حكم الامام علي رضي الله عنه
حكم الإمام علي رضي الله عنه متعددة، وشملت جميع أمور الحياة بمختلف المواقف التي قد يتعرض لها الفرد، يجب على المرء دائمًا الاقتداء بالصحابة، والاستفادة من حكمهم وأقوالهم، لذلك من خلال موقع زيادة سوف نقوم بتقديم حكم الامام علي رضي الله عنه، وأعظم أقواله، كما أننا سوف نقدم صفات خاصة به يجب على الإنسان التحلي بها.
حكم الامام علي رضي الله عنه
كان الإمام علي بن أبي طالب حكيمًا، كما أن الله سبحانه وتعالى وهبه خصائص تميزه عن غيره من الخلق، وكان من هذه المميزات الفصاحة، والبلاغة، وروعة الصياغة، وبراعة التصوير، وغيره من الصفات المميزة في مجال الكتابة، والشعر.
كان له أسلوب في الكتابة، وتقديم الحكمة ينفذ إلى قلب القاريء، حيث إن حكم الإمام علي بن أبي طالب كانت تستهدف العديد من الجوانب والاتجاهات، منها الحث على التوحيد، والتربية الحسنة، والصفات النبيلة، وغيرها من الصفات الجميلة الهامة التي يجب على الفرد التحلي بها.
حكم الإمام علي رضي الله عنه توضح كم كان الإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه ذو شخصية قوية، ولين القلب، متواضع، فهذه الحكم تعبر عن عمق أفكاره، وبلاغة قوله، والتجارب التي مر بها في حياته، ومنها:
“السيئ الخُلقُ كثير الطيشِ مُنَغصُ العيشِ“.
يصف الإمام علي رضي الله عنه في هذه الحكمة مدى طيش الرجل الذي يحمل من الصفات أبخثها، ووصفه بأنه شخص عيشته مرة، حزينة، لا خير بها، ولا راحة فيها، وهذا التوضيح من أجل وعظة الناس بأن يتحلوا بمكارم الأخلاق.
“السَخاءُ يُكسبُ المحبة ويُزين الأخلاقِ“.
يحث الإمام على رضي الله عنه الناس في هذه الحكمة أن يكونوا كرماء، والكرم لا يقتصر فقط على المال، وإنما قد يكون كرم الأخلاق، كرم القول، كرم الأفعال، فهناك العديد من الصفات التي تتزين بالكرم، وتجعل صاحبها يفوز بالمحبة، والأخلاق الطبية.
في الكرم صعود بالأخلاق إلى مكانة عالية عند الله سبحانه وتعالى، ولدى الأشخاص من حوله، لذلك التحلي بالسخاء أمر يلا بد على كل مسلم التحلي به.
اقرأ أيضًا: اقوال الامام علي في الصبر
حكم عظيمة عن الإمام على رضي الله عنه
لم ينفك الإمام على عن الإدلاء بالحكم والمواعظ التي يمكن أن يبنى عليها أسس التعامل بين الناس والتعامل في الحياة الدنيا بوجه عام، والتي منها ما يلي:
“العِلمُ مصباحُ العقلِ ويَنبوعُ الفضلِ“.
استطاع الإمام على بن أبي طالب في هذه الحكمة أن يوضح للناس بكل سهولة ولطيف الكلمات أهمية العلم،حيث إنه وصفه بالمصباح الذي ينير العقل، ما أجمل تعبيراته رضى الله عنه!.
العلم صاحب فضل على صاحبه فهو ينير له فكره، ويجعله أكثر تطلعًا وفهمًا، كما أنه يجعل صاحبه يتمتع بالذكاء، والحكمة، والكثير من الخصال الحميدة، فلم يترك الإمام علي العلم من نصيب حِكمه.
