلفة وفقًا لما أسلفنا من ذكر عن منهجيته وفلسفته في التفسير، وعلى كل حال فجميعها قد اتفقت وتشابهت عند الإمام محمد بن سيرين في كون أكل الجوز في المنام من الأمور الطيبة، ويرى الإمام الآتي:
- يرى محمد بن سيرين أن تفسير أكل الجوز في المنام دليل على إحاطة الشخص الرائي للرؤية بالأشخاص الصالحين.
- يرى محمد ابن سيرين أن الشخص الذي يحلم بأنه يقطف ثمرة من ثمار الجوز من أصل شجرته فإن ذلك دليل على حصول الشخص الرائي على الأموال وربما كان حصوله عليها من امرأة.
- يفسر الإمام محمد بن سيرين رؤية أكل الجوز المقشر في المنام بأن الشخص الحالم سوف يحصل على مال كثير من دون أن يكد أو يتعب.
وتلك هي الأمور الطيبة التي رآها الإمام مفسرة لرؤية أكل الجوز في المنام، إلا أن هناك تفسيرين يدلان على الإنذار للشخص الحالم وذلك فيما يلي:
- يفسر الإمام محمد بن سيرين رؤية الشخص الحالم يأكل قشور الجوز بشيوع الغيبة والنميمة عند الحالم وعليه أن يتخلص من تلك العادة، وإذا كان لا يغتاب ولا يشي فعليه الحذر ممن يحيطون به وأن يعود إلى الله عز وجل.
- يرى الإمام محمد بن سيرين أن الشخص الذي يحلم بشجرة الجوز ذاتها دون أن يأكل منها أو كانت خاوية دليلا على النكد والهم والغم، وعلى الحالم أن يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى حتى تنفرج الهموم والغموم وأن يدعو الله –عز وجل- أن تحل الفرحة والبساطة وأن ينعم بها.
إقرأ أيضًا: اكل العنب في المنام لابن سيرين والتفسير للعزباء والمتزوجة والحامل
اكل الجوز في المنام لإمام النابلسي
يرى النابلسي أن اكل الجوز في المنام يأتي على وجوه، والنابلسي هو عبد الغني النابلسي عالم بالدين والأدب والشعر وفنونه، حنفي المذهب، وله باع في تفسير الأحلام وله كتاب مؤلف أسماه “التعبير في الأحلام”، وأما عن الوجوه التي يراها النابلسي عند رؤية الشخص يأكل الجوز في المنام فهي كالتالي:
- إذا كان الشخص يرى في المنام أنه يأكل الجوز وكان مرا في المنام فإن هذا مفاده أن الشخص الحالم سوف يحصل على المال بإذن الله ولكن بعد عناء وشقاء.
- إذا رأى الشخص في المنام أنه كان يأكل جوزا تالفا فإن هذا دليل على أن الشخص الحالم سوف يصاب ببلية ما أقربها المرض.
- يرى النابلسي أن الشخص الذي يرى في المنام أنه يأكل جوزا رائحته سيئة ويكرهها الشخص الحالم في المنام فإن هذا يدل على الهموم والمتاعب التي ستلحق بالإنسان الحالم، وعليه أن يقترب من الله –عز وجل- وأن يتوسل إليه أكثر من ذي قبل.
الأحلام وعلاقتها بالنبوة
والجدير بالذكر أن اكل الجوز في المنام من بين عدد كبير من الأحلام أو الرؤيا -إن جاز التعبير- علم حق، ولا يمكن التغاضي عنها أبدا باعتبار بعض الناس أنها ضرب من التنجيم أو الهرطقة فلا يجوز الخوض في مسائلها، ومرد ذلك أن الرؤية والأحلام من بين علامات النبوة الحقة؛ فالله عز وجل قد جعل لنبيه إبراهيم –عليه الصلاة والسلام- رؤى واضحة، ولعل أشهرها عندما جعله يرى في المنام أنه يذبح ابنه، وقد صدق إبراهيم الرؤيا وصدق بها إسماعيل الذبيح ابنه.
كذلك فإن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد قال: “من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي”، وهذا تصريح واضح من رسول الله –صلى الله عليه وسلم أن الرؤيا في المنام قد تكون حقة واستبشار في أحيان شتى.
إقرأ أيضًا: اكل الزبيب في المنام للعزباء والمتزوجة والحامل والرجل
بداية علم تفسير الأحلام
يعتبر اكل الجوز في المنام من بين الأبواب التي تناولها علم تفسير الأحلام، وقد بدأ علم تفسير الأحلام في الظهور والنشأة نتيجة اقتداء الناس وخصوصًا جمهور العلماء برسول الله –صلى الله عليه وسلم- معتقدين أشد الاعتقاد بحديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذ قال: “العلماء ورثة الأنبياء”، كذلك فقد آمنوا حق الإيمان وتدارسوا قول الله عز وجل: “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد”.
ولما كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مؤسسًا للعلم في أزمنة الجهل فقد سعى المتعلمون ينهلون من علومه ويدققون في أحاديثه ويتحرونها ويؤلفون منها المراجع حرى ينتفع بها طلبة العلم، وفي باب تفسير الأحلام فقد جاء الإمام التابعي محمد بن سيرين كي يصنع لنا علمًا جديدًا وقد برع فيها براعة يُحتذى بها وسماه علم تفسير الأحلام.
إقرأ أيضًا: تفسير الحلم باكل الرز في المنام بأنواعه للعزباء والمتزوجة وللرجل والحامل
تفسير الأحلام عند محمد بن سيرين
وأما عن محمد بن سيرين فقد صنع علم تفسير الأحلام في مهارة وعبقرية عظيمتين؛ فقد اعتمد في علمه هذا على إسناد كل حلم يُذكر له إلى شيء من القرآن أو السنة النبوية، ولتبيين ما فيه غموض فلنضرب لك الأمثال.
لو حضر واحد من الناس إلى محمد بن سيرين وذكر له أنه كان يحلم بأنه يشرب اللبن، فإن محمد بن سيرين كان يستقرئ القرآن والسنة النبوية، ويبحث فيهما بحثا دقيقًا عن الآيات القرآنية التي ورد فيها ذكر اللبن، ثم يبحث في الحديث الشريف عن الأحاديث النبوية التي ورد فيها ذكر اللبن، وبعد الاستقراء تأتي عند ابن سيرين مرحلة الاستقصاء، فيستبعد ما حقه الاستبعاد ويبقي ما حقه الاستبقاء حتى يصل إلى مراده وتفسيره المنشود.
ففي ذكر اللبن نجد أن تلك اللفظة ذكرت في القرآن الكريم عند قول الحق –سبحانه جل شانه:
- “وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين” سورة النحل.
- “مثل الجنة التي وعد المتقون فيها من أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم” سورة محمد.
ثم يستقرئ أحاديث الرسول في اللبن ما لم يكن تفسير اللبن صادرا من رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من ذي قبل، وبعدها يستبعد ما يتوافق مع الحالة الطارئة عليه فيخبره أبخير جاء الحالم أو بشر، وهكذا.
ولعل منهج الإمام محمد بن سيرين فيه من الدقة والعبقرية ما جعله إماما جديرا لهذا العلم كما أن طريقته قد فتحت باب الانتشار لهذا العلم وأن يبقى معروفا عند الناس حتى يومنا هذا.
هناك كلام كثير عن اكل الجوز في المنام ولكن ما قد سلف فهو الشافي الكافي والذي أجمع عليه جمهور العلماء نظرا لاستناده على أسس ومبادئ غير فضفاضة.
وعلى أية فلا ينبغي على الشخص الحالم أن يربط مصيره برؤية ما، أو أن يبني ترتيبات ويرسم الخطط وفق ما رآه في الحلم، فالأمر كل الأمر إما بشارة وإما إنذار، وليعلم الناس أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد قال: “واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، و لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك”.