هل الصدقة تدفع شر الحلم
هل الصدقة تدفع شر الحلم؟ وما هي الأعمال التي يمكن أن يقوم بها المسلم لتدفع عنه شر الأقدار؟ الصدقات من الأمور التي تساعد الإنسان على دفع الهموم كما ذكر الله تعالى فيه القرآن والأحاديث النبوية، لذا يُبين موقع زيادة إن كانت الصدقة تدفع شر الحلم أم لا؟
هل الصدقة تدفع شر الحلم
تبعًا لقول الرسول صل الله عليه وسلم: صنائعُ المعروفِ تقي مصارعَ السوءِ والآفاتِ والهلكاتِ، وأهلُ المعروفِ في الدنيا همْ أهلُ المعروفِ في الآخرةِ.
فإن الصدقات من الأشياء التي تُفرج الهموم وتثقل الموازين يوم القيامة للمؤمن.
لم يثبت أن الأحلام التي تراود الرائي تكون حقيقة أو دلالة على التحقيق في المستقبل، وإنما قد تكون أضغاث أحلام من الشيطان.
عن الرسول صلى الله عليه قال: “الرؤيا الصالحةُ مِنَ اللهِ، والرؤيا السوءِ مِنَ الشيطانِ فمن رأى رؤيا فكرِهَ منها شَيْئًا فلْيَنْفُثْ عنْ يسارِهِ وليتعوذْ باللهِ مِنَ الشيطانِ فإِنَّها لَا تَضُرُّهُ ولَا يُخبِرْ بها أحدًا. فإِنْ رأى رؤْيا حسنةً فلْيُبَشِّرْ وَلَا يُخْبِرْ بها إلَّا مَنْ يُحِبُّ”.
لذلك لا يجب أن يجزع المؤمن عند مشاهدة أحد الرؤى التي تجعل قلبه مرتاع، إنما عليه أن يطمئن من أن الصدقات والذكر والاستيعاذ من الشيطان تقيه مما يخاف ويحذر.
اقرأ أيضًا: أحاديث عن الزكاة والصدقة
أنواع الصدقات
أولًا: الصدقة الطوعية
1- الصدقة الجارية
الصدقات تشمل كل أنواع العطاء الذي يقوم المسلم بها مهما كان شكله سواء كان مادي أو معنوي، فالصدقة الجارية هي التي تظل مستمرة ولا تنقطع أملًا في أن يكون ثوابها من الله مًستمر إلى قيام يوم الدين، فهي لها أشكال عِدة.
- مساعدة الأرامل واليتامى.
- الآبار الجارية.
- وصلات المياه.
- كفالة يتيم.
- المساهمة في بناء بيوت لمن لا ملجأ لهم.
- بناء مسجد.
هناك العديد من الصدقات التي لا يمكن حصرها، ولكن يجب العلم أن كل الصدقات تقرب العبد من الله وتجعل ذكره بين الملائكة حاضرًا ومستمر.
2- الصدقة المعنوية
هناك حديث صحيح عن الرسول صل الله عليه وسلم يقول فيه: “كلُّ سُلامى مِن النَّاسِ عليه صدقةٌ: كلَّ يومٍ تطلُعُ عليه الشَّمسُ يعدِلُ بينَ اثنينِ ويُعينُ الرَّجلَ في دابَّتِه ويحمِلُه عليها ويرفَعُ له عليها متاعَه ويُميطُ الأذى عن الطَّريقِ صدقةٌ”
لذلك كل أمر يقوم به المؤمن بنية الصدقة يقوم الله تعالى بمنحه الحسنات عليها وكأنها صدقة؛ لذلك يجب الحرص على وضع النيات قبل القيام بالأعمال الخيرية حتى يقوم الله بإكرام المؤمن ورفع درجته في الجنة يوم القيامة.
ثانيًا: الصدقة الواجبة
الزكاة ليست صدقة فمن دفع صدقة لا تسقط عنه فريضة الزكاة، حيث تُعد ركن ركين من أركان الإسلام الخمسة، ومن وجبت فيه شروط الزكاة كان حقًا عليه أن يؤدي حقه فهي دين عليه حتى بعد وفاته.
اقرأ أيضًا: على من تجوز الصدقة
فيمن وجبت فيهم الصدقة؟
ذكر الله في كتابه العزيز في العديد من المواطن ما يخبرنا فيه عن الأشخاص الذين وجبت فيهم الزكاة؛ حتى يقوم المسلم بإعطائها لهم عند اكتمال النصاب في وقت الفطر.
قال الله تعالى في الكتاب العزيز: “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)”
لذلك الصدقة وجبت على كل من الفقراء، المساكين، الغارمين، ابن السبيل، العاملين على الصدقات.. واختلف أهل التأويل في الصفة بين الفقير والمسكين.
حيث إن الفقير متعفف لا يسأل الناس كما قال الله تعالى: “لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ”
أما المسكين هو الذي يحتاج ولكنه من الطوافين الذين يقومون يسأل الناس، ابن السبيل المسافر في البلاد لا يملك ما يعينه على تغطية حاجاته الأساسية، وليس شرطًا أن يكون محتاجًا في الأساس وإنما انقطع عنه مصدر الرزق الذي كان يعينه.
اجتمع الأئمة بالإجماع على أنه يجوز إعطاء الذين يسعون لتوصيل الصدقات لمستحقيها جزء من مال الصدقة سواء كانوا فقراء أم غير ذلك، ولكن اختلفوا في القدر الذي يؤخذ منه فمنه من قال الثمن ومنهم من أجاز بقدر عمله.
المؤلفة قلوبهم كما ذكر ابن باز بالاتفاق مع الأئمة أنهم الشخصيات الرئيسة من غير المسلمين، وقد أجز الله إعطائهم الصدقة ليتألف قلوبهم على الإسلام وكأنها من طرق الدعوى إلى الله.
في الرقاب هم المعتوقين من الرق بإجماع الجمهور.. بينما الغارمين من المسلمين استحقوا الصدقة، ما داموا قد استدانوا في غير معصية الله، يجب التنويه أن كل ما ينفق لعزة الإسلام ونصرته يكون صدقة من المنفق.
أثر الصدقة في الدنيا
الميزة في الصدقة أنها تساعد جميع الأطراف من المتصدقين والمتلقين للصدقة، حيث إن المتصدق يشعر بأنه يقوم بالأعمال التي تقربه إلى الله وهذا يجعله في شوق إلى الاستزادة من الأعمال الحسنة.
- المتلقي للصدقة يصله شعور المؤاخاة بينه وبين أخوه المسلم من جراء المساعدة المعنوية والمادية التي يتلقاها.
- تدفع الصدقة دائمًا شر القضاء الذي قد يصيب المؤمن، فإنها تعمل كحائط منيع عن جميع الأخطار التي قد تصبه من حسد أو من موت الفجأة أو خلافه.
- عندما يعلم المؤمن أن كل ما ينفقه المؤمن لا يضيع هباءً، وإنما يجمعه الله له ليرفع عنه بلاء أو يثقل به موازينه في السماء.
- الصدقة من مطهرات الذنوب وكأنها تغسل كل ما يقوم به العبد من زلات أو معاصي في حق الله وفي حق نفسه.
- من أجلى القصص التي يجعلها المؤمن نصب عينيه ليعلم أن الصدقات تعين المؤمن ولا تنقص من ماله هي قصة هابيل وقابيل، وأن هابيل عندما قدم إلى الله الصدقة من أفضل وأثمن الخراف تقبله الله في السماوات ورفع قدره بين أهل الأرض إلى يوم القيامة.
فضل الصدقة في القرآن
الصدقة بركات، هذه هي الحكمة التي توارثناها من أجدادنا بأن كل معسر يجب عليه التصدق ليقوم الله بتفريج كرباته.
كما في قول الله تعالى:(مثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) فيجب الإيقان أن الله لا يغفل عن الصدقة التي تقوم بها ويضاعفها لمن يشاء بحسب علمه وتدبيره.
من أهم الأمور التي لا يغفل عنها المؤمن ما من عمل صالح يقوم به، إلا المؤمن كان له نورًا في قبره يقيه ويحميه عند سؤال الملكين، ويساعده على أن يكون قبره روضة من رياض الجنة رحبة واسعة لا ضيق فيها ولا حزن.
تأكد بأن الله يعلم كل ما تنفق ويشاهدك ويكتب عنده كل ما تقوم به خالصًا لوجه الكريم وأكد الله هذا في كتابه: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ۗ)
يكمل الله في كتابه يخبرنا أن الصدقة في العلن عظيمة ما دامت النية فيها خالصة لله، والصدقة في السر أعظم حتى يتأكد المسلم أن ما في قلبه خالصًا كله لله لا رياء فيه ولا كبر.
الصدقة تكون كحاجز وظل للمؤمن يوم القيامة، تقيه من حر الآخرة وتميزه على رؤوس الخلائق.
قال رسول الله صل الله عليه وسلم: (ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ).
اقرأ أيضًا: حديث عن الصدقة في السر
الإحسان في الصدقة
من أفضل الأعمال التي قد يقوم بها المسلم أن يُحسن وهو يقوم بهذه الأنواع من العبادات، فتأسيًا بالسيدة عائشة رضي الله عنها والتي كانت تقوم بتعطير النقود قبل أن تتصدق بها؛ ليشعر المُحتاج بأن الصدقة لم تكن باليد وإنما خرجت بصدق من قلبه.
قال الله تعالي: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) وهذا من أسمى ما يقوم به المؤمن.
هناك العديد من المتصدقين يقومون بإخراج صدقات من أفضل أنواع الأطعمة التي يفضلونها، وآخرين يقومون بإخراج أنواع الطعام الباهظ الذي لن يستطيع المحتاج أن يشتريه.
كل هذه الأعمال ترفع من شأن المؤمن، وتجعل ذكره على رؤوس الأشهاد يوم القيامة عاليًا، فيتلقى كتابه بيمينه فرحًا بالأعمال الصالحة التي قام بها في الحياة الدنيا، ويظن الخلائق أنه لم يذنب قط، ولكن الله قد ستره ورفع قدره لم قام من أحمال حسنة تقربه إلى الله وتقربه إلى فردوس الله الأعلى.
ما دمت تقوم بعمل الخير في النهار وتتحرى الصدق وفعل ما يقربك من الله تأكد أنك في حفظ الله ورعايته، ومادامت قد استودعت الله نفسك ومالك وعرضك فأنت في معية الله.