“اللَّجاجُ يكبو براكِبهِ ويَنبو بِصَاحِبهِ”
في هذه الحكمة توضيح لمدى نبذ الخصومة التي التي تقع بصاحبها أرضًا، وتجعله منفورًا منه، كما أن الخصومة تؤدي بصاحبها إلى الأرق وكثرة التفكير التي قد تؤدي به إلى عدم النوم، فما الخصومة إلا قلق لصاحبها لا غير ذلك، ويجب أن يبتعد كل مسلم عن تلك الصفة السيئة التي تسبب الأذى لصاحبها.
بعض حكم الإمام عن محاسن الأخلاق
أكثر أمير المؤمنين من تقديم الحكم والأقوال ذات التعاليم الدينية، والحياتية لمن حوله، من أجل أن يحقق لهم الاستفادة في كيفية التعامل مع الناس، كما أن كان له العديد من الحكم الخاصة بالصفات الحميدة، فمن حكم على رضي الله عنه في الصفات والخلق الحميدة:
“الكمال في ثلاثٍ: الصبرُ على النَّوائبِ، والتورعِ في المطالبِ، وإسعافِ الطالبِ”
أوضح الإمام على رضي الله عنه في هذه الحكمة أن من يريد أن يتحلى بالكمال، على الرغم من أن الكمال لله وحده لا شريك له، إلا أنه يمكنه الشعور بذلك من خلال اكتساب 3 صفات.
الأولى أن يتحلى الإنسان بالصبر على الشدائد والصعوبات التي يواجهها في حياته، والمصائب التي يضعها الله في طريق الإنسان من أجل حكمة لا يعلمها غيره سبحانه وتعالى.
الثانية اكتساب الورع، والورع يعني التعفف والشرف، وتجنب ارتكاب الآثام، وفيما يخص المطالب فيقصد أنه يجب على الإنسان أن يكون مُتجملًا لطيفًا في طلب الرزق من الله، وأن يتمعن في طلبه ويكون مُلحًا به.
الثالثة أن يكون لديه سرعة الحضور، ويُجيب طلب الذي يحتاج إلى مساعدته دون أن يجعله مُلحًا في ذلك.
“أحسِن العِشرةَ واصبِر على العُشرةِ وانصِف مع القُدرةِ”
نصح أمير المؤمنين في حكم الإمام علي رضي الله عنه المسلمين أن تكون عشرتهم مع من حولهم طيبة، جميلة، وهادئة، تملك من الصفات الحسنة أجملها، كما أنه نصحهم بالصبر على المصائب، والثقة بالله سبحانه تعالى.
أما عن أنصف مع القدرة يُقصد بها هنا تقاسم الأمال مع الغير، وهناك أقوال تدور حول انصاف الغير أي ما يخص انصاف المظلوم عند القدرة على فعل ذلك.
اقرأ أيضًا: حكم عن الدنيا والحياة
أقوال أخرى عن محاسن الأخلاق
لم يزل الإمام على رضي الله عنه يزيدنا من أقواله العصماء حول فضل محاسن الاخلاق ومدى تأثيرها على الفرد والمجتمع بشكل عام، ومن أقواله رضي الله عنه ما يلي:
“إفعل الخَيرَ ولا تُحقٌر منهُ شيئًا، فإن قَليله كَثيرٌ، وفاعلهُ محبُورٌ”
أوضح في هذه الحكمة أن الشخص الذي يريد فعل الخير، عليه فعله كاملًا وعدم الأخذ منه أو النقصان به، فمن يرى أن أخذ القليل من الخير لن يؤثر مع أحد فهذا ظن خاطئ، من يحتاج إلى الخير يُعد له القليل منه كثير.
وصف فاعل الخير كاملًا أنه شخص كريم، وصاحب نعمة، ويتحلى بمحاسن الأخلاق.
“أكرِم نفسك ما أعانتك على طاعةِ اللّه، وأهِن نفسكَ ما جَمحَت بكَ على المعاصِي“.
وصى الإمام على رضي الله عنه الإنسان على نفسه، وقد تبين ذلك من خلال حكم الإمام على رضي الله عنه، وطلب منه أن يكرمها ويعزز من شأنها ما دامت تشُدَهُ نحو طاعة الله، وعمل الخير.
كذلك وإهانتها وذلتها والتقليل منها عندما تركض بيه نحو المعاصي والذنوب، وصى الإنسان أن يكون رقيبًا على نفسه في فعل الخير والبعد عن الذنب.
“إصحب أخَا التُقى والدين تَسلم واسترشدهُ نَغنَم“.
أهم ما يجعل الإنسان على خلق، أو ذو أخلاق سيئة رفيق الدرب، وصاحب الطريق، لذلك لم ينسى الإمام على ذكر الخلق من جانب الأصدقاء، فهم من يسحبون الإنسان إلى الطريق الصحيح والعكس.
كُن حذرًا عند اختيار الصديق، ففي محاسن أخلاقه صلاح لسانك، وفي سوء أخلاقه ذنبٍ لكَ وبُعد عن طاعة الله سبحانه وتعالى.
حكم الإمام علي عن الدار الآخرة
أراد أمير المؤمنين بالمسلمين خيرًا، وأراد أن يكونوا من أهل التُقى والإيمان بالله –عزَّ وجلَّ-، لذلك قدم لهم حكم تخص الاعمال التي يترتب عليها منزلهم عند الله، والتي تجعلهم يجدون في الآخرة من حصيلة أعمالهم في الدنيا خير الأمور وأشرفها، فمن حكم الإمام علي رضي الله عنه فيما يخص الآخرة:
“آمر بالمعروف تكُن من أَهلِهِ وانكِر المُنكرَ بيدكَ ولسانِكَ وبايِن من فعلِهِ بِجُهدِك”
نصح الإمام على أن يتبع المسلم قانون الآخرة، فاتباعه رحمة، وهو الأمر بالمعروف عن طريق أن يقوم الإنسان بتوجيه من حوله نحو عمل الخير، وذلك بالقول الحسن.
كما أمرهم أن ينهوا عن فعل المنكر، والمنكر هو قبيح الأمور التي قد يقوم بها الإنسان وتؤدي به إلى الهلاك في الآخرة، لذلك يجب النهي عن القيام بها.
كما طلب منه أن يجاهد نفسه وعمله السيئ، ويبتعد عن قبيح الأمور التي قد تؤدي به إلى الدمار، والهلاك يوم يقوم الحساب.
اقرأ أيضًا: اقوال الامام علي عن الاخلاق
حكم الإمام على عن الموت
الدنيا فانية، تفتنك لمحاسنها إلى أن تكتشف مدى زهدها، أدرك الإمام على تلك الحكمة مبكرًا، وكان له من الحكم والأقوال بها مالا يعد ولا يحصي، ومنها ما نذكره كالآتي:
“إزهد في الدنيا واعزِف عنها وإياكَ أن يَنزِل بكَ المَوتُ وقَلبكَ مُتعلقٌّ بشيءٍ منها فتهلكِ”
زُهد الإنسان في الدنيا أمر ضروري، وما قام الإمام على بذكره في هذا الامر أن التعلق بها زيف ويؤدي بصاحبه إلى الهلاك، وحذر الإمام على من أن يموت المرء وقلبه مُتعلقًا بشيءٍ بها، والأفضل أن يتعلق القلب بالآخرة والجنة، ويُرتب أفعاله على ذلك الأساس، ففي الدنيا هلاك في المحيا والممات.
“إجعل من نَفسِكَ على نَفسِكَ رقيبًا، واجعل لآخرتكَ مِن دُنياكَ نصيبًا“.
لا يوجد أفضل من أن يكون الإنسان رقيبًا على نفسه، حث الإمام على أن يكون الإنسان رقيبًا على نفسه في جميع أعماله، ويُحاسب نفسه قبل التوجه إلى حساب الله سبحانه وتعالى.
كما كان يقصد بجعل نصيب في الدنيا للآخرة بأن يعمل الإنسان في دنياه ما يجعله هنيئًا، مسرورًا بفوزه في الآخرة بالجنة ونعيمها، هكذا يستطيع الإنسان التحكم في آخرته، إما أن يسعد، أو يهلك.
“أطع الله سبحانهُ وتعالى في كل حالٍ ولا تُخِل قلبك مِن خَوفِه ورَجائِهِ طُرفةَ عَينٍ، والزم الإستغفارَ“.
نصائح وحكم الإمام علي رضي الله عنه ما زال الناس يسترشدون بها إلى الآن في حياتهم، من أجل التوجه نحو الطريق المستقيم، وترك الدنيا بما فيها من مُغريات، واتباع المعاصي والشهوات.
فقد كان دائم التذكير لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، أن يستغفروا ربهم عما بدر منهم من معاصي، وأن يطيعوا الله سبحانه وتعالى، كما حثهم على أن يكون قلبهم دائمًا مشغولًا بطاعة الله والخوف منه، وطلب العفو والسماح دائمًا.
كما أنه كان دائمًا يذكرهم من خلال حكمهأن يُجددوا توبتهم باستمرار، حيث إن الإمام على رضي الله عنه كان دائمًا يُجدد توبته، ويكررها في اليوم مرات آلاف المرات، وكان يحث الناس على فعل ذلك مثله.
نصائح الإمام على في أمور الحياة
كان الناس لا يستطيعوا السير في الدنيا دون الاسترشاد بحكم الإمام علي رضي الله عنه، حيث إنه كان يُرشدهم لجميع أمور الدنيا وعظيمها، مما يجعلهم مُدركين لما يفعلوه من خير أو شر، صلاح أم ميل حال، حلال أم حرام.
فقد كان يُقدم لهم النصائح من خلال حكمه، واستطاع أن يوضح كيفية التعامل مع الغير في غيبته، وكيفية الالتزام بالأخلاق الحميدة أثناء التعامل مع الآخرين، واتضح ذلك في حكم الامام على بن أبي طالب الآتية.
“إلزَمَ الإخلاصَ في السرَّ والعلانيةِ، والخشيّةَ في الغيبِ وَالشهادةِ، والقَصد في الفَقرِ والغِنى والعَدلَ في الرضا والسَخطِ“.
من حكم الإمام علي رضي الله عنه في طيب المعاملة مع الناس هذه الحكمة، وأوضح المعاملة الحسنة من خلال التحلي بالإخلاص في التعامل مع الشخص وجهًا لوجه، وعند مجيء سيرة الشخص في غيابه.
كما كان لنصائح الآخرة نصيب من هذه الحكمة وذكر بها ضرورة الخوف من الله في جميع الأمور الظاهر منها والباطن، ومنهم شهادة الحق، والنميمة، حذر الناس من الاقتراب منهم في أمور حياتهم.
كذلك فمن حكم الإمام علي رضي الله استطاع أن يوجه الناس نحو طلب العون من الله سبحانه وتعالى في جميع أمور الحياة، وفي جميع الأوقات.
لأنه في الأغلب يتوجه الشخص نحو الله سبحانه وتعالى في الأمور العسيرة فقط، ووقت طلب الحاجة فقط، حذر الإمام على من ذلك، ووجه الناس إلى ضرورة الاستعانة بالله في جميع الأوقات والحالات.
كما استطاع لفت النظر إلى تحقيق العدل في جميع مواقف الحياة، في المواقف التي يكون راضيًا فيها عن فعل من أمامه، وفي المواقف التي يكون فيها غير راضيًا عما يدور أمامه، ولكن العدل أساس المُلك، إذا استطاع أن يحكم الإنسان في أمور حياته بالعدل، استطاع أن يملك خير الأمور في الآخرة.
معرفة مقصد العدو على طريقة الإمام على رضي الله عنه
لم تقتصر حكم الإمام على رضي الله عنه على أمور الآخرة، أو اكتساب الأخلاق الحسنة فقط، وإنما استطاع أن يقدم للإنسان طريق اكتشاف ما يستهدفه العدو في حياته، وهذا ما توضحه الحكمة القادمة:
“استشر أعداءك تَعرِف من رأيهم مِقدارَ عَداوتهِم وَمَواضِع مقَاصِدهم”
خير الحكم التي يستطيع الإنسان أن يسترشد بنورها في معرفة من يحبه، ممن يعاديه، أصبح الآن مُنتشر بكثرة الأشخاص الذين يُظهرون محبتهم، ولكن في الداخل يُكنون من العداوة أضعاف.
كما أن هناك العديد من الحاقدين الذين يودون أن تصل الأمور إلى أسوأها مع ممن يبتسم إليهم الحظ، وتحلو لهم الدُنيا، ويتمنون لو تزول النعمة من بين أيديهم.
لذلك استطاع الإمام على تقديم الحكمة التي تكشف سر العدو وهدفه، أو ما يقصده من عداوته، وبمعنى أوضح سبب العداوة.
حيث إن الشخص يمكنه الاستعانة برأي من يعرف أنه يُعاديه في بعض أمور حياته السطحية، والتي تظهر بشكل عام للجميع، وهنا سوف تُسيطر على العدو مشاعر الغل والحقد، وسوف يظهر سبب مقصد عداوته أثناء حديثه ونصحه لمن يُعاديه.
اقرأ أيضًا: حكم عن الظلم
بعض التحذيرات للإمام علي رضي الله عنه
حكم الإمام علي رضي الله عنه لا حصر لها، ويوجد بها جميع أمور الحياة التي يحتاج بها الإنسان إلى النصح والإرشاد، إذا استطاع الفرد أن يجمع بين قراءته للقرآن الكريم وفهمه وإدراكه، والسير على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاستعانة بحكم الإمام على استطاع أن يفوز في الدنيا بالعمل الصالح، وفي الآخرة بالجنة بإذن الله.
يجب الأخذ بالتحذيرات التي نهى عنها الإمام على فجميعها تصب في مصلحة الفرد، وتعود عليه بالنفع في الآخرة، ومنها:
“إحذر مِن كُل عَمل يُعملُ في السِر ويُستحى مِنهُ فِي العلانيَةِ“.
الأمور التي يقوم بها الإنسان في الخفى أمور ضالة، رذيلة، وأفعال سيئة يجب عليه تجنب فعلها، فالأمور التي تحدث في العلن، أمام الجميع دون الخوف من عواقبها تُعد من الأمور الحسنة.
الكثير من الأشخاص يقصدون في قولهم أن الخطأ يمكن فعله أمام الناس، فليس الأشخاص هم من يُحاسبون، وإنما الحساب من الله ولا يستحيون فعل الخطأ في العلن، فليس ذلك الفعل ما يقصده الإمام على بن أبي طالب في نُصحه.
“إحذر أن يخدَعكَ الغرور بالحائِل اليسير أو يستزِلَّكَ السُّرُورُ بِالزائِل الحقير“.
حذر الإمام على في الحكم التي قدمها للمؤمنين من أن يأخذهم الغرور ويستهينوا بسهولة الحال الذي يعيشون به، فدوام الحال من المحال، وهذه الامور جميعها بيد الله، فلا داعي للغرور، أو يكون الإنسان ذليلًا للفرحة بالشيء الزائل المنتهي.
“الحذر الحذر أيُها المَغرور واللهِ لقَد سَتَرَ حَتَّى كَأنَّهُ قَد غَفَرَ”
تنتشر بين البشر في ذلك الوقت ظاهرة الغرور رغم ارتكاب المعاصي، فبأي تفكير يصل الإنسان إلى هذه المرحلة، يكون المُذنب غارقًا في ذنوبه، ويتعالى ويتكبر على الاستغفار والعودة إلى الله والتوبة عن ذنبه، وهذا التحذير خاص لهؤلاء الناس.
لا تتعالى ولا تغتر على من حولك، فلولا ستر الله ما استطعت النظر في عين حشرة، اتقِ الله في نفسكَ وكُن مُتواضعًا، مُنحنيًا لله، مُتغفرًا عن ذنوبك، فالاستغفار والتوبة أولى من التباهي والتعالي على الخلق.
حكم أخرى مُجمعة للإمام علي رضي الله عنه
كثُرت التحذيرات، كما كثُرت نصائحه وحكم الإمام علي رضي الله، وهذه الحكم ألبسها أمير المؤمنين ثوب التحذير، خوفًا على المؤمن من عقاب الله، ويجب الاسترشاد بها في أمور الحياة العامة، وتحقيق حياة هادئة مطمئنة، وهي:
- إياكَ وفعل القبيح فإنه يُقبح ذكرك ويُكثر وزرك.
- إياكَ والعجل فإنه عنوان الفوت والندم.
- إياك معاشرة الأشرار فإنهم كالنار مُباشرتها تحرق.
- إياك والغضب فأوله جنون وآخره ندم.
- إياك أن تُخدع عن صديقك أو تُغلب عن عدوك.
- إياك ومعاشرة متتبعي عيوب الناس فإنه لم يسلم مصاحبهم منهم.
- إياك والظلم فمن ظلم كرهت أيامه.
- إياك والهذر فمن كثر كلامه كثرت آثامه.
- إياك والسفه فإنه يوحش الرفاق.
- إياك والغدر فأنه أقبح الخيانة، إن الغدر لمهان عند الله بغدره.
- إياك وانتهاك المحارم فغنها شيمة الفساق وأولى الفجور والغواية.
- إياك والجفاء فإنه يفسد الإخاء ويمقت إلى الله والناس.
- إياك والمجاهرة بالفجور فإنه من أشد المآثم.
- إياك والخديعة فإن الخديعة من خلق اللئيم.
- إياك أن تسلف المعصية وتسوف بالتوبة فتعظم لك العقوبة.
أنواع الظلم من حكم الإمام علي رضي الله عنه
حكم الإمام علي رضي الله عنه شاملة وكاملة، ففي الحكمة التي سوف نقوم بعرضها، توضيح شامل لجميع أنواع الظلم التي قد يمارسها الإنسان مع توضيح عقوبة كل نوع على حدى.
“ألا وإن الظلم ثلاثةٌ فظُلم لا يٌغفر، وظُلم لا يُترك، وظُلم مغفور لا يُطلب، فأما الظلم الذي لا يُغفر فالشرك بالله، وأما الظلم الذي يُغفر فظلم المرء نفسه عند بعض الهنات، وأما الظلم الذي لا يُترك فظلم العباد بعضهم بعضًا، العقاب هنالك شديد ليس جرحًا بالمدى، ولا ضربًا بالسياط، ولكنه ما يُستصغر ذلك معه“.
أوضح الإمام علي رضي الله عنه في هذه الحكمة أنواع الظلم المختلفة، يظن بعض الأشخاص أن الظلم درجة واحدة يُمارسها الفرد طوال حياته.
لكن ما ذكره الإمام علي كان له الحكمة والعظة في ذلك الأمر، أول نوع يمارس فيه الفرد الظلم هو الشرك بالله، وعدم التوحيد به، يمكن أن يغفر الله سبحانه وتعالى ما يريد لمن يريد في أي وقت يُريده إلا لمن يُشرك به.
أعظم الكبائر هي الشرك بالله، والشرك يأتي بعد الإيمان عن يقين وانقلاب من حال حسن إلى حال قبيح، ولكن من كان مُشركًا وتاب وآمن بالله غفر الله له شركه به، وجعل الله ذلك الفعل في ميزان الحسنات.
أما النوع الثاني فهو ظلم الإنسان لنفسه، وقد يغفر الله ذلك الظلم للإنسان وقد لا يغفره، وذلك بناءً على نوع الظلم الذي وضع به الإنسان نفسه، ليس مبررًا لظلم الإنسان بأن الأذى لا يقع بغيره، ولكن لنفسه عليه حق، وسوف يُحاسب من الله على كل كبيرة وصغيرة فعلها بحق نفسه.
أما النوع الثالث هو ظلم العبد لعبد مثله، وهذا الذنب لا يُترك ولا يُغتفر لحين أن يقوم الإنسان المظلوم بمسامحة من ظلمه، وقد لا يُغفر أيضًا.
كما أنه قد ذكر العذاب بأنه لم يكن جرح بالمدى، والمدى هو السكين، أو ضرب بالسياط، ويقصد بالسياط الجلد، وذكر أن العذاب سوف يكون أعظم من ذلك.
السيرة الذاتية لأمير المؤمنين
في إطار حديثنا عن حكم الامام علي رضي الله عنه يجب العلم الكافي بالمعلومات الخاصة به فهو من قام بتقديمها وتوفيرها من أجل الأخذ بيد المسلمين إلى الجنة، وتحقيق النفع لهم في أمور حياتهم، وتغيير أخلاقهم إلى الأفضل.
اسم أمير المؤمنين كاملًا: علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، وكان شهرته: على بن أبي طالب الهاشمي، والكنية أبو الحسن، وأبو الحُسين.
يمتد نسبه إلى القرشي، الهاشمي، وكان صحابيًا، وعاش في المدينة، وفي الكوفة، وأيضًا مكة، ومات في الكوفة وهو يبلغ من العمر 40 عامًا.
نبذة عن غزوات علي بن أبي طالب
شارك الإمام علي بن أبي طالب في جميع الغزوات، وذلك ما ساعده على وصف ما مر به من حياته، وتقديم الحكم والمواعظ من خلاله، حيث إن على رضي الله عنه شارك في الغزوات التالية:
- غزوة بدر: كان عمره 20 سنة، وشغل لواء جيش المسلمين في هذه الغزوة، وساهمت في كتابة الكثير من حكم الإمام علي رضي الله عنه.
- غزوة أحد: شغل لواء جيش المسلمين بعد استشهاد مصعب بن عُمير رضي الله عنه، ودافع فيها عن الرسول.
- غزوة حمراء الأسد: كان علي بن أبي طالب مُستجيبًا لدعوة النبي منذ الانتهاء من غزوة أحد، وحمل راية المسلمين بعدها.
- غزوة بني النضير: استطاع الإمام علي بن أبي طالب في هذه الغزوة قتل أحد زعامات اليهود وكان اسمه عزوك.
- غزوة الخندق: تمكن فيها علي بن أبي طالب قتل أشهر الفرسان وكان اسمه عمرو بن عبد ودّ العامري.
- غزوة بني قريظة: كان قائدًا للمسلمين وحمل راية الإسلام.
- غزوة خيبر: استطاع الإمام على بن أبي طالب أن يُقاتل حتى النهاية في هذه المعركة.
- صلح الحديبية: رفض فيها على ابن أبي طالب محو كلمة “محمد رسول الله” الذي كان المشركين يرفضونها.
اقرأ أيضًا: حكم ومواعظ اسلامية قصيرة
صفات الإمام على رضي الله عنه
تمتع الإمام على بن أبي طالب بالعديد من الصفات النبيلة، التي قد تبينت في حكم الإمام علي رضي الله عنه، ومواقفه في الغزوات، واتصف بـ:
- اتصف بالشجاعة التي شهدتها الميادين في الغزوات.
- كان صاحب علم، ويتمتع بالفقه العميق للقرآن والسنة.
- كان يتصف بالحكمة، والعدل.
- كان يتميز بحسن الكلام في الخُطب.
- تتميز كلماته بالسحر والبلاغة.
- تميز بالتقوى، وشدة الإيمان، والعفة، والشرف.
- عُرف عنه الصدق، والورع، والحياء.
كان الإمام على بن أبي طالب يتمتع بالوجه الذي يُشبه القمر، وجمال العينين، واللحية الكثيفة، والبطن الضخمة، وليس بالطويل ولا بالقصير